فيديو مسرب: مؤامرات لإمام أوغلو لتغيير رئيس حزب الشعب الجمهوري المعارض

ديلي صباح
إسطنبول
نشر في 19.07.2023 16:09
آخر تحديث في 19.07.2023 18:02
رئيس بلدية إسطنبول أكرم إمام أوغلو يحضر فعالية في إسطنبول، تركيا، 22-6-2023  صورة: الأناضول رئيس بلدية إسطنبول أكرم إمام أوغلو يحضر فعالية في إسطنبول، تركيا، 22-6-2023 (صورة: الأناضول)

اجتماع سري لرئيس بلدية إسطنبول أكرم إمام أوغلو يركز على الدعوة لـ "مؤتمر استثنائي'' ما يعزز فكرة أن السباق على مقعد رئاسة حزب الشعب الجمهوري المعارض الرئيسي في تركيا، يحتدم مع إمام أوغلو المنافس الرئيسي ليحل محل كمال كليتشدار أوغلو

كشف مقطع فيديو تم تسريبه لاجتماع (عبر الإنترنت) بين رئيس بلدية إسطنبول أكرم إمام أوغلو وشخصيات بارزة في حزب الشعب الجمهوري (CHP)، الصراع الداخلي في حزب المعارضة الرئيسي في تركيا.

ويُظهر الفيديو نقاشاً حول "مؤتمر استثنائي بديل" لقيادة الحزب، الذي هُزِم في انتخابات مايو/ أيار الماضي التي جرت على جولتين، ورغم أن حزب الشعب الجمهوري نجح في الفوز بمقاعد في الانتخابات البرلمانية في 14 مايو، لكن زعيمه كمال كليتشدار أوغلو خسر السباق الرئاسي أمام الرئيس رجب طيب أردوغان في جولة الإعادة في 28 مايو.

ووجهت جولة الإعادة ضربة قاصمة لكتلة المعارضة الضعيفة، التي جمعت بين أحزاب ذات إيديولوجيات متباينة بشدة، ومنذ هزيمة كليتشدار أوغلو، تدرس أحزاب الكتلة ردود الفعل على الدعوات لتغيير القيادة، بينما لا يزال من غير الواضح ما إذا كانت ستوحد قواها مرة أخرى في الانتخابات البلدية المقبلة عام 2024.

كليتشدار أوغلو، الذي نجح في الحصول على نسبة عالية من الأصوات ضد أردوغان، بفضل دعم كتلة معارضة من ستة أحزاب، كان يُنظر إليه على أنه الأمل الأخير للمعارضة، وتحديداً حزب الشعب الجمهوري، ضد أردوغان وحزب العدالة والتنمية، الحاكم منذ أكثر من عقدين. وأثارت هزيمته جدلاً حول أهليته لقيادة أقدم حزب تركي، الذي أسسه مصطفى كمال أتاتورك، مؤسس الجمهورية التركية.

كان إمام أوغلو، الذي ارتفعت شعبيته بشكل كبير عندما فاز في الانتخابات البلدية عام 2019، وهو الأول من نوعه منذ عقود لحزب الشعب الجمهوري عن المدينة الأكثر اكتظاظاً بالسكان في تركيا، من بين الأسماء الأولى في الحزب التي عبرت عن الحاجة إلى "التغيير" في حزب الشعب الجمهوري.

وبالرغم من أن معارضي كليتشدار أوغلو يؤكدون على الحاجة إلى تغيير كامل للحزب وتغيير عقليته بعد وصوله إلى السلطة، يتلخص الجدل في النهاية في الحاجة إلى استبدال الرئيس، الذي تم انتخابه لقيادة حزب الشعب الجمهوري عام 2010، وتزداد المطالبات بإنهاء رئاسته للحزب يوماً بعد يوم، حيث يستعد الحزب لعقد مؤتمر انتخابي في الأشهر المقبلة.

محتوى الفيديو

ويبدو أن مقطع الفيديو "المسرب" لإمام أوغلو، الذي أثار ضجة على وسائل التواصل الاجتماعي بعد أن نشره مستخدمون مجهولون، تم تسجيله يوم الأحد الماضي، وبدأ فيه رئيس البلدية محادثته مع الآخرين بقوله: "أتمنى لك يوماً سعيداً"، ويركز معظم محتوى الفيديو على المحادثات حول كيفية حشد الدعم من مندوبي حزب الشعب الجمهوري المحليين في عدة ولايات تركية، وفي مرحلة ما من الفيديو، تحدث إمام أوغلو عن "مؤتمر غير عادي (استثنائي)، ويشير إلى محادثته السابقة مع الآخرين حول كيفية "نضوجها".

ويتحدث المتكلمون الآخرون في الفيديو أيضاً عن إعداد عريضة لدعوة إلى المؤتمر، ويشيرون إلى ميثاق الحزب لإجراء انتخابات لاستبدال كليتشدار أوغلو، ويناقشون كيف يمكن أن يرد إذا اكتسب التماسهم زخماً ومهد الطريق في النهاية لإجراء انتخابات استثنائية.

