شهدت كازاخستان حالة من الاضطرابات بداية العام الجديد، إذ بدأت الاحتجاجات في البلاد صباح 2 يناير/كانون الثاني فيما أرسلت عدة دول بينها روسيا قوات لتهدئة الاضطرابات. وتم اعتقال آلاف الأشخاص في جميع أنحاء البلاد وقُطع الإنترنت إلى وقت قريب.
وكانت المظاهرات اندلعت في البلاد بسبب ارتفاع أسعار الوقود، لكن الرئيس الكازاخستاني قاسم جومارت توكاييف زعم أن "قوى خارجية" حاولت زعزعة الاستقرار الداخلي لكازاخستان. وقامت السلطات باعتقال قرابة 12 ألف شخص لمشاركتهم في الأحداث التي قُتل خلالها ما لا يقل عن 160 شخصاً. وأضرم المتظاهرون النار في المباني الحكومية واستولوا على المطار. لكن القوات الحكومية عادت وسيطرت في فترة قصيرة من الزمن وفتحت المطار مرة أخرى، وهي تعمل الآن على رفع حالة الطوارئ في بعض أنحاء البلاد.
ومع بدء موجة الاحتجاجات، أعلن توكاييف عن سقف 180 يوماً لأسعار الوقود وأقال نور سلطان نزارباييف، الرئيس السابق من منصبه كرئيس لمجلس الأمن القومي بعد أن هتف المتظاهرون في الشوارع "فليرحل الرجل العجوز" في إشارة إلى نزارباييف.
وبُعيد بدء الاحتجاجات السلمية، سيطرت مجموعات جديدة مسلحة بالبنادق والأسلحة الثقيلة على شوارع ألماتي، وقامت باقتحام المباني الرسمية ومهاجمة الشرطة وتدمير السيارات. وبعد نزول هذه المجموعات إلى الشوارع تم اختراق المطار، وتسببوا كذلك في اضطرابات واسعة النطاق ونهبوا البنوك.
لكن ما الذي أدى إلى تغير طبيعة الاحتجاجات؟
بالرغم من اتفاق الحكومة والمتظاهرين على أن التظاهرات السلمية قد انتهكت بالفعل من الجماعات الإجرامية العنيفة، إلا أن التحليل العميق للأحداث يظهر أن الأمور سارت باتجاه خدمة مصالح موسكو وكذلك تعزيز سلطة الرئيس الحالي توكاييف، إذ أن منظمة معاهدة الأمن الجماعي، وهي تحالف عسكري تقوده روسيا ويتألف من 6 دول سوفياتية سابقة، جاء إلى البلاد لدعم القوات الكازاخستانية ضد المحتجين.
وبالرغم من انسحاب القوات الروسية، إلا أن العديد من المحللين يرون أن التدخل الأخير قد يقود روسيا إلى تحقيق مكاسب في كازاخستان، مما يمنحها مزيداً من السيطرة على البلاد وخصوصاً على شؤونها الداخلية.
كما أن توكاييف اكتسب سيطرة أكبر بعد هذه الأحداث وأزال سلطة نزارباييف، الذي كان لا يزال القوة الرئيسية في البلاد. وهناك أيضاً مزاعم بأن التظاهرات استُخدمت أداة في صراع داخلي على السلطة، وأن توكاييف تلاعب بها لتسهيل إقالة نزارباييف. وقام من أجل بسط سيطرته، بالسماح للقوات الروسية بالدخول وفتح الطريق أمام موسكو ليكون لها نفوذ أكبر في البلاد.
لكن يبدو من السابق لأوانه القول ما إذا كان توكاييف قد اكتسب المزيد من السيطرة فعلياً مع أنه استطاع بكل تأكيد التوقف عن تقاسم سلطته مع نزارباييف، دون أن تنجلي نتائج المقايضة التي قام بها بوضوح.
وكل ما هو واضح الآن أن الوضع هدأ بشكل لا شك فيه، بعد أن تم اعتقال آلاف الأشخاص وقتل حوالي 225. ومع ذلك، يبقى سؤالان هامان: إلى أي مدى يمكن أن يوسع توكاييف سلطته، وكم ستكسب روسيا؟