تأتي زيارة الرئيس الأوكراني بيترو بوروشينكو إلى تركيا في وقت تشهد فيه العلاقات بين البلدين تنامياً مستمراً في السنوات الأخيرة على خلفية تقارب المواقف السياسية والاقتصادية بين البلدين في مواجهة التغول الروسي المتزايد في المنطقة عقب الأزمة مع تركيا واحتلال شبه جزيرة القرم الأوكرانية.
واستقبل أردوغان نظيره الأوكراني، اليوم الأربعاء، في المجمع الرئاسي بأنقرة حيث أقيمت مراسم استقبال رسمية للرئيس الضيف، وتم عزف النشيد الوطني لكلا البلدين، بعدها تم استعراض حرس الشرف.
وعقد الرئيسان اجتماعاً ثنائياً مغلقاً بعد انتهاء مراسم الاستقبال الرسمية، بينما من المقرر أن تبدأ اجتماعات مجلس التعاون الاستراتيجي التركي- الأوكراني رفيع المستوى، عقب انتهاء اللقاء الثنائي بين الرئيسين، بعد ذلك تبدأ مراسم توقيع المعاهدات والاتفاقيات المشتركة.
العلاقات التركية الأوكرانية شهدت نقلة نوعية عقب معارضة تركيا بقوة للاحتلال الروسي لجزيرة القرم ورفضها الاعتراف بشرعية الاحتلال الروسي، وواصلت تركيا جهودها الدبلوماسية الدولية من أجل الضغط على موسكو لوقف تدخلها في الشؤون الداخلية لأوكرانيا.
في المقابل، أيدت أوكرانيا الموقف التركي في أعقاب حادثة إسقاط طائرات حربية تركية لمقاتلة روسية بالقرب من الحدود مع سوريا عقب اختراقها المجال الجوي التركي، وأعلنت كييف تأييدها لحق تركيا في الدفاع عن أراضيها وسيادة مجالها الجوي.
الرئيس الأوكراني أوضح قبل أيام أنه سيعرض على تركيا خلال زيارته الحالية التعاون في مجال الأمن، وقال: "سنعقد لقاءً مع الرئيس رجب طيب أردوغان لبحث تعزيز قوتنا الأمنية وسلامة وحدتنا السياسية والاقتصادية".
ومن المنتظر أيضاً أن يعقد الرئيس الأوكراني لقاءاً مع رئيس البرلمان التركي "إسماعيل كهرمان" وعدد من رجال الأعمال الأتراك، لتشجيعهم وتحفيزهم على الاستثمار في العديد من المجالات في أوكرانيا.
وتأتي زيارة الرئيس الأوكراني بعد أقل من شهر، من زيارة قام بها رئيس الوزراء التركي، أحمد داود أوغلو، إلى أوكرانيا تناولت التعاون في كافة المجالات وتوصلت إلى اتفاقية للتجارة الحرة بين البلدين.
وخلال زيارته الأخيرة لأوكرانيا، قال داود أوغلو: "إن أوكرانيا تشكل أهم النقاط في مساعينا لضمان السلام والرفاه لإخوتنا من تتار القرم. نحن لم نعترف باحتلال روسيا لشبه جزيرة القرم، ولن نقوم بذلك. لن نقبل الاضطهاد والنفي التاريخي الذي تعرّض له تتار القرم"، في إشارة إلى قيام السلطات السوفييتية عام 1944 في عهد ستالين بترحيل جماعي لتتار القرم "الأتراك" من شبه جزيرة القرم نحو سيبيريا ووسط آسيا، وتوطين مواطنين روس مكانهم".
وعقب إسقاط الطائرة الروسية، قال السفير الأوكراني لدى أنقرة "سيرخي كورسونسكي"، إنّ تركيا محقة في إسقاط المقاتلة الروسية التي انتهكت مجالها الجوي، وأنها تصرّفت وفق قواعد الاشتباك المُعلنة عنها، التي تعلمها روسيا.
وانتقد السفير الأوكراني دعم روسيا للنظام السوري الذي "قتل الآلاف من شعبه"، منوهاً إلى أنّ روسيا تتحرك بمعزل عن القوانين الدولية، وأنها ستتحمل نتائج تصرفاتها في سوريا، مبدياً استعداد بلاده، تعويض تركيا عن المنتجات الروسية التي ستنقطع نتيجة الإجراءات الاقتصادية المتخذة من قِبل موسكو.
كما قال وزير السياسات الزراعية والغذائية الأوكراني ألكسي بافلينكو: "إن بلاده مستعدة لسد أي فجوة محتملة في سوق المواد الغذائية التركية، جراء فرض موسكو قيودًا تجارية على أنقرة"، موضحاً أنه "في حال احتاجت تركيا لمواد مثل القمح والشعير والذرة ومنتجات الدواجن، أو منتجات غذائية ذات المنشأ الخارجي، فنحن مستعدون لتلبية تلك الاحتياجات".