تجددت مؤخراً التوترات في مياه شرق البحر المتوسط. وفيما تريد القوى الدولية إبقاء تركيا بعيدة عن حقول الغاز الغنية في المنطقة، ردّت تركيا مباشرة على الخطوات الرامية لعزلها.
لقد أرسلت أنقرة سفينة تنقيب ثانية كرد على محاولة تنحيتها في التنافس على الغاز في المنطقة، في الوقت الذي تسعى فيه أيضاً عبر المسار الدبلوماسي لكسب الحلفاء.
سفينة التنقيب الثانية "ياووز"، تم شراؤها من قبل شركة البترول الحكومية التركية مقابل 262 مليون دولار في أكتوبر، ووضعت في الخدمة لأول مرة ضمن احتفال كبير في 20 يونيو.
تبحر "ياووز" الآن في بحر إيجة، وستصل خليج فاماغوستا في غضون ثلاثة أسابيع، كي تبدأ التنقيب قبالة شبه جزيرة كارباز، على عمق 3000 متر. وبعد ذلك، سوف تلتقي بسفينة الأبحاث التركية "خير الدين بربروس" في أغسطس.
أين هي المناطق التي تسبب التوتر؟ هل هناك نقاط تنقيب متداخلة؟ اسمحوا لي أن أذكر بعض المشاكل السابقة.
تبحر سفينة الحفر والتنقيب "الفاتح" باتجاه غرب قبرص، مصحوبةً بفرقاطتين عسكريتين تركيتين، وثلاثة زوارق حربية. وسوف تقوم "الفاتح" باستكشاف الجنوب أيضاً. أياً كان ذلك، يزعم القبارصة الروم أنهم منحوا حقوق الاستكشاف لشركة "إيني" الإيطالية.
وحدثت مشاكل مع "إيني" العام الماضي، إذ أوقفت السفن الحربية التركية سفينة التنقيب التي تديرها شركة "إيني" لأنها كانت تعمل في منطقة متداخلة مع شركة التنقيب التركية الرئيسية "الشركة التركية للبترول" (TPAO)، التي فوضها القبارصة الأتراك بالعمل.
والآن، بما أن "ياووز" تتجه أيضاً إلى المنطقة، فمن المتوقع أن يتصاعد التوتر أكثر. وللتذكير، فإنه خلال الأشهر الستة الماضية، حاولت اليونان وقبرص الرومية إبعاد تركيا عن المنطقة بعدة طرق. فأصدر القبارصة الروم قبل أسبوعين، أوامر اعتقال بحق طاقم "الفاتح" الأجانب، زاعمين أنهم تعاونوا مع السلطات التركية في أعمال التنقيب في المياه القبرصية الرومية. حتى أنهم سعوا إلى تنفيذ هذه الأوامر من خلال الأنتربول.
من الواضح أن قبرص الرومية تحاول تجريم أعمال التنقيب التركية، بينما تسعى أيضاً لإقناع الاتحاد الأوروبي باتخاذ نفس الموقف. في الأسبوع الماضي، هدد قادة الاتحاد الأوروبي تركيا بعقوبات إذا ما واصلت التنقيب في المياه الإقليمية القبرصية.
من ناحية أخرى، في الولايات المتحدة، تم تقديم مشروع قانون إلى مجلس الشيوخ في أوائل أبريل، حول رفع حظر الأسلحة الأمريكية، المفروض على قبرص، ولبدء التعاون في مجال الطاقة بين إسرائيل واليونان وقبرص. فالقبارصة الروم يبذلون جهداً دبلوماسياً حثيثاً لكسب المعركة ضد تركيا. وقد توصلوا في مساعيهم المستمرة لذلك، إلى تفاهم مع فرنسا لإقامة قاعدة دائمة.
بعد ذلك صدر بيان الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون الذي حذر تركيا بضرورة "وقف أنشطتها غير القانونية".
باختصار، تحاول القوى الغربية إخراج تركيا من المنطقة، وهذا أمر سخيف وغير عادل. فتركيا هي أكبر دولة إقليمية حاكمة على تلك المياه، بينما تهدف جهود القوى الخارجية إلى إقصائها وكف يدها، حتى بشكل غير مباشر مثلما تفعل الولايات المتحدة أو فرنسا، بهدف الوصول إلى الغاز.
إنها للعبة خطيرة. لكن أنقرة تحاول بشكل حاسم الاشتراك في أعمال التنقيب وكسر هذه العزلة. وهنا، تلعب السياسة الخارجية التركية متعددة الأبعاد، الدور الأكثر حيوية؛ إذ تبين للقوى الدولية أن أنقرة قادرة على إدارة مصالحها.
بقلم نغيهان ألتجي