ظاهرة النينو المناخية تتسبب في ارتفاع قياسي لأسعار السكر عالمياً

وكالة اسوشيتد برس
اسطنبول
نشر في 19.11.2023 10:43
ظاهرة النينو المناخية تتسبب في ارتفاع قياسي لأسعار السكر عالمياً

ارتفع سعر السكر عالمياً مسجلاً أعلى أسعار منذ عام 2011، بسبب انخفاض الإمدادات العالمية بعد أن أضر الطقس الجاف بشكل غير معتاد بالمحاصيل في الهند وتايلاند، ثاني وثالث أكبر مصدرين للمادة.

هذه أحدث ضربة للدولتين اللتين تعانيان بالفعل من نقص في المواد الغذائية الأساسية كالأرز، بالإضافة للحظر المفروض على تجارة المواد الغذائية، وهو ما أدى إلى تضخم أسعار الغذاء.

يساهم كل هذا في انعدام الأمن الغذائي بسبب التأثيرات الناجمة عن ظاهرة "النينو" المناخية، والحرب في أوكرانيا، وضعف قيمة العملات.

تستطيع الدول الغربية الأكثر ثراء استيعاب التكاليف المرتفعة للغذاء، لكن الدول الفقيرة ستعاني.

وإلى هذا، يقول فابيو بالميري، الباحث في أسواق السلع العالمية لدى منظمة الأمم المتحدة للأغذية والزراعة (فاو)، إن المنظمة تتوقع انخفاضا بنسبة 2 بالمائة في إنتاج السكر العالمي في موسم 2023-2024، مقارنة بالعام السابق، ما يعني خسارة حوالي 3.5 مليون طن متري من المنتج.

يستخدم السكر بشكل متزايد في إنتاج الوقود الحيوي كالإيثانول، وبالتالي وصلت الاحتياطيات العالمية من السكر إلى أدنى مستوياتها منذ عام 2009.

البرازيل أكبر مصدر للسكر في العالم، لكن إنتاجها لن يساعد إلا في سد الفجوات حتى أواخر عام 2024.

حتى ذلك الحين، تظل البلدان المعتمدة على الاستيراد - كمعظم دول منطقة جنوب الصحراء الكبرى في افريقيا - معرضة للخطر.

نيجيريا، على سبيل المثال، تشتري 98 بالمائة من السكر الخام من دول أخرى.

السبب في الأزمة الحالية يرجع جزئيا إلى ظاهرة "النينو"، وهي ظاهرة طبيعية تغير أنماط الطقس العالمية، وقد تتسبب في ظروف مناخية قاسية تتراوح من الجفاف إلى الفيضانات.

يعتقد العلماء أن تغير المناخ يجعل ظاهرة "النينو" أعنف.

كان شهر أغسطس/آب الماضي الأكثر جفافا في الهند منذ أكثر من قرن، وتوقف نمو المحاصيل في ولاية ماهاراشترا غربي البلاد، والتي تمثل أكثر من ثلث إنتاج الهند من قصب السكر.

ويرجح انخفاض إنتاج السكر في الهند بنسبة 8 بالمائة هذا العام، بحسب جمعية مصانع السكر الهندية.

الهند، أكبر دولة في العالم من حيث عدد السكان، هي أكبر مستهلك للسكر، وتقيد الآن صادراتها منه.

وفي السياق، قال ناراديب أنانتاسوك، رئيس "رابطة مزارعي السكر" في تايلاند، إن تأثيرات ظاهرة "النينو" في بداية موسم النمو في بلاده لم تغير كمية المحصول فحسب، بل ونوعيته أيضا.

ويتوقع أنانتاسوك طحن 76 مليون طن متري فقط من قصب السكر خلال موسم حصاد 2024، مقارنة مع 93 مليون طن متري العام الحالي.

وتوقع تقرير صادر عن وزارة الزراعة الأمريكية انخفاض إنتاج السكر في تايلاند بنسبة 15 بالمائة في أكتوبر/ تشرين اول الماضي.

لدى العالم الآن مخزون سكر يلبي احتياجاته لمدة أقل من 68 يوما، مقارنة مع 106 أيام عندما بدأ إنتاج السكر في الانخفاض عام 2020، بحسب بيانات وزارة الزراعة الأمريكية.

وأكد جوزيف غلوبر، كبير الباحثين في المعهد الدولي لبحوث السياسات الغذائية، أن "إنتاج السكر وصل إلى أدنى مستوياته منذ عام 2010".

قلصت إندونيسيا -أكبر مستورد للسكر العام الماضي– وارداتها من المنتج الحيوي، بحسب وزارة الزراعة الأمريكية.

واضطرت الصين، المستورد رقم اثنين، إلى سحب السكر من مخزوناتها لتعويض ارتفاع الأسعار محليا لأول مرة منذ ست سنوات.

وفي هذا الصدد، قال المأمون عمروك، الخبير الاقتصادي في شعبة التجارة والأسواق بمنظمة الفاو، "بالنسبة لبعض الدول، يلتهم استيراد السكر باهظ الثمن احتياطيات العملات الأجنبية كالدولار واليورو، وهي لازمة أيضا لسداد فواتير النفط وسلع أساسية أخرى".

دولة كينيا من الأمثلة على ذلك.

فبعد أن كانت كينيا مكتفية ذاتيا من السكر، باتت تستورد الآن 200 ألف طن متري سنويا.

قيدت الحكومة الكينية عام 2021 واردات السكر لحماية المزارعين المحليين من المنافسة الأجنبية، لكنها تراجعت عن هذا الإجراء مع تقلص المحاصيل المحلية بسبب ندرة الأمطار وسوء الإدارة الزراعية.