مع اقتراب الانتخابات في تركيا، بدأت وسائل الإعلام الغربية في نشر مقالات لإثارة الأجواء في البلاد قبل التصويت.
ويراقب العالم بأسره عن كثب الانتخابات التركية التي ستجري هذا العام، والتي ستؤثر على الدبلوماسية الإقليمية والعالمية. وترى الصحافة الغربية أن الانتخابات ستكون واحدة من بين الأحداث التي ستشكل العالم. وتبحث وكالات الأنباء الكبرى وخاصة وكالة رويترز التي تتخذ من المملكة المتحدة مقراً لها، عن صحفيين يمكنهم متابعة التطورات بشكل جيد وإجراء تحليل متعمق لفهم العملية في تركيا.
وفي الوقت نفسه، بدأت بالفعل بعض المنشورات التنفيذية مثل مجلة فورين بوليسي وهي نشرة إخبارية أمريكية، في النشر حول هذا الموضوع لإثارة أجواء ما قبل الانتخابات في البلاد.
دعونا نلقي نظرة على بعض السطور المنشورة على لسان مساعدة محرر السياسة الخارجية أليسون ميكيم: "كان الإرث السياسي لأردوغان سيبدو مختلفاً لو ظل أقل تمسكاً بالسلطة واستقال عن طيب خاطر في وقت سابق، بدلاً من انتظار طرده من البيئة التي تعد بأن تؤدي إلى حمام دم انتخابي".
فماذا يعني هذا المنشور الآن؟ وهل تركيا دولة من العالم الثالث أم "جمهورية موز"؟
لقد كانت تركيا دولة ديمقراطية حددت حكوماتها من خلال انتخابات حرة وعامة منذ عام 1950 عندما أصبحت نظاماً متعدد الأحزاب. وظلت كل مرحلة من مراحل الانتخابات التي مرت بها البلاد ونتائج تلك الانتخابات التي كانت المنظمات الدولية مراقبةً لها، مفتوحة للمراجعة القضائية.
وتم انتخاب الرئيس أردوغان في انتخابات 2018 بنسبة 52.6% من الأصوات في الجولة الأولى. وأكد محرم إنجه الذي تنافس ضد أردوغان كمرشح رئاسي عن حزب الشعب الجمهوري المعارض الرئيسي في الانتخابات والذي حصل على 30% من الأصوات، على شرعية النتائج بقوله: "فاز الرجل". ولا يوجد حتى مناقشة حول هذا الموضوع. إذن، على أي أساس يمكن لميكيم أن تقول إن النموذج المثالي هو استقالة أردوغان من تلقاء نفسه؟
وتدعي ميكيم أن لديها معلومات "من الداخل" بالرغم من أن مثل هذه الأجندة ليست موضع تساؤل في تركيا.
لا يوجد طلب لاستقالة أردوغان
ليس لدى أحزاب المعارضة التي تشكل كتلة ضد أردوغان والتي تُعرف باسم "طاولة الستة"، أي مطالب بتنحي الرئيس قبل انتهاء فترة ولايته. وفي الواقع، هم مشغولون هذه الأيام بالإعلان عن أنهم سيعارضون احتمال تقديم أردوغان للانتخابات لأشهر قليلة، لأن جميع استطلاعات الرأي تظهر أن أردوغان قد ضاعف أصوات أقرب منافس محتمل له، وأن المعارضة لم تتوصل بعد إلى توافق في الآراء بشأن مرشح مشترك. بالإضافة إلى ذلك، كيف يمكن لمجلة فورين بوليسي أن تنشر بسهولة اقتراحاً على أنه "تحليل" يحتاج إلى أدلة مثل "لقد خلق أردوغان بيئة تعد بالتحول إلى حمام دم قبل الانتخابات من خلال عدم الاستقالة عن طيب خاطر".
وهل يمكن من خلال التكهنات تفسير محاولة الإضرار بالسلام والأمن القومي لدولة ضخمة يذهب 84 مليون شخص فيها إلى الانتخابات؟
وهل المصداقية الصحفية لمجلة فورين بوليسي ولميكيم رخيصة إلى هذا الحد؟
نعم، نحن نعرف الإجابات لأننا نعرفها جيداً من خلال محتواها المنشور الذي شهدناه منذ سنوات. إنهم ينظمون عملية اغتيال إعلامي مرة أخرى قبل الانتخابات القادمة، وهم بذلك لا يهددون أردوغان فحسب بل كذلك يهددوننا نحن: الناخبون الأتراك.
ومع ذلك فإن ما يفعلونه من خطط خبيثة ستنفجر في أيديهم. لأن تهديدات مماثلة أفادت أردوغان قبل كل انتخابات. وفي هذه الانتخابات سيفوز مرة أخرى "على الرغم من الغرب".
كما أن الدوائر العالمية المهيمنة التي تخدمها فورين بوليسي ستضطر لبلع ألسنتها وتبحث عن طرق للتعاون مع أردوغان في ولايته الثانية والأخيرة.