أثار بناء شركة تركية لمجمع مالي كبير في قلب عاصمة جمهورية الكونغو الديموقراطية دهشة سكان كينشاسا الذين اعتادوا أن يقوم الصينيون ببناء هكذا مشاريع بهذه السرعة.
وقال بائع جوال اضطر إلى نقل بضاعته منذ أكثر من عام بسبب تغير محيط موقع البناء، ضاحكا "تغير الوضع فجأة". وأضاف أحد رجال الأمن بشيء من الإعجاب "إنهم يعملون ليلا نهارا حتى أسرع من الصينيين".
وقد قام الرئيس التركي رجب طيب أردوغان في شباط/فبراير 2022، بزيارة رسمية إلى جمهورية الكونغو الديمقراطية كانت واحدة من رحلاته الكثيرة إلى أفريقيا.
وبقيادته، استثمرت أنقرة الكثير في القارة العقدين الماضيين لتطوير العلاقات الدبلوماسية والاقتصادية أيضًا. فقد قامت شركات تركية مثلا ببناء مسجد في غانا وملاعب في رواندا أو السنغال، ومطارات في عدد من البلدان.
وفي كينشاسا، أبرم اتفاقيات تعاون تتعلق خصوصا بالأمن والدفاع وبناء البنى التحتية، بما في ذلك "المركز المالي" الذي بدأت أشغال تشييده بسرعة في منطقة امتياز تقع بالقرب من المدرسة التركية، في حي غومبي التجاري.
في هذا المكان الواقع بين قصر العدل ووزارة الخارجية كان هناك ساحة كبيرة تسمى ميدان الاستقلال مزينة بما يشبه منصة إسمنتية باهتة تحملها سلالم لا تؤدي إلى أي نصب.
كان الزوار يسيرون هناك أحيانًا بين صفوف النباتات في أكياس صغيرة اشتراها سكان الفيلات ذات الحدائق المبنية في المنطقة في عهد المستوطنين البلجيكيين.
ثم ظهرت الباحات وأكواخ البناء وارتفعت بسرعة ستة أبراج خرسانية غطتها تدريجياً ألواح زجاجية. وسيضم اثنان منها يبلغ ارتفاع كل منهما حوالى عشرين طابقًا، وزارتي المالية والميزانية.
وسيضم المجمع الذي يتألف من تسعة مباني مركزًا للمؤتمرات ومكاتب وفندقا كبيرا...
- تلفريك
تتولى تنفيذ المشروع بشكل رئيسي شركة "ميلفيست" التابعة لشركة "ميلر" التركية القابضة.
وقال رئيس مجلس إدارتها تورهان ميلدون الذي عقد مؤتمراً صحافياً حول الموقع في منتصف أيلول/سبتمبر إن هذا المشروع وظف نحو ثلاثة آلاف شخص. 1800 كونغولي و1200 تركي.
وبلغت كلفة الأشغال 290 مليون دولار غطتها الشركة التي تستثمر أيضًا ستين مليون دولار في فندق ستديره لمدة 49 عامًا.
ومن المقرر افتتاح المركز المالي في الثاني من كانون الأول/ديسمبر أي قبل الانتخابات المقررة في 20 من الشهر نفسه وترشح فيها الرئيس الحالي فيليكس تشيسكيدي لولاية ثانية.
وبسقالاته التي يغطيها التراب، يبدو موقع بناء السفارة الصينية الجديدة القريب شبه متوقف بينما لم يعد للعمال الصينيون جاذبية التجديد لدى الكونغوليين.
وهؤلاء الموجودون في البلاد منذ عهد موبوتو سيسي سيكو (1965-1997) وبنوا "قصر الشعب" مقر البرلمان و"ستاد الشهداء" الملعب الكبير الذي يتسع لثمانين ألف شخص.
وفي عهد جوزف كابيلا (2001-2019) وبموجب شروط عقد ضخم "لمناجم مقابل بنى تحتية" أعادوا بناء وتوسيع جادات رئيسية بينها جادة 30 يونيو التي تشبه طريقا سريعا داخل المدينة.
وفي عهد فيليكس تشيسكيدي يواصل العمال الصينيون البناء وخصوصا في مشروع مجمع ثقافي ضخم يكاد ينتهي.
لكن في مواجتهتم، تتقدم تركيا. فبالإضافة إلى المركز المالي، تعمل شركة ميلفيست على تجديد وتوسيع مطار كينشاسا، المشروع الذي مُنح في البداية لشركة صينية لكنه لم يكتمل.
ومن المخطط أيضًا بناء تلفريك في منطقة مزدحمة محاطة بالتلال في كينشاسا. وقد أبرمت ميلفيست عقدًا مع شركة "بوما" الفرنسية، المتخصصة في النقل بالكابلات.
ويثير هذا المشروع الذي لا يزال في مراحله الإدارية، خصوصا اهتمام سكان كينشاسا المدينة التي تعمها فوضى ويبلغ عدد سكانها 15 مليون نسمة بينما تنقصها المياه والكهرباء في بعض أحيائها.