تستضيف العاصمة الإيرانية طهران، غداً الجمعة، القمة الثلاثية حول الوضع السوري بين زعماء الدول الضامنة لمحادثات آستانة تركيا وروسيا وإيران.
ورغم أن القمة سبقها اثنتان واحدة بسوتشي وأخرى بأنقرة إلا أن قمة الغد تحمل أهمية خاصة من ناحية التوقيت؛ إذ تأتي القمة في وقت يواصل في النظام السوري استعداداته لشن عملية عملية عسكرية موسعة على مدينة إدلب آخر معاقل المعارضة المسلحة في البلاد.
وكان المبعوث الخاص للأمم المتحدة ستيفان دي ميستورا قد صرح الثلاثاء الماضي، أن نظام الأسد حدد مهلة تنتهي في 10 سبتمبر قبل شن هجوم على إدلب". مما يجعل قمة الغد بمثابة "الفرصة الأخيرة" للتوصل إلى حل يمنع وقوع كارثة إنسانية في إدلب.
ورغم أن البيان الختامي للقمة السابقة التي جمعت زعماء الدول الثلاث في أنقرة أبريل/ نيسان الماضي أكد رفض الدول الثلاث لكل المحاولات الرامية إلى خلق واقع ميداني جديد في سوريا تحت ستار مكافحة الإرهاب، إلا أن الواقع على الأرض يظهر غير ذلك . إذ يتخذ النظام السوري وداعموه مكافحة الإرهاب ووجود عناصر هيئة تحرير الشام (جبهة النصرة سابقاً) في إدلب ذريعة لتنفيذ عملية عسكرية موسعة للسيطرة على المدينة التي تعد آخر قلاع المعارضة المسلحة حيث تضم حوالي 100 ألف مسلح من مختلف الفصائل.
بذلت تركيا ولا تزال جهوداً كثيفة لمنع تنفيذ عملية عسكرية في إدلب التي تضم نحو 4 ملايين من المدنيين. تمثلت هذه الجهود في جهود دبلوماسية لإقناع روسيا والمجتمع الدولي بضرورة الضغط على النظام السوري لمنعه من تنفيذ العملية، وأيضا محاولات لإقناع هيئة تحرير الشام عبر فصائل المعارضة المسلحة المعتدلة بضرورة حل الهيئة نفسها لتجنيب المدينة والمدنيين بها كارثة محققة. إلا أن التطورات على الأرض التي تظهر تمسك نظام الأسد بفكرة العملية وضمانه الدعم الروسي والإيراني تظهر أن منع العملية أصبح أمراً صعبا جدا وبات الحديث هنا عن جهود لإقناع روسيا وإيران بالضغط على نظام الأسد للقيام بعملية محدودة النطاق في أماكن معينة لتجنيب المدنيين كارثة كبيرة.
ويبدو أن المساعي التركية في إخراج هيئة تحرير الشام من إدلب لم تكلل بالنجاح إذ لم تعلن الهيئة حل نفسها، كما قامت تركيا يوم الجمعة الماضي بتحديث لائحة الإرهاب وأدرجت عليها اسم هيئة تحرير الشام.
وكان قيام الطائرات الحربية الروسية أول أمس بقصف عدة مناطق في جنوب وجنوب غرب إدلب إشارة إلى أن العملية العسكرية على المحافظة باتت أمراً محققاً وفي الوقت نفسه إشارة إلى أن الجهود التركية لم تثمر حتى الآن.
موقف أوروبا والولايات المتحدة من العملية
أعلنت أغلب الدول الأووربية رفضها للعملية العسكرية المحتملة على إدلب مؤكدة أنها ستتسبب في كارثة إنسانية.
"إن مثل هذا الهجوم ستكون له انعكاسات كارثية" و"سيؤدي الى كارثة إنسانية جديدة وهجرة كبيرة حيث يمكن أن يهدد مباشرة ثلاثة ملايين مدني وفق أرقام مكتب تنسيق الشؤون الإنسانية التابع للامم المتحدة في المنطقة".
كما حذر وزير الخارجية الألماني هايكو ماس من كارثة إنسانية حال تنفيذ عملية عسكرية محتملة بمحافظة إدلب.
وحذرت الولايات المتحدة نظام الأسد من استخدام السلاح الكيمياوي في إدلب مهددة بأنها سترد وبسرعة وبالشكل المناسب إذا أقدم الأسد على مثل هذه الخطوة.
كما غرد الرئيس الأمريكي ترامب قائلاً " على الرئيس السوري بشار الأسد ألا يهاجم بشكل متهوّر محافظة إدلب. سيرتكب الروس والإيرانيون خطأ إنسانياً جسيماً إذا شاركوا في هذه المأساة الإنسانية المحتملة يمكن لمئات الآلاف من الناس أن يُقتلوا. لا تدعوا هذا الامر يحدث".
الموقف الأمريكي والأوروبي الرافض للعملية كان من الممكن أن يقوي يد تركيا خلال المفاوضات إلا أن النظام السوري روسيا لا يعبأان دائماً بالرأي العام الدولي ولا قرارات الأمم المتحدة. كما أن روسيا لديها القدرة على عرقلة أي قرار يمكن اتخاذه ضد نظام الأسد في مجلس الأمن. كل ذلك يشير إلى أن المفاوضات ستتركز حول تحجيم العملية وحصرها على أماكن محددة فقط ، وتأجيلها بعض الوقت- إن أمكن- لاتخاذ كافة الإجراءات اللازمة للحيلولة دون تضرر المدنيين وحدوث موجة نزوح كبيرة بمئات الآلاف ستتسبب في مزيد من المشاكل لاحقاً لكل من تركيا وأوروبا.