اتخذ الرئيس الأمريكي دونالد ترامب خطوة أخرى لإضفاء الشرعية على التوسع الإسرائيلي بعد الاعتراف بالقدس عاصمة لإسرائيل العام الماضي.
"بعد 52 سنة، حان الوقت للولايات المتحدة للاعتراف الكامل بسيادة إسرائيل على هضبة الجولان، التي لها مكانة استراتيجية وأمنية بالغة الأهمية للكيان الإسرائيلي وللاستقرار الإقليمي". كان رد فعل الحكومات حول العالم عنيفا على هذا القرار. انضم الرئيس رجب طيب أردوغان إلى مجموعة دول العالم، بالتعهد بعدم السماح "بشرعنة الاحتلال"، وبدا واضحا أن إعلان ترامب كان محاولة لمساعدة رئيس الوزراء الإسرائيلي "بنيامين نتنياهو" قبل انتخابات الشهر المقبل. بالإضافة إلى إرسال وزير الخارجية الأمريكي "مايك بومبيو" إلى إسرائيل، سيستضيف ترامب نتنياهو في البيت الأبيض هذا الأسبوع.
تتمتع مرتفعات الجولان بأهمية استراتيجية بالغة بالنسبة لإسرائيل. وهي تقع على بعد 60 كم فقط من دمشق، تعد هذه التلال مفتاح السيطرة على سوريا. في الوقت نفسه، هناك حوالي 20.000 مستوطن يهودي فيها، كما تضم الجولان موارد مياه عذبة.
كان بيان ترامب مهماً أيضاً للسياسة الأمريكية. إذ يسعى البيت الأبيض إلى كسب اللوبي اليهودي، الذي يتمتع تقليديا بعلاقات أوثق مع الديمقراطيين. من خلال القيام بذلك، يريد ترامب تكوين صداقات أكثر في الكونغرس، وبالتالي منع إقالته المحتملة. ومع ذلك، فإن القرار يتجاوز السياسة اليومية. ترامب مصمم بشدة على القضاء على سياسة واشنطن في كل من الشرق الأوسط وإسرائيل. تتمثل أولوية إدارته في تقويض الإطار الدولي الحالي لحل النزاع العربي الإسرائيلي.
قرارا مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة رقم 242 و 497، يطالبان اسرائيل أن تنسحب إلى حدود ما قبل عام 1967. وبالرغم من أن تلك القرارات تعلن أن الاستيلاء على الأراضي الفلسطينية باطل ولاغٍ، إلا أن ترامب يرفض الاعتراف بهذا الإطار. وبدلاً من ذلك، يتحرك للاعتراف بسيطرة إسرائيل على القدس الشرقية ومرتفعات الجولان. الجزء الوحيد المفقود في خارطة طريق ترامب هي الضفة الغربية، والتي يمكن أن يطرحها في الأيام المقبلة لتقوية ذراع إسرائيل.
من خلال اتخاذ هذه الخطوات، يضع ترامب الأساس لـ "صفقة القرن"، التي يقوم صهره "جاريد كوشنر" بالتفاوض عليها، والتي سيتم الكشف عنها في أبريل. ووفقا لرئيس الولايات المتحدة، فإن اهتمام إدارته الوحيد هو تعزيز السلام بين العرب والإسرائيليين. إنه يريد أن ينجح حيث فشل أسلافه، بمن فيهم باراك أوباما، في تبني استراتيجية مساومة جديدة تجبر العرب والفلسطينيين على الاستقرار. وغني عن القول إن محاولة ترامب لن تفشل في تعزيز السلام فحسب، بل ستخلق المزيد من المشكلات من خلال خرق القانون الدولي.
فيما يلي بعض النتائج المحتملة لنهج ترامب:
1. يمكن للولايات المتحدة إضفاء الشرعية على الاستيلاء على الأراضي المحتلة في أجزاء أخرى من العالم. هناك الكثير من الدول الأخرى التي ستكون مستعدة لتجاهل قرارات الأمم المتحدة. الضم الروسي لشبه جزيرة القرم يتبادر إلى الذهن على الفور.
2. ستفقد الولايات المتحدة مكانتها كحلقة وصل بين الفلسطينيين والإسرائيليين. كما ستفقد أي نفوذ على اليمين الإسرائيلي لإقناعهم بصفقة اتفاق سلام. وبالتالي، سيكون من المستحيل العودة إلى محادثات 2010 أو عملية أوسلو.
3. سيتخلى السياسيون الإسرائيليون عن فكرة عرض الأرض على الفلسطينيين مقابل السلام. بمساعدة ترامب، اليمين الإسرائيلي، الذي تم تمكينه خلال الثورات العربية، سيزيد الضغط على اللاعبين الآخرين.
4. من الممكن إبقاء القادة العرب متماشين مع تهديد التوسع الإيراني، لكن الشارع العربي لن يعترف بالاحتلال. إن نصر إسرائيل التوسعي المعلن سيجعلها عدواً دائماً لشعوب الشرق الأوسط والعالم الإسلامي. هذا الموقف لن يؤجج فقط التطرف المعادي لإسرائيل والمناهض للغرب، بل سيتسبب أيضاً في أزمة "شرعية الحكومات العربية" التي توافق بالمطلق على أمر مشين مفروض.
5. ستتحول القضية الفلسطينية إلى مصدر لا نهاية له للحرب والإرهاب في الشرق الأوسط.
وفي كل الحالات، تقوم إدارة ترامب بتنفيذ خارطة طريق ذات عواقب متطرفة. وهي بذلك تزرع بذور نزاع جديد في المنطقة.