تصدّر قرار الولايات المتحدة الذي أعلن عنه البيت الأبيض يوم الأربعاء، باستبعاد تركيا من برنامج الطائرات المقاتلة إف-35 عناوين الصحف، وهي خطوة لطالما هددت الإدارة الأمريكية باستخدامها ضد تركيا.
جاء القرار بعد استلام تركيا الدفعة الأولى من نظام الدفاع الجوي الروسي إس-400. إذ تزعم الولايات المتحدة أن شراء هذه المنظومة يهدد الولايات المتحدة وحلف الناتو.
ولكن هل جاء شراء هذه المنظومة حقا لهذه الأغراض؟ وهل اختارت تركيا عن عمد شراء صواريخ إس-400 لتجاوز الناتو والولايات المتحدة؟
ما تزال هذه القضايا تناقش منذ شهور، لكن بما أن قرار واشنطن الحاسم قد صدر بالفعل يوم الأربعاء، دعونا نوضح الحقائق مرة أخرى.
تركيا لا تهدف إلى تغيير شراكاتها الاستراتيجية، وهي لا تنتقل من كتلة إلى أخرى. كذلك لا تخطط تركيا لتطوير سياسات من شأنها تهديد أمن الناتو. يجب أن يتذكر الجميع أن الولايات المتحدة بقيادة باراك أوباما هي التي لم ترغب في بيع صواريخ باتريوت إلى أنقرة، وأن تركيا هي التي عانت من التهديدات الإرهابية على الحدود السورية وتحتاج إلى نظام أمني دفاعي، لحماية شعبها وأرضها.
كنت واحدةً من مجموعة الصحفيين الذين حضروا مأدبة إفطار خاصة مع الرئيس رجب طيب أردوغان يوم الأحد الماضي. وفي ذلك اللقاء أوضح الرئيس مدى أهمية التأكيد على الجدول الزمني المتعلق بتلك الصفقات وسلسلة الأحداث التي جرت خلالها، بالنسبة له.
وشدد عدة مرات على أن الولايات المتحدة هي التي دفعت أنقرة لشراء صواريخ الإس-400، وأن تركيا لا تخطط لاستخدامها ضد أي جهة ما لم يكن هناك هجوم على أراضيها.
أعتقد أن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب يرى أيضاً الصورة الواضحة بشكل كامل. إذ أدلى بتصريحات تبيّن أن تركيا لم يكن لديها أي خيار آخر غير شراء الإس-400، لأن صفقة الباتريوت لم تتم. لكن على الرغم من تصريحات ترامب، مضت واشنطن قدماً في تهديداتها، وألغت الاتفاقية المتعلقة بطائرات إف-35.
أعتقد أن هذا القرار يدل على قصر النظر. يجب أن تعلم واشنطن أن تركيا، باعتبارها واحدة من أقدم وأكبر الحلفاء في الناتو، قادرة على إدارة دبلوماسية وسياسة خارجية متعددة الأوجه، وأن تطوير تركيا وسعيها لإقامة علاقات جيدة مع روسيا، سيصب في صالح أمن الشرق الأوسط خصوصاً فيما يتعلق بسوريا.
بالإضافة إلى ذلك، فإن قرار استبعاد تركيا من البرنامج سيعود بالضرر على الشركاء الآخرين أيضاً. لأن سعر الطائرات سوف يرتفع. لقد دفعت تركيا الكثير مقابل تطوير إف-35. وينبغي أيضا أن ترد إليها جميع تلك الأموال .
تشارك تركيا في مشروع إف-35 منذ عام 2002 وذلك ضمن تحالف ضم كلاً من الولايات المتحدة وبريطانيا والدنمارك وإيطاليا وهولندا وكندا والنرويج وأستراليا وقد شاركت في عمليات الإنتاج أيضاً. هناك 10 شركات تعمل على تطوير طائرات إف-35.
ربما كان قرار استبعاد تركيا من المشروع مخطط له منذ البداية. وليس من الواضح من سيحل محل تركيا. بالإضافة إلى ذلك، ستكون فرصة كبيرة لموسكو لتعزيز علاقاتها الاقتصادية مع أنقرة، الأمر الذي صار من الواضح أنه ليس في مصلحة واشنطن.
بقلم ناجيهان ألجي.