بدأ مؤخراً وقف هش لإطلاق النار بين الفلسطينيين والإسرائيلين في غزة بعد سقوط ما لا يقل عن 230 شهيداً خلال 11 يوم من القصف العنيف الذي انتهى في 21 مايو/أيار، والذي استخدمت فيه إسرائيل أسلحة ثقيلة ضد المدنيين ودمرت الكثير من البنى التحتية للقطاع.
وبدأنا لأول مرة نسمع صوتاً معارضاً قوياً ضد إسرائيل يصدح حتى في الدوائر السياسية والإعلامية للولايات المتحدة. وذلك بفضل تركيا الدولة الكبيرة والوحيدة التي رفعت صوتها بإصرار وثبات في المحافل الدولية ضد العنف الإسرائيلي، حيث بذل الرئيس رجب طيب أردوغان جهوداً دبلوماسية مكثفة لإنهاء الصراع ووقف العنف.
ولكن هل حلت المشكلة بانتهاء القصف؟ الجواب النهائي والحزين: كلا.
فإسرائيل تواصل انتهاك حقوق الفلسطينيين وتستولي على أراضيهم وتعتدي على مساجدهم. ولا يمكن أن يتغير شيئ في هذه القضية ما لم يتغير نهج إسرائيل وسلوكها. ومع ذلك تعرضت حكومة رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو للاستجواب والانتقاد!
ولكن ما هو نهج الولايات المتحدة في المنطقة؟
حظيت زيارة وزير الخارجية الأمريكية "أنطوني بلينكن" لفلسطين هذا الأسبوع باهتمام بالغ حيث زار رام الله بالضفة الغربية المحتلة لإجراء محادثات مع الرئيس الفلسطيني محمود عباس.
وجاءت تصريحاته واضحة وذات دلالة مباشرة فقال: "أنا هنا للتأكيد على التزام الولايات المتحدة بإعادة بناء علاقة مع السلطة الفلسطينية ومع الشعب الفلسطيني. علاقة مبنية على الاحترام المتبادل وكذلك على القناعة المشتركة بأن الفلسطينيين والإسرائيليين يستحقون على حد سواء المساواة في الحرية والأمن والفرص والكرامة".
كما أعلن أن الولايات المتحدة ستعيد فتح قنصليتها في القدس وتقديم الدعم للفلسطينيين.
وهذا يعني أن إدارة بايدن مستعدة للتراجع عن السياسات الاستفزازية للرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب الذي افتتح السفارة الأمريكية في القدس عام 2019 ، وخفّض مستوى البعثة الدبلوماسية الأمريكية للفلسطينيين.
إلى جانب ذلك، يُعتقد أن مناقشات حول إعادة فتح مكتب منظمة التحرير الفلسطينية في العاصمة واشنطن قد دارت أثناء زيارة بلينكن الأخيرة، وذلك بعد أن أغلقته إدارة ترامب.
وكان من الخطوات الملموسة الأخرى التي أعلنها بلينكن خلال زيارته، أن إدارة بايدن ستقدم 5.5 مليون دولار لغزة و32 مليون دولار للاجئين الفلسطينيين. فضلاً عن عزم الكونغرس الأمريكي على تقديم 75 مليون دولار للتنمية في عام 2021.
ومما لا شك فيه أن جهود أردوغان المستمرة ساعدت كثيراً على زيادة الوعي بالعنف الذي يستهدف الفلسطينيين. وبفضل جهوده، أعطت جلسة الجمعية العامة للأمم المتحدة في 20 مايو/أيار صورة واضحة للعالم عما يواجهه الفلسطينيون.
وعُقدت الجلسة العمومية برئاسة "فولكان بوزكير" الدبلوماسي التركي، وحضرها وزير الخارجية مولود تشاوش أوغلو من بين آخرين. وتم التأكيد بشدة في هذه الجلسة على أن فلسطين تحتلها إسرائيل وأن الفلسطينيين مظلومون ومضطهدون.
وهذا الأمر الذي ساعد كثيراً في تحقيق وقف إطلاق النار. ونأمل جميعاً أن يدوم السلام في فلسطين وأن ينال الفلسطينيون حقوقهم الكاملة.
وأعتقد أن الأيام التالية تحمل أجواء إيجابية حيث تشير تحركات الإدارات الأمريكية إلى تحقيق نقاط أفضل. كما يمكن أن تصبح العلاقات الأمريكية التركية بنّاءة أكثر.
وقد دعا الرئيس أردوغان العديد من المدراء التنفيذيين في الشركات الأمريكية للعمل على تحسين العلاقات بين البلدين وقال إن العلاقات الثنائية ستدخل حقبة جديدة بعد اجتماعه المباشر مع بايدن والمقرر عقده في 14 يونيو/حزيران.
لذلك أعتقد أن التعاون بين الولايات المتحدة وتركيا فيما يتعلق بالقضية الفلسطينية من جهة وتحسين الحوار بين البلدين من جهة أخرى، سيساهم في إيجاد حلول لمشاكل طويلة الأمد في منطقتنا.