فاز حزب العدالة والتنمية الحاكم في انتخابات حاسمة في عامه العشرين، وبدأ مسيرة جديدة مدتها خمس سنوات، ومنذ وصول الحزب السلطة، ما زالت الجمهورية التركية تواجه مشاكل خطيرة.
ففي بداية القرن، كانت تركيا مثل جميع البلدان النامية، تعالج مشاكلها من ناحية، وترزح تحت ضغط البلدان التي استغلت العالم لمدة 200 عام من ناحية أخرى.
وبدت تركيا كدولة مستقلة وقوية ذات أراض شاسعة تحكمها الديمقراطية لما يقرب من 100 عام. لكن في البداية، من الصعب ملاحظة كيف تستغل الدول الغربية الدول النامية وتفقر الناس.
كانت تركيا دولة تخضع لوصاية عسكرية ذات دور فعال استمر حتى عام 2016. ومع ثورة 1960، وقع انقلاب يتوافق مع مفهوم الناتو، وأُعطي الجيش حق السيطرة على السياسة والإدارة وسلطة الدولة. وقد يكون من الكافي ذكر هذا الانقلاب بمفرده للتأكيد على أن الاستقلال كان يلوح في الأفق من الخارج.
مجالات متطورة
عندما تولى رجب طيب أردوغان الإدارة، واجه وضعاً اقتصادياً صعباً. وكانت السلطة العسكرية دائماً تتسلط على أكتاف الحكام حيث فقد المجتمع ثقته بنفسه وأصبحت سلطة الدولة ضعيفة ومعطلة. وبالرغم من أن تركيا لم تكن في فئة البلدان المتخلفة آنذاك، إلا أنها كانت هشةً بسبب الافتقار إلى البنية التحتية المناسبة.
وأكمل الرئيس أردوغان البنية التحتية لأنظمة النقل والطاقة والصحة في تركيا خلال فترة حكمه التي استمرت 20 عاماً. وتم رفع تركيا إلى مستوى الدول المتقدمة فيما يتعلق بالبنى التحتية المعاصرة إضافةً لسداد جميع الاستثمارات اللازمة.
ومن المتوقع أن يركز أردوغان في فترته الحالية التي تعتبر فترة السيادة، على مجالات أكثر تطوراً. وأول هذه المجالات هو تحسين النظام القانوني. لقد بنت الدول الغربية نظامها القانوني ودربت شعبها على الامتثال. وإذا نظرنا إلى البيانات المقدمة في تركيا حتى الآن، لا نجد أن وضع النظام القانوني هو المشكلة فقط، ولكن هناك مشاكل أعمق مع المواطنين الذين يمتثلون للقوانين واللوائح.
والمسألة الثانية التي يجب على الحكومة معالجتها هي استكمال مؤسسات الدولة بشكل شامل. فقد نظم حزب العدالة والتنمية العلاقات بين المواطنين والدولة منذ تأسيسه، وكانت طلبات الناس دائماً موضع احترام مؤسسات الدولة، وخاصة مع بداية العصر الرقمي، إذ أنشأت تركيا واحدة من أفضل البنى التحتية الرقمية العاملة على مستوى العالم، وتطبيقات مثل e-Nabız الصحي الشخصي، و e-Devlet للخدمات الحكومية.
ولا يزال يتعين على الحكومة تحسين وتمكين هذه الممارسات الإيجابية من أن تمتد بشكل عام إلى كل مستوى وكل ركن من أركان إدارة الدولة الواحدة تلو الأخرى.
وإلى جانب السياحة، التي تطورت بشكل ملحوظ، تحولت تركيا إلى واحدة من أكثر الوجهات جاذبية في العالم، فإن السياحة الصحية هي أيضاً على جدول الأعمال، فبعد إنشاء واحدة من أحدث البنى التحتية الصحية، ومع تقدم التعليم الطبي في الدولة الذي يؤهل الخريجين من الطراز العالمي في كل فرع طبي، بدأت صناعة السياحة العلاجية تظهر بشكل متطور للغاية والتي ستساهم بشكلٍ كبير في الاقتصاد الوطني.
نموذج الأمن والدبلوماسية
من ناحية أخرى، اتخذت تركيا في العقد الماضي خطواتٍ حاسمةِ لتغيير شروط نموذجها الأمني، وأثر التقدم في هذا المجال على الدبلوماسية، إذ ساعدت الوتيرة المتسارعة في السياسة الدولية على الجمع بين تركيا الحديثة ومهمتها التاريخية، فمنذ انهيار الدولة العثمانية، كان هناك دائماً طلب على تركيا في البلقان وأفريقيا والشرق الأقصى والشرق الأوسط. ومع ذلك، لم تكن تركيا مستعدةً تماماً لتلبية النداء ببنية تحتية هشة وبدون قيادة قوية. أما اليوم، فقد برزت جمهورية تركيا على مستوى التوقعات العالمية، وستكون إحدى واجبات الحكومة الحاسمة هي تعزيز هذه العلاقات الدبلوماسية وتعزيز العلاقات الثقافية على أسس موثوقة بشكل دائم.
وباختصار، أكملت الجمهورية التركية تطورها من حيث الاستثمارات الضخمة في البنية التحتية بإدارة رجب طيب أردوغان وظهرت كدولة متطورة. لقد حان الوقت لمزيد من التطوير والتحسين في المجالات المعقدة مثل القانون وحقوق الإنسان والاقتصاد، وإلا فلن تكون البلاد قادرة على الحفاظ على مستوى التطور الذي حققته، وعندما تتمكن تركيا من تكرار نجاحها في الاستثمارات في مجالات أكثر تعقيداً، فإن تقدمها وتأثيرها في جميع أنحاء العالم سوف يتضخم إلى حد بعيد.