أثار قرار لجنة الانتخابات العليا (YSK) بإعادة الانتخابات البلدية في إسطنبول مناقشات حامية منذ إعلانه، إذ سارعت المعارضة لانتقاد القرار، في حين دعا حزب العدالة والتنمية الحاكم وحليفه حزب الحركة القومية الجميع إلى احترام القرار القضائي. ومع ذلك، وفقًا للخبراء، لا يجب التعامل مع القرار على أنه صراع سياسي أو أيديولوجي لأنه لم يكن نتيجة تفضيل أحد الطرفين على الآخر، بل كان نتيجة للعملية الديمقراطية ويجب الاعتراف به واحترامه من قبل جميع الأحزاب بغض النظر عن انتماءاتهم السياسية.
ويمكن حصر المخالفات القانونية التي اعترت العملية الانتخابية في نوعين رئيسيين وهما، مخالفات قانونية تمت أثناء اختيار رؤساء صناديق الاقتراع، ومخالفات قانونية مرتكبة في قوائم تعداد وفرز الأصوات.
المخالفات القانونية التي تمت اثناء اختيار رؤساء صناديق الاقتراع:
بموجب قانون الانتخابات المعدل سنة 2018 يشترط ان يكون رؤساء صناديق الاقتراع وعلى الاقل أحد اعضاء اللجنة موظف حكومي (بشرط ان لايكون عسكريا)، وعلى هذا الاساس تسلم ادارة المنطقة (مديرية المنطقة والمحافظة) قائمة الموظفين الحكوميين العاملين داخل المنطقة لهيئة الانتخابات في المنطقة.
وعليه تقوم هيئة الانتخابات في المناطق بتعيين رئيس صندوق الاقتراع والموظف الحكومي في لجنة صندوق الاقتراع وذلك عن طريق القرعة.
ولكن في الانتخابات المحلية التي جرت في 31 مارس 2019 تم تثبيت انتهاكات واضحة وصريحة لأحكام هذه المادة في مدينة إسطنبول.
حيث يوجد 31280 صندوق اقتراع في إسطنبول وهذا يعني أن هناك 31280 رئيس لجنة اقتراع و31280 عضو هيئة الصندوق مع ضرورة اختيارهم من الموظفين الحكوميين.
وبحسب أرقام الهيئة العليا للانتخابات التركية فان 4466 من الأشخاص المكلفين لا يحق لهم بحكم القانون أن يكونوا رؤساء لجنة اقتراع وكذلك لايجوز حسب القانون لـ 13098 شخصاً أن يكونوا أعضاء في لجان الاقتراع.
المخالفات القانونية المرتكبة في قوائم تعداد وفرز الأصوات:
لوحظ في 31280 صندوق اقتراع في انتخابات بلدية إسطنبول مخالفات قانونية جسيمة تتضمن أوراقا غير مختومة وقوائم ناقصة وأخرى غير رسمية، وأشخاصا مقيدين بلا أرقام وغيرها.
أسباب اتخاذ الهيئة العليا للانتخابات قرار إعادة الانتخابات في إسطنبول:
أثبتت الهيئة العليا للانتخابات ضياع عدد من قوائم تعداد وفرز الأصوات وتسجيلها في نظام الهيئة العليا للانتخابات بشكل فارغ في 22 صندوقا تم تعيين رئيس مجلس الصناديق والموظفين المسؤولين عنها بصورة غير قانونية.
كما ثبت تسجيل قوائم تعداد وفرز الأصوات في نظام الهيئة العليا للانتخابات بدون توقيع وبدون الختم ومع النقص في كتاباته في 101 صندوق وقد تم تعيين رئيس مجلس الصناديق والموظفين المسؤولين عنها أيضاً بصورة غير قانونية.
إن عدد صناديق الاقتراع التي تمت فيها المخالفتان مقارنة بالقانون هو 123 صندوق. ومجموع عدد الأصوات في هذه الصناديق هو 42000 صوت.
لقد حكمت الهيئة العليا للانتخابات بأن لوائح الأصوات البالغة 42000 صوت والناتجة من الصناديق 123 والتي تمت فيها المخالفات الخاصة بتعيين رئيس هيئة الصندوق من غير موظفي الدولة بطريقة غير قانونية وكذلك عدم وجود قوائم وفرز الأصوات أو وجودها بشكل فارغ في الصندوق لذا قررت الهئية بأنه من غير الممكن فحص ومراقبة هذه اللوائح مما أدى إلى أن تصبح هذه اللوائح مشكوك فيها.
إن فرق الاصوات بين المرشحين في انتخابات بلدية إسطنبول الكبرى هو 13729 صوتا ووجود حوالي 42.000 ورقة اقتراع مشبوهة من غير الممكن فحصها وتفتيشها جعلت اللجنة العليا للانتخابات تقرر بأن هذه الامور تؤثر وبشكل مباشر على نتائج الانتخابات وبذلك أصدرت قرارا بإعادة الانتخابات.
وكما هو مبين فان الهيئة العليا للانتخابات لم تقم بتقييم التعيينات غير القانونية أو المخالفات المتعلقة بـ "قوائم تعداد وفرز الأصوات"و في موضوع "رؤساء الصناديق والموظفين الحكوميين المسؤولين عنها" بصورة متفرقة وفي النهاية قررت بسبب وجود حوالي 42000 لائحة اقتراع مشبوهة من غير الممكن فحصها وتفتيشها، إعادة الانتخابات في مدينة اسطنبول.
لماذا لم يتم إلغاء انتخابات المناطق والانتخابات الأخرى؟
هناك أربعة لوائح اقتراع تم وضعها في ظرف التصويت في انتخابات إسطنبول: 1 لائحة اقتراع رئاسة بلدية إسطنبول الكبرى. 2 لائحة اقتراع رئاسة بلدية المنطقة. 3 لائحة اقتراع أعضاء مجلس البلدية. 4 لائحة اقتراع عمدة الحي. إن تقييم الهيئة العليا للانتخابات يكمن فقط في الموضوعات التي تم الاعتراض عليها. إذا أثبتت الهيئة العليا للانتخابات مخالفات قانونية فهي تنظر إن كانت هذه المخالفات
تؤثر على نتيجة الانتخابات أم لا.
أثبتت الهيئة العليا للانتخابات 42000 صوت في حوالي 123 صندوق اقتراع بعد تقييمها الاعتراضات المقدمة بخصوص بلدية إسطنبول واثنين من المناطق في إطار المخالفات غير القانونية المتعلقة أثبتت أنه قد تم "تعيين رئيس هيئة الصندوق وأعضائه من غير موظفي الدولة" وكذلك "تجهيز قوائم تعداد وفرز الأصوات بشكل فارغ أو ناقص أو بدون توقيع".
لوحظ أن 42000 صوت المشتبه فيهم في 123 صندوقا والموجودة في المناطق بعد الأخذ بعين الاعتبار بأن الفارق بين المرشحين كان 13729 صوتاً لوحظ أن هذه الأصوات المشتبه فيها تؤثر على نتائج رئاسة بلدية إسطنبول الكبرى وليس لها تأثير على نتائج انتخابات المناطق. ولهذا السبب فإن الهيئة العليا للانتخابات أعطت قراراً بإعادة انتخابات رئاسة بلدية إسطنبول الكبرى ولم تعط نفس القرار بخصوص انتخابات المناطق.