بمعجزة إلهية نجا الحاج التركي خليل قره كوش، 78 عاماً من 3 حوادث عاشها بتفاصيلها خلال عامين ونصف، بدأت بإصابته بكورونا ثم تعرض قسم الطوارئ الذي يمكث فيه لحريق كبير وانتهت بنجاته من زلزال قهرمان مرعش الذي ضرب البلاد في السادس من فبراير/شباط الماضي.
قره كوش يروي حكايته صابرا، بمخيم إيواء المنكوبين للبيوت المسبقة بمنطقة إصلاحية التابعة لولاية غازي عنتاب (جنوب).
الحاج العجوز فقد زوجته بعد إصابتها بفيروس كورونا، لكنه نