من المتوقع أن يستمر الحال على ما هو عليه لفترة طويلة في كييف التي تتلقى الأموال والأسلحة والدعم الاستراتيجي من الغرب. ونتيجةً لذلك ستستمر حالة الجمود لسنوات وسيموت المزيد والمزيد من الناس كل يوم.
فبعد تفجير جسر القرم الاستراتيجي المسمى جسر كيرتش والذي يربط روسيا بشبه جزيرة القرم، استهدفت موسكو كييف على الفور، وهددت بشن هجمات أشد قسوة. ويتزايد الخوف من أن هجوم أوكرانيا على جسر مدني قيد الاستخدام سيمهد الطريق لروسيا لاستهداف المدنيين بطريقة مماثلة تجعل هذه النهج الوحشي يتحول إلى أداة شرعية في الحرب.
والأمر الأكثر إثارة للخوف، هو تهديد الرئيس الروسي فلاديمير بوتين بضرب أوكرانيا بأسلحة نووية تكتيكية، حيث أكد الرئيس الأمريكي جو بايدن أن بوتين لا يمزح لأنه يستطيع استخدام أسلحة نووية أو بيولوجية أو كيميائية تكتيكية بعد ان انكشف أداء جيشه المنخفض بشدة. وقال إن تهديدات بوتين تعتبر أكبر خطر من هذا القبيل "منذ أزمة الصواريخ الكوبية". وقالت رئيسة مفوضية الاتحاد الأوروبي أورسولا فون دير لاين إنهم يأخذون كلمات بوتين وتهديداته على محمل الجد موضحةً أنه "لا يمزح".
والسؤال المطروح هو كيف سيرد الغرب على خطوة بوتين هذه؟
في حديثه لصحيفة بيلد الألمانية، قال مسؤول كبير في الناتو إنه إذا ضغط بوتين على الزر، فسيتم فرض حصار تجاري من شأنه أن يضع روسيا في عزلة تامة. ووفقاً للخطة، سيكون هناك حظر كامل على الغاز والنفط الروسيين، ما يعني أن الاقتصاد الروسي سيكون بعيد تماماً عن العالم الغربي، وسيتعين على الروس العثور على مشترين لموادهم الخام. وبينما من المتوقع أن تقترب روسيا من الصين والهند، ستتصرف هذه الدول بشكل مختلف بسبب العقوبات. وقد صرح نيكو لانج من الاتحاد الديمقراطي المسيحي الألماني الذي كان يشغل منصب وزير الدفاع الفيدرالي منذ عام 2019، إنه إذا استخدم بوتين أسلحة نووية، فيمكن للولايات المتحدة شن هجوم إلكتروني واستهداف شبكات اتصالات رئيسية مثل الهاتف والإنترنت.
ويتفق جميع المسؤولين والمعلقين على أن الولايات المتحدة والدول الغربية لن ترد على هجوم روسيا النووي بالأسلحة النووية. ومع ذلك، فإن عواقب الحظر المفروض على روسيا واضحة. كما ستواجه الدول الغربية إذا ما قامت بأعمال على غرار الهجمات الإلكترونية وتخريب الاتصالات، نفس المستوى من الانتقام من موسكو.
لذلك يتبين لنا في الوقت الحالي عدم وجود عقبة خطيرة لردع بوتين. ولا تكفي الهجمات الإرهابية مثل تدمير جسر كيرتش، للانسحاب من المناطق الأربع التي أعلنت الحكم الذاتي عن طريق الاستفتاء، وخاصة شبه جزيرة القرم.
ومن المتوقع أن يستمر الحال على ما هو عليه لفترة طويلة في كييف التي تتلقى الأموال والأسلحة والدعم الاستراتيجي من الغرب. ونتيجةً لذلك ستستمر حالة الجمود لسنوات وسيموت المزيد والمزيد من الناس كل يوم.
إذن ما هو السبيل الوحيد للخروج الآن؟
دعوة روسيا إلى طاولة السلام مقابل إغلاق باب النقاش حول عضوية أوكرانيا في الناتو. وهكذا فإن بوتين الذي حاول جاهداً إقناع الشعب الروسي بتهديد الناتو، سيُحرم من ورقة رابحة حاسمة لمواصلة الحرب.
كما أنه من غير الممكن لأوكرانيا لا تقنياً ولا سياسياً أن تصبح عضواً في الناتو، لأسباب عديدة مثل التصويت المحتمل في المجر.
وبالإضافة إلى ذلك، فإنه يمكن للولايات المتحدة والغرب تقديم جميع أنواع الدعم العسكري والسياسي لأوكرانيا بدون مظلة الناتو. ولا شيء يقيد أيديهم في الوقت الحالي.
ويبقى السؤال معلقاً: متى ستدرك إدارة كييف والأشخاص المستعدين لدفع الكثير مقابل هدف غير قابل للتحقيق، أن إدارة بايدن لن تعرض الناتو للخطر بسبب أوكرانيا؟
إنهم لا يفكرون أبداً ما الذي يجنيه جهاز الحرب الأمريكي من معاناة الشعب الأوكراني من أجل مثل هذا الهدف؟