ومن بين المشاركين في الاجتماع المسرب "غوكهان غونايدين وأونورسال أديغوزيل وتيكين بينغول وإنجين ألتاي ومحرم إركي وبولنت تيزجان"، بينما يقول المشاركون إن "سيلين سايك بوك" لم تتمكن من الحضور.

وجميع الأسماء من الدائرة القريبة لكليتشدار أوغلو، واتهم المنشقون كليتشدار أوغلو بإجبار أعضاء "المدرسة القديمة"، الأكثر ولاءً للإيديولوجية العلمانية والديمقراطية الاجتماعية التقليدية في السنوات الأولى للحزب، على مغادرته.

ويبدو أن الأسماء التي حضرت الاجتماع مع إمام أوغلو تمثل معارضة جديدة داخل المعارضة حيث يمثل كليتشدار أوغلو عقلية جديدة شاملة للحزب، الأمر الذي أدى حتماً إلى نفور بعض الناخبين، وحاول كليتشدار أوغلو تحقيق التوازن من خلال مد "غصن الزيتون" إلى شرائح مختلفة من المجتمع قبل الانتخابات، لكنه في النهاية وجد نفسه عرضة للانتقاد، لدعمه حزب الشعوب الديمقراطي (HDP)، المعروف بدعمه لتنظيم " بي كي كي" الإرهابي.

إنجين ألتاي هو نائب رئيس سابق لحزب الشعب الجمهوري، وغوكهان غونايدين وهو سياسي مخضرم عمل في العديد من المناصب العليا في الحزب، أما أونورسال أديغوزيل، الذي كان مشرّعاً سابقاً، فقد أُعفي من منصبه كنائب لرئيس حزب الشعب الجمهوري المسؤول عن الاتصالات، بعد هزيمة كليتشدار أوغلو في الانتخابات.

تيكين بينغول هو نائب رئيس سابق لحزب الشعب الجمهوري، بينما قيل إن محرم إركيك سيكون وزيراً للعدل محتمل في حالة فوز كليتشدار أوغلو في انتخابات مايو، لكنه الآن يعمل فقط عضوا في مجلس الحزب.

بولانت تيزجان كان نائباً لرئيس الحزب حتى الهزيمة الأخيرة في الانتخابات ويعمل حالياً فقط نائبا عن حزب الشعب الجمهوري، بينما شغلت سيلين سايك بوك منصب نائب رئيس حزب الشعب الجمهوري بين عامي 2014 و2017 ومنصب الأمين العام للحزب بين عامي 2020 ويونيو 2023.

رد إمام أوغلو على التسريب

إمام أوغلو، قلل، الأربعاء، من أهمية "سرية" الاجتماع، وقال للصحفيين في إسطنبول: "إنها مسائل حزبية وبطبيعة الحال أناقشها مع أعضاء حزبي، سبق أن حضرت اجتماعات مماثلة، ربما حوالي 200 اجتماع من هذا القبيل منذ الانتخابات وسيتم عقد المزيد، بل أنني أخطط لحضور مثل هذا الاجتماع اليوم. هذا ليس سراً لكنني لن أناقش ما ناقشناه في الاجتماعات الآن أمام (للصحفيين)".

وكان مصدر قلق إمام أوغلو الوحيد هو التسريب، وقال في هذا الصدد: "سنحقق في الأمر. سنرى ما إذا كان شخصاً من الحزب أم لا".

دعوة للتغيير

في الشهر الماضي، أصدر إمام أوغلو بياناً جريئاً لأجل التغيير في حزب الشعب الجمهوري، بينما امتنع عن التحدي الصريح ضد كليتشدار أوغلو، ورفع إمام أوغلو راية تمرده من خلال موقع إلكتروني جديد يحث أنصار حزب الشعب الجمهوري ومنتقديه على حد سواء في تركيا والإدارة على "المساهمة في التغيير في حزب الشعب الجمهوري".

وجاء في البيان الترحيبي على موقع إمام أوغلو كمقدمة للبيان الذي سيصدره هذا الأسبوع: "نحن نتطلع إلى هيكل معارضة فشل في أن يكون فعالاً أو أن يصبح إدارة بديلة"، في إشارة إلى تحالف الطاولة السداسية الذي يديره حزب الشعب الجمهوري منذ عام 2018، والذي ساعد إمام أوغلو على انتخابه في انتخابات رئاسة البلدية للعام 2019، وقال إمام أوغلو إن "تجربة الشراكة لا يمكن التغاضي عنها"، مضيفاً إن " الكتلة فوتت فرصتها إحداث التغيير في تركيا في الانتخابات الأخيرة".

وأضاف بيان إمام أوغلو: "لم نتمكن من تلبية مطالب ناخبي المعارضة الذين خذلتهم الهزيمة، ولا يمكننا إلقاء اللوم على بهذه الهزيمة الكبيرة على الناخبين، ولا إجراء أي تقييمات سليمة للمستقبل دون مواجهة هذه الحقيقة الواضحة وأسباب خسارتنا".

وأصر رئيس بلدية إسطنبول على أن سكان تركيا يتوقعون التغيير من المعارضة، وادعى أن مثل هذا التحول "الصبور والعقلاني" أمر "ممكن للغاية"، وقال إمام أوغلو بهذا الصدد: "التظاهر بعدم وجود خطأ والإصرار على أخطاء قديمة، في حين أن هذه الحاجة واضحة، يفشل في فهم مشاعر الملايين الذين يعانون بسبب هذه الهزيمة".

وأشار إمام أوغلو إلى أن "قوة الإرادة الحازمة على التغيير والتشكيك في المواقف السياسية وإضفاء الطابع المؤسسي على الديمقراطية داخل الحزب في حزب الشعب الجمهوري ستفتح الباب أمام تجديد شباب المعارضة بأكملها".

وانتقد العديد من الأعضاء البارزين، حتى الآن، إصرار زعيم حزب الشعب الجمهوري على التمسك بمقعده، حتى أن رؤساء 81 فرعاً من حزب الشعب الجمهوري أصدروا إعلاناً مشتركاً من أجل "تغيير مستقل عن الأشخاص" الشهر الماضي.

ورفض كليتشدار أوغلو الاعتراف برد الفعل العنيف، وبرر تمسكه برئاسة الحزب بالإشارة إلى الحاجة إلى الاستقرار في الانتخابات المحلية القادمة في مارس 2024.

وعندما حشد إمام أوغلو، الذي أصبح المنافس المفضل ليحل محله، أولاً للتغيير داخل حزب الشعب الجمهوري، كان دحض كليتشدار أوغلو سريعاً، بحجة أنه "يجب بدلاً من ذلك التركيز على سباق رئاسة البلدية في العام المقبل للحفاظ على سيطرة الحزب على رئاسة بلدية أكبر مدينة في تركيا". ومع ذلك، كان إمام أوغلو مضطرباً، وشن حملة سرية وجمع الدعم لما يتوقع الكثيرون أن يتحول إلى تحدٍ رسمي في المؤتمر العام القادم لحزب الشعب الجمهوري في وقت لاحق من العام الجاري.

وعندما سُئل كليتشدار أوغلو مؤخراً عن إمكانات إمام أوغلو، قال: "ينتخب حزب الشعب الجمهوري رئيسه في مؤتمراته.. يخرج المرشحون ويتنافسون.. حزب الشعب الجمهوري لا يقدم مقعد الرئيس إلى أي شخص على طبق من ذهب.. هذا السلوك ليس من تقاليد حزب الشعب الجمهوري.. بالطبع، يمكن لكل عضو في حزب الشعب الجمهوري، بما في ذلك أكرم، أن يكون مرشحاً لمنصب رئيس حزب الشعب الجمهوري".

ولا يتعلق مسعى إمام أوغلو بـ "اشتهاء الرتبة أو المكانة" لنفسه، لكنه قال أيضاً إنه سيترك حزب الشعب الجمهوري إذا لم يأت التغيير الذي يطالب به.

ويواجه رئيس البلدية أيضاً دعوى قضائية قد تمنعه من ممارسة السياسة وتقضي على احتمالاته قبل أن يتمكن من الترشح لقيادة حزب الشعب الجمهوري أو في عام 2024.

ويسبق البيان في موقعه على الإنترنت، بياناً قال فريقه فيه إنه "سيرد على صفوف حزب الشعب الجمهوري للتشكيك في أسباب التغيير".

كما عقد 18 من رؤساء الولايات التابعين لحزب الشعب الجمهوري في اجتماع سري مؤخراً، وهي خطوة أثارت غضب رئيس فرع إسطنبول جانان كفتانجي أوغلو، الذي قال: "لا يمكن لشخص مثل إمام أوغلو أن يترشح لمنصب رئيس بلدية إسطنبول لولا كليتشدار أوغلو".

ويبدو أن طموح رئيس البلدية المتزايد يمكن أن يثير المواجهة مع كليتشدار أوغلو وجر حزب الشعب الجمهوري المعارض إلى الفوضى قبل الانتخابات البلدية لعام 2024.

وفي مكان آخر في تحالف الأمة المعارض، الذي ظهر في حالة يرثى لها، على الأقل حتى الانتخابات القادمة، نجت رئيسة حزب الجيد ميرال أكشنر من الهزيمة الانتخابية إلى حد كبير، وحققت وزيرة الداخلية السابقة، التي انشقت عن حزب الحركة القومية الحليف للحكومة الحالية، نصراً حاسماً في انتخابات داخل الحزب في يونيو/حزيران. ومع ذلك، قبل الانتخابات العامة وبعدها، خسرت أكشنر العديد من الأسماء البارزة التي تنتقد تحالف الحزب مع حزب الشعب الجمهوري وآخرين، وأولئك الذين خاب أملهم بعد هزيمة 28 مايو وقرروا الانسحاب من الحزب.