يرجع تاريخ العلاقات التركية- الأفريقية إلى القرن التاسع الميلادي؛ وكان الأتراك ينظرون على مر السنين إلى الأفارقة كأخوانهم وأخواتهم، وأقاموا جسور التواصل معهم على أساس الإحترام والتقدير المتبادل.
وعلى عكس القوى الإستعمارية، تمتلك تركيا تاريخاً مشرفاً في القارة الأفريقية، ليس به فصول سوداء. فنحن ربما نتحدث لغات مختلفة، وننحدر من أصول عرقية متنوعة ومظهرنا مختلف؛ إلا أن الشعب الأفريقي كان دائماً شريكاً وحليفاً لنا.
وقد لعب هذا الإرث الكبير من التعاون والتضامن دوراً مفتاحياً في نجاح سياسة الشراكة التركية مع أفريقيا.
لقد قمت بجولة أفريقية العام الماضي شملت أثيوبيا وجيبوتي والصومال. وأنا أزور الأسبوع الجاري أزور ساحل العاج وغانا ونيجيريا وغينيا، بصحبة وفد كبير يضم عدد كبيراً من الوزراء والبرلمانيين والمسؤوليين الحكوميين، إضافة إلى عدد من رجال الأعمال والمستثمرين.
آمل أن تساهم هذه الزيارات في توطيد العلاقات مع القارة الأفريقية، وأن تساعد في تطوير العلاقات السياسية والاقتصادية والتجارية بين الشعبين.
لقد أثمرت الجهود التركية لبناء علاقات أقوى مع الشعب الأفريقي في السنوات الأخيرة.
ومع إطلاقنا لمبادرة الإنفتاح الإفريقي عام 2005 استطعنا تحقيق تقدم ملحوظ في التبادل التجاري والحوار السياسي والتعليم والاستثمارات الأجنبية المباشرة، في الثماني سنوات التالية لإطلاق المبادرة.
إن سياستنا الجديدة تجاة أفريقيا ليست فقط تتويجاً للإرث التركي- الأفريقي- الأورآسيوي، بل يثبت أيضاً القدرة على مواجهة حقائق وتحديات القرن الـ 21.
ونحن نفتخر بأننا أصبحنا بعد عقد من إطلاق المبادرة، رابع أكثر دولة تنشط في القارة الأفريقية.
بعد حصول تركيا على صفة مراقب في الاتحاد الأفريقي عام 2005، شرعت في العمل بسرعة كي تصبح شريكاً استراتيجياً للاتحاد وهو ما تم بالفعل عام 2008.
ومع عقد قمة التعاون التركي- الأفريقي في اسطنبول في العام نفسه، اكتسبت العلاقات زخماً ساعد في توطيد الروابط بين الشعبين التركي والأفريقي.
ومع عقد القمة الأفريقية التركية لاحقاً، بعاصمة غينيا الاستوائية "مالابو"، اكتسب التعاون بيننا الطابع المؤسسي.
إننا نتطلع لاستضافة قمة التعاون التركي الأفريقي الثالثة باسطنبول عام 2019، حيث نأمل أن نصل بالشراكة بيننا إلى مرحلة جديدة لتعزيز العلاقات الثنائية بيننا بشكل أكبر.
ستواصل تركيا، في الوقت نفسه، مشاركة خبراتها التاريخية والاجتماعية والسياسية والثقافية. كما ستواصل تقديم الفرص والإمكانات لأخواننا الأفارقة. وأثناء قيامنا بذلك، سنواصل دعم مبدأ "الحلول الأفريقية للمشاكل الأفريقية"، كما سنواصل التمسك بمبدأ المنفعة المشتركة.
إن بيانات التجارة الدولية تعد مقياساً ملموساً لتنامي الشراكة التركية مع الشعب الأفريقي.
لقد تضاعف حجم التبادل التجاري بين تركيا ودول جنوب الصحراء الكبرى عشرة أضعاف خلال الـ 13 عاماً الماضية. حيث ارتفع من 742 مليون دولار عام 2000 إلى 8.4 مليار دولار عام 2014.
إضافة إلى ذلك تمتلك الشركات التركية استثمارات تقدر بـ 6.2 مليار دولار في عموم القارة الأفريقية.
كما أن شركة الخطوط الجوية التركية أيضاً هي مصدر فخر لنا في علاقاتنا مع أفريقيا، حيث تطير الشركة إلى 48 جهة في 31 دولة أفريقية. أما اسطنبول فأصبحت مركزاً مهماً ونقطة انطلاق للمسافرين الأفارقة المتجهين إلى العديد من الدول.
لقد ساهم ظهور الخطوط الجوية التركية كشركة طيران بارزة في أفريقيا في تقوية العلاقات بين الشعبين، إذ تمكن رجال الأعمال والمستثمرين الأتراك من توسيع شبكات أعمالهم عبر القارة الأفريقية.
في السنوات الأخيرة أصبحت تركيا لاعباً بارزاً في مجتمع التنمية الدولية، حيث يحتل قادة الدول الغربية كل المواقع القيادية.
وقامت وكالة التعاون والتنسيق التركية (تيكا) بالإضافة إلى منظمة الهلال الأحمر التركي ووزارة الصحة ومنظمات المجتمع المدني في تركيا بمساعدة العديد من الشعوب في مختلف بلدان القارة الأفريقية.
في عام 2013، ساهمت تركيا بـ 781.2 مليون دولار في مشاريع الإغاثة الرسمية. وشكل هذا المبلغ ربع حجم ميزانية المساعدات الخارجية التركية لذلك العام.
كما نعمل بجد أيضاً لتلبية احتياجات أفريقيا من القوى العاملة المدربة.