يشعر الشعب التركي بعدم الراحة تجاه أنشطة الولايات المتحدة على حدود بلاده، والتي تُفسر على أنها حصار ضد تركيا.
وتتصدر هذه القضية حالياً جدول أعمال وسائل الإعلام، لأن الولايات المتحدة التي قدمت السلاح علناً إلى واي بي جي/بي كي كي الإرهابي، لم تتوقف عند هذا الحد غرب البلاد في الأشهر الأخيرة، بل راحت تشارك في استفزازات اليونان التي تُظهر مواقف معادية تجاه حقوق تركيا السيادية في بحر إيجة وشرق البحر الأبيض المتوسط.
فعلى سبيل المثال ما هو سبب وجود الولايات المتحدة والتعزيزات العسكرية في مدينة أليكساندروبولي اليونانية الواقعة على بعد 10-16 كيلومتراً فقط من الحدود التركية؟ وما هي غاية هذه الاستعدادات في دولة مجاورة لتركيا العضو في الناتو؟
في الواقع لم يتمكن أحد حتى الآن من الحصول على إجابة منطقية لهذا السؤال من المحاورين إذ أنهم يغمغمون فقط "التنقل لأغراض لوجستية إلى أوكرانيا".
وهنا لا بد أن نتساءل لماذا تم اختيار اليونان بدلاً من رومانيا وبلغاريا، اللتين تجاوران أوكرانيا بالبحر الأسود واليابسة.
وماذا عن الأنشطة اليونانية التي تجري أمام عيوننا مباشرة لتحويل الجزر الممنوع تسليحها، إلى حاملة طائرات في بحر إيجة بدعم من الولايات المتحدة؟
لقد قامت أجهزة التصوير التركية في الآونة الأخيرة، بتسجيل فيديو للأنشطة اليونانية وهي تنتهك القانون الدولي فيما يتعلق بالوضع منزوع السلاح لجزر بحر إيجة.
ووثقت المسيرات الطائرة التابعة للقوات المسلحة التركية، مركبتين يونانيتين كانتا في طريقهما إلى جزيرتي ليسبوس وساموس وهما تحملان عربات مدرعة تكتيكية ذات عجلات إلى الجزر. ومن اللافت للنظر أن هذه العربات المدرعة هي من بين المركبات التي أرسلتها الولايات المتحدة إلى ميناء الكسندروبولي.
في غضون ذلك رفض المتحدث باسم البنتاغون باتريك رايدر معالجة الأمر مباشرة خلال مؤتمر صحفي يومي، قائلاً إنه "على علم بهذه التقارير".
ثم انطلق رايدر في الحديث عن تركيا واليونان باعتبارهما حليفين في الناتو وكذلك حليفين مهمين للولايات المتحدة، وشدد على الحاجة إلى مواصلة الجهود للحد من التوترات في بحر إيجه من خلال الحوار البناء.
وكم كنت أتمنى لو أوضح سبب قيام واشنطن برفع حظر الأسلحة المفروض على الإدارة القبرصية الرومية جنوب شرق البحر الأبيض المتوسط.
ومن العجيب أنهم يبررون تحفيز السلام والاستقرار في شرق البحر الأبيض المتوسط ويقومون في الوقت نفسه بتأجيج سباق التسلح بهذا القرار الذي يتعارض مع مبدأ المساواة بين الجانبين في الجزيرة، ويجعل الجانب القبرصي الرومي أكثر تشدداً.
وبالرغم من كل تلك التناقضات يمكننا تخمين الإجابات، أليس كذلك؟
يُفترض أن هذه الخطوة هي أيضاً لأغراض لوجستية لأوكرانيا، تماماً كما وضعوا رئيس الوزراء اليوناني كيرياكوس ميتسوتاكيس على منصة مجلس الشيوخ في الولايات المتحدة لتهديد تركيا.
لقد فقدت إدارة الرئيس جو بايدن الأسباب المنطقية لدرجة أنها راحت تفضل اليونان على لاعب قوي ومؤثر مثل تركيا من أجل خططها طويلة الأجل للطاقة في شرق البحر الأبيض المتوسط، خاصة في وقت يبدو أن حرب أوكرانيا تستعد للاشتداد بعد قرارات الضم الأخيرة والاستفتاءات المثيرة للجدل ووعود الرئيس الروسي فلاديمير بوتين "بالشتاء الروسي".
وختاماً يريد الجميع بشكل عام سماع تصريحات مقنعة وواضحة وغير مشوشة إن أمكن، لا تقلل من ذكائنا فيما يتعلق بأنشطة الولايات المتحدة في البحر الأبيض المتوسط وبحر إيجة.