تستمر المفاوضات حول مستقبل مطار كابول بعد الانسحاب الأمريكي، ومن الواضح أن القرار الأكثر حكمة هو طلب تدخل تركيا التي تمثل الشريك المثالي لأفغانستان بسبب الهوية الثقافية المتوافقة والعلاقة طويلة الأمد مع الأمة الأفغانية.
فهل ستدير تركيا وتحمي مطار حامد كرزاي الدولي في العاصمة الأفغانية وتوفر الأمن فيه؟
من السابق لأوانه معرفة إن كان الجواب إيجابياً أو سلبياً لأن تركيا وحلف شمال الأطلسي لم يتخذوا قراراً بشأن هذه المسألة، بالرغم من استعداد الناتو لتسليم أنقرة المسؤولية باعتبارها من أقوى حلفائه. كما أعربت أنقرة عن التزامها بالوفاء بواجبها تجاه الحلف إذا توفر لها الدعم المناسب.
وقال وزير الدفاع التركي خلوصي أقار إن المفاوضات لا تزال جارية مع الولايات المتحدة. وأضاف أن "المطار يجب أن يظل مفتوحاً ومستمراً بالعمل وإلا ستنسحب السفارات وستُعزل أفغانستان".
فهل تركيا جاهزة لهذه المهمة؟
من المهم أن نتذكر أن تركيا لديها أكثر من 500 جندي متمركزين في أفغانستان وهي تشارك بالفعل في عمليات حفظ الأمن في المطار.
وبالتالي من السهل على تركيا أن تتحمل مسؤولية حماية المطار، كما أن أنقرة لطالما كانت تتمتع بعلاقات جيدة مع البلاد، فضلاً عن خدمة وزير الخارجية التركي السابق حكمت جاتين كرئيس لحلف شمال الأطلسي في كابول، التي أدت إلى تحسين العلاقات الثنائية.
وإذا لم يتم التوصل إلى أية اتفاقيات، فسيظل المطار تحت سيطرة البعثة الأمريكية، ما قد يعقد خطط واشنطن للانسحاب الكامل من أفغانستان وقد يؤدي إلى استمرار التوترات في البلاد. لكن إذا ما تولت تركيا هذه المهمة فستلعب دوراً بناء في إحلال السلام في أفغانستان.
الأسبوع الماضي طرح هذا الحل ودعمه 3 خبراء إقليميين في ندوة عقدت لمناقشة هذا الغرض بعنوان "محادثات حول عملية السلام الأفغانية: دور تركيا في أفغانستان". وخلال الندوة تحدث وزير الخارجية الباكستاني السابق "عزيز أحمد تشودري" قائلاً إن الوضع حرج للغاية، وأن تركيا وأفغانستان تربطهما علاقات دبلوماسية طويلة الأمد تعود إلى عشرينيات القرن الماضي.
كما تحدث في الندوة "مراد أصلان" وهو خبير أمني، وقال إن سياسات أنقرة تستند إلى المصلحة المشتركة بدلاً من السياسات القائمة على المصلحة الذاتية.
فما هي الأسباب التي تجعل تركيا الدولة المثالية لهذه المهمة؟
من الطبيعي أن يكون دور الوسيط حيوياً في فترة انتقالية مثل هذه، وهناك 3 أسباب رئيسية تجعل تركيا الدولة المثالية للعب هذا الدور. أولها عامل الدين الذي يجعل تولي الأمر من قبل تركيا الدولة المسلمة أمراً هاماً للغاية في نظر الأفغان.
والسبب الثاني هو "الأخوة" بين البلدين اللذين يشتركان برابطة خاصة وفريدة. وبالتالي، لن يرى الشعب الأفغاني تركيا كقوة احتلال في الفترة الانتقالية.
أما آخرها، فإن أنقرة تتبع نهجاً في سياستها الخارجية يقوم على حل النزاع وإحلال السلام في المنطقة. وهي الدولة الوحيدة التي تتمتع بعلاقات جيدة مع الغرب وكذلك مع روسيا وإيران.
وفي الختام علينا ألا ننسى أن أفغانستان اليوم بعيدة عن الاستقرار وفيها من المشاكل ما يمكن أن يدمر التوازن في المنطقة بأكملها. لذا، فإن دور تركيا حاسم ومهم ومن المؤكد أن عملية الانتقال صعبة، لكن سمعة تركيا في البلاد يمكن أن تمنع سيناريو حرب أهلية خطيرة. ومع ذلك، يجب أن تهتم أنقرة وتحرص على حماية نفسها من الخسائر في الأرواح والوقوع في مواجهات عنيفة.