عشرون عاما مرت على مأساة الحادي عشر من سبتمبر/أيلول، اليوم الذي يمثل صفحة سوداء في كتب التاريخ لأنه أدى في عام 2001 إلى موت مئات الأبرياء في نيويورك، ومن ثم أدى موتهم إلى مقتل الآلاف من الأبرياء الآخرين الذين عاشوا على هامش تلك الأحداث حول العالم.
ومنذ ذلك الحين مات الكثير من الأطفال والنساء والشيوخ الأبرياء في أفغانستان والعراق خلال عمليات التدخل الأمريكية التي أعقبت أحداث 11 سبتمبر/أيلول. كما تصاعدت ظاهرة الإسلاموفوبيا على إثر تلك الأحداث وأصبحت حياة المسلمين أصعب في جميع أنحاء العالم الذي صار أكثر انقساماً واستقطاباً، وتدهورت قيم العولمة والليبرالية وغزا الخوف إيقاع الحياة الحديث، وباختصار أصبح العالم أسوأ بكثير..
ومع بداية الانسحاب الأمريكي من أفغانستان تنامت الآمال بإشراقة صفحة جديدة وإغلاق صفحة التاريخ الرهيبة المتعلقة بأحداث 11 سبتمبر/أيلول، مع أن الانسحاب الذي خُطط له بمنتهى الدقة لم يكن تنفيذه منظماً بشكل جيد وترك وراءه العديد من الضحايا.
فماذا كانت نتائج الشعار الذي أطلقه بوش الإبن "الحرب على الإرهاب بدأت"؟
لقد استخدمت إدارة الرئيس الأمريكي السابق جورج دبليو بوش أحداث 11 سبتمبر/أيلول لتحقيق طموحات أكبر مما أعلن عنه. وفي إحدى خطاباته الشهيرة قال بوش: "حربنا على الإرهاب تبدأ بالقاعدة لكنها لا تنتهي عند هذا الحد. لن ينتهي الأمر حتى يتم العثور على كل جماعة إرهابية ذات امتداد عالمي وإيقافها وهزيمتها ". وبذلك شرّعت هذه العقوبة الخطيرة، العديد من الأعمال اللاإنسانية التي ارتكبها الجيش الأمريكي في الخارج وعززت الجماعات الإرهابية مثل القاعدة وداعش.
وبسبب صدمة الحادي عشر من سبتمبر/أيلول، أيد الرأي العام الأمريكي إعلان بوش "الحرب على الإرهاب" لاستخدامها بشكل تعسفي من قبل من هم في السلطة. وكان معظم الأمريكيين خائفين وطلبوا الحماية من قيادات بلادهم ما جعل الكونغرس الأمريكي يمنح بوش سلطات مفتوحة ويصدر قانون باتريوت، واستطاعت الحجج الأمنية كبح الحريات الدينية مثل الحجاب والنقاب والتعددية الفكرية أيضاً.
ولم يعد إسقاط طالبان والقاعدة كافياً للرئيس بوش بل أراد أن يذهب أبعد من ذلك فقرر مهاجمة العراق.
واليوم وبعد مرور 20 عاماً على ذلك اليوم الأسود في نيويورك، لا أحد يذكر تلك السنوات العشرين على أنها حقبة جيدة أو حتى هادئة. فالعالم بأسره شهد الكثير من الكراهية والتمييز والعنف والإرهاب.
فهل يلوح مستقبل أفضل في الأفق المنظور؟
من الصعب معرفة ذلك على وجه اليقين لكن النتائج ليست واعدة ولا تدعو لكثير من التفاؤل. وبعد 20 عاماً من الاحتلال الأمريكي لأفغانستان ها هي أزمة إنسانية كبيرة في البلاد، ولا يبدو أن إدارة الرئيس الأمريكي جو بايدن تهتم ببقية العالم، كما أننا نواجه مشكلة الوباء العالمية.
وكيف يمكن للشعب الأفغاني البقاء على قيد الحياة، مع عدم تمكن معظمهم من الوصول حتى إلى المياه النظيفة والطعام وقد سئموا من التدخل الخارجي.
وبرأيي أن الوقت حان كي يفكر الجميع كمواطنين عالميين، لأن التمييز والأنانية سوف ينعكسان علينا جميعاً. ويجب أن نجد طرقاً عالمية تتجاوز الدول لإنقاذ البشرية، وخصوصاً أن القومية العرقية آخذة في الارتفاع في الغرب، والدول الفقيرة تحتاج الوصول إلى التطعيم ضد كوفيد-19، والعالم أصبح فاقداً أكثر للأمان.
ختاماً، أشعر بالقلق على أطفالنا. وإذا لم نغير نظرتنا، فسنكون جميعاً في خطر محدق ...