مع اقتراب انتخابات 2023 العامة في تركيا، تُظهر جميع استطلاعات الرأي أن الرئيس أردوغان حصل على ضعف أصوات أقرب منافسيه.
معلوم أن تركيا ستتوجه إلى صناديق الاقتراع الصيف المقبل لإجراء الانتخابات العامة 2023، حيث سيتم تحديد النواب في البرلمان، والأهم من ذلك اختيار رئيس للبلاد.
وتعتبر الانتخابات ذات أهمية حيوية لحكومة حزب العدالة والتنمية بقيادة الرئيس رجب طيب أردوغان، الذي يتولى السلطة منذ 20 عاماً، وأيضاً للمعارضة التي فشلت في تحقيق النصر في صناديق الاقتراع.
مع ذلك، فإن السباق لم يبدأ بعد، ذلك لأن كتلة المعارضة ما زالت لم تطرح مرشحاً مشتركاً بالرغم من إعلان تحالف الشعب الحاكم الذي شكله حزب العدالة والتنمية وحزب الحركة القومية عن أردوغان كمرشح لهما. وهناك جدل وانقسام عميق حول هذه القضية داخل تحالف الأمة المؤلف من 6 أحزاب معارضة.
والمرشح الأول المحتمل هو كمال قليجدار أوغلو رئيس حزب الشعب الجمهوري المعارض الرئيسي، والذي أدى ترشيحه إلى انقسام حزبه بسبب المنافسة الحادة داخل الحزب بينه وبين أكرم إمام أوغلو ومنصور ياواش المرشحين للرئاسة، اللذين تمكنا من انتزاع بلديتي إسطنبول وأنقرة من أيدي حزب العدالة والتنمية في الانتخابات المحلية الأخيرة، على التوالي. ولا يتردد قليجدار أوغلو في بعض الأحيان في التحذير من المعارضة داخل الحزب عبر الصحافة، لكن رؤساء البلديات يواصلون الضغط من أجل الترشح.
ويتفق حزب الجيد، ثاني أكبر شريك في تحالف الأمة والأحزاب الأربعة الأخرى، على أن قليجدار أوغلو لا يمكن أن ينافس أردوغان ويقولون "دع شخصاً آخر غريباً يكون مرشحاً".
وليس من الصعب التكهن بحدوث ضجة كبيرة في تحالف الأمة عندما يتم تحديد المرشح الرئيسي وإعلانه. ومع ذلك، فإن عدم التنظيم والتردد والمنافسة، قد أضعفت بالفعل حماس ناخبي المعارضة. وفي جميع استطلاعات الرأي، بلغت الأصوات المؤيدة لأردوغان ضعف أقرب منافس محتمل له.
عدم وجود هدف مشترك
لا يشكل المرشح المشكلة الوحيدة داخل كتلة المعارضة، بل لا يمكن لتحالف الأمة الذي يضم جميع ألوان الطيف السياسي من اليسار إلى اليمين، أن يهزم تحالف الشعب رياضياً، دون دعم حزب الشعوب الديمقراطي المرتبط بتنظيم بي كي كي الإرهابي. وليس من السهل إقناع مؤيدي حزب الشعب الجمهوري القوميين والناخبين المناهضين للهجرة والمكونات المحافظة في التحالف بالتعاون مع "الانفصاليين".
كما أن عدم وجود هدف مشترك يتمثل في توحيد الناخبين حول "طاولة الستة" التي عقدها تحالف الأمة حتى الآن قد استنفد الآمال. ومن المؤكد أن الوعود المتكررة مثل العودة إلى النظام البرلماني التي من شأنها أن تدفع البلاد إلى مغامرة غير مضمونة النتائج، ستستمر لسنوات وبالتالي فهي لا تهم الناخبين أساساً. ومع كل هذا الجمود وعدم التنظيم الذي تعاني منه المعارضة والتي لم تكن قادرة على إثارة الحماس، لا يوجد أي أثر للتصدع أو التراجع بين مؤيدي أردوغان.
فأردوغان لا يزال مستمراً في التأثير بقوة في السياسة الخارجية من حيث دور تركيا في ممر الحبوب وموقعها الفريد في الحرب الروسية الأوكرانية ونفوذها المتزايد في دول الخليج ويدها القوية في المنافسة على الطاقة شرق البحر المتوسط.
حتى بين ناخبي المعارضة، هناك الكثير ممن يعترفون بأنه في الأحداث العاصفة التي تهب على المنطقة والعالم مثل الوباء وحرب ما بعد أوكرانيا وروسيا وجنون الطاقة، يجب أن يكون لدى تركيا قائد متمرس وبارع مثل أردوغان. كما أن تحركات صناعة الدفاع المحلية ومشروع السيارات الكهربائية المحلية ومشاريع البنية التحتية العملاقة التي لم تتباطأ حتى في الأزمة الاقتصادية العالمية، تمنح الناس الثقة في المستقبل.
أما المشكلة الوحيدة التي تواجه تحالف الشعب فهي التضخم المرتفع، ولكن أردوغان يقلل من الشعور بهذه المشكلة مع التحركات الجديدة مثل الزيادات المؤقتة في الرواتب ومشاريع الإسكان الجماعي العملاقة للمحرومين، ولا يزال يسعى حثيثاً ليقوي الإدراك في أذهان المواطنين بأنه "لم يُفلت حبل النجاة من يده وسوف يفك العقدة بنفسه".
وحتى لحظة كتابة هذا المقال يبدو أن أردوغان سيكون على رأس تركيا لمدة 5 سنوات أخرى، بالرغم من أن لدينا ما يقرب من 7 أشهر حتى الانتخابات، ولا أحد يعرف إن كان الخصم قادراً على تقديم اقتراح سحري يفاجئ الجميع.