أكد الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، أمس الثلاثاء، أن بلاده قامت بإبلاغ كل من روسيا والولايات المتحدة وإدارة شمال العراق بالقصف الذي شنته بلاده قبل العملية ضد قوات تابعة لتنظيم بي كا كا الإرهابي في سنجار بالعراق.
وقال أردوغان في مقابلة مع رويترز إن العمليات ستستمر في سنجار وفي شمال سوريا حتى القضاء على "آخر إرهابي"، بحسب تعبيره، مشدداً على أن تركيا لن تسمح بأن تصبح سنجار قاعدة لمقاتلي تنظيم بي كا كا، أو أن تتحول إلى قنديل ثانية (مركز تجمع ونشاط التنظيم شمال العراق).
يأتي هذا في الوقت الذي أعربت فيه الإدارة الأمريكية عن "قلقها من مشكلة في التنسيق" في الغارات الجوية التركية التي استهدفت عناصر التنظيم الإرهابي. حيث قال الناطق باسم الخارجية الأمريكية، مارك تونر: "لم يتم التنسيق بالشكل الكافي مع الولايات المتحدة ولا مع التحالف الدولي ضد داعش، بخصوص الغارات التي نفذتها تركيا الثلاثاء على شمال العراق وشمال سوريا".
وأعلن الجيش التركي، مساء الثلاثاء، تحييد نحو 70 من إرهابيي منظمة "بي كا كا" الانفصالية، في الغارات التي نفذتها مقاتلاته على أوكار المنظمة.
لا حل مع الأسد.. وهناك بدائل كثيرة له
وفي سياق متصل، أكد أردوغان أنه ما من سبيل للتوصل إلى حل للصراع في سوريا ما دام بشار الأسد في السلطة وقال إن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين أبلغه أنه ليس ملتزما بصفة شخصية بموقع الأسد رئيساً للنظام، في إشارة إلى تخفيف موسكو دعمها للأسد.
وقال أردوغان في مقابلة مع رويترز في المجمع الرئاسي في أنقرة إن "الأسد ليس عنوانا لحل منتظر في سوريا. ينبغي تحرير سوريا من الأسد لكي يظهر الحل". وأضاف: "ما دام الأسد في السلطة لن يمكن على الإطلاق التوصل إلى حل في سوريا".
ومضى قائلا: "لقد هاجم شعبه بالدبابات وبالمدافع وبالبراميل المتفجرة وبالأسلحة الكيماوية وبالطائرات المقاتلة. هل تعتقدون أنه يمكن أن يكون السبيل إلى التوصل إلى حل؟".
وألمح إردوغان أيضا إلى تخفيف الدعم الروسي للأسد. وأضاف أن بوتين قال له "'أردوغان.. لا تفهمني خطأ. لست أدافع عن الأسد ولست محاميه'. هذا ما قاله. بوتين أبلغني بذلك".
وقال إن هناك تطورات بشأن سوريا لا يمكن لبوتين "أن يتقاسمها معنا... لكن الآن بوتين و(الرئيس الأمريكي دونالد) ترامب وأمريكا وإيران والسعودية وقطر.. كلنا نقوم بدور ناشط في الجهود الرامية إلى التوصل إلى حل في سوريا. بإمكاننا أن نتجمع وبإمكاننا مساعدة الشعب السوري على اتخاذ قراره". ونفى أردوغان بشدة أن البديل الوحيد للأسد سيكون تولي سنة متشددين مثل تنظيم داعش السلطة في سوريا وقال "داعش لن يحل محل الأسد (...) داعش ليس ممثلا للإسلام... إنهم خارجون عن الدين وليس لهم صلة بالإسلام وهذا أمر علينا أن نتفق عليه جميعا".
وقال أردوغان إنه تحدث عن هذا الأمر مع ترامب وبوتين بعد أن أخفق في تحقيق أي تقدم مع الرئيس الأمريكي السابق باراك أوباما.
وأضاف أنه سيتحدث الآن مع الإدارة الجديدة "عن هذه الجوانب وسندعوهم لاتخاذ الخطوة التالية معنا حتى يمكن أن يقرر الشعب السوري مصير بلاده."
ومضى قائلا "الأسد قتل مئات الآلاف. ولدي في بلدي ثلاثة ملايين لاجئ ويوجد حاليا 1.5 مليون لاجئ في لبنان وهناك نحو مليون لاجئ في الأردن... هؤلاء الناس فروا من وطنهم. لماذا؟ الأسد هو السبب الوحيد. لا نستطيع التحدث بعد الآن عن حل مع الأسد وإلا ستكون جهودنا بلا طائل. ولذلك علينا أن نتيح لشعب سوريا اختيار زعيمه".
وقال أردوغان إنه على يقين من وجود بدائل عديدة للأسد. وأضاف "ليس لدي أي تردد. ليست لدي أية تحفظات. هناك أسماء مثالية كثيرة يمكن أن تتولى الزعامة".
الاتحاد الأوروبي يتفكك..
وقال أردوغان إن الاتحاد الأوروبي بحاجة إلى إجراء مراجعة ذاتية وإنه دخل الآن في مرحلة التفكك، مشيراً أنه "لا يمكن لدولة واحدة أو اثنتين أن توقف الاتحاد الأوروبي على قدميه، عليهم أن يعلموا ذلك".
واعتبر أردوغان أن "وجود دولة صديقة وتمثل معتقداً دينياً مختلفاً، مثل تركيا، داخل الاتحاد، كان سيضفي عليه مزيدا من القوة. إنهم غير منتبهين إلى ذلك حاليا لأنه لا توجد الآن أي دولة ذات أغلبية مسلمة داخل الاتحاد، يمكن فقط لتركيا أن تكون هذه الدولة، إلا أنهم لم يستطيعوا أن يتقبلوا ذلك الأمر على مدى 54 عاما".
وأفاد أردوغان أنه في حال استمر الاتحاد الأوروبي في المماطلة بخصوص عضوية تركيا "سيكون أمامنا أمر واحد فقط لنفعله، وهو طرح الأمر على الشعب. بريطانيا لجأت إلى الشعب الذي اختار الخروج من الاتحاد الأوروبي وهم الآن يمضون نحو المستقبل بسلام. وربما تلجأ دول أخرى داخل الاتحاد لنفس الخيار". وأضاف أن الاتحاد الأوروبي لم يفِ بأي من وعوده تجاه تركيا، منذ أن قدمت طلبا للانضمام للاتحاد قبل 54 عاما.
وضرب مثالا على ذلك أن الاتحاد الأوروبي وعد بتقديم دعم بقيمة 3 مليارات يورو في يوليو/ تموز 2016 للاجئين الموجودين في تركيا الذين يصل عددهم حوالي 3 ملايين، ثم قدم وعدا بتقديم دفعة ثانية من 3 مليارات يورو أيضا خلال نفس العام، إلا أن كل ما قدمه حتى الآن 725 مليون يورو.
وتطرق أردوغان إلى موضوع إلغاء تأشيرة الاتحاد الأوروبي على المواطنين الأتراك، قائلا "كان من المفترض أن تلغى التأشيرة نهاية عام 2015، ثم أجّل الاتحاد الأوروبي ذلك إلى 2016، ومع ذلك لم يتم اتخاذ هذا القرار حتى الآن".
وأشار الرئيس التركي أن الاتحاد الأوروبي لا يفرض تأشيرة على مواطني دول أمريكا اللاتينية إلا أنه يفرضها على الأتراك.
وحول الحديث عن إمكانية عودة العمل بعقوبة الإعدام، قال أردوغان إن أهالي الشهداء والمصابين في المحاولة الانقلابية الفاشلة التي شهدتها تركيا العام الماضي، دأبوا في التجمعات الانتخابية خلال فترة الاستفتاء على المطالبة بإعادة الإعدام. وأوضح أردوغان أن إجابته على تلك المطالبات كانت أن القرار بيد الشعب كما تقتضي قواعد الديمقراطية، ومن ثم فإنه في حال عرضت الأحزاب الأمر على البرلمان واتخذ قرارا بإعادة عقوبة الإعدام فباعتباره رئيسًا للجمهورية سيصدق على هذا القرار الممثل لإرادة الشعب.
وأضاف أنه قد يطرح موضوع إعادة عقوبة الإعدام في استفتاء شعبي، إذا تطلب الأمر ذلك.
وأشار الرئيس التركي إلى أن دول العالم التي تطبق عقوبة الإعدام أكثر من الدول التي لا تطبقها، إلا أن الاتحاد الأوروبي لا يتحدث سوى عن تركيا رغم أن الموضوع لم يطرح حتى في برلمانها، وتساءل عن سبب ذلك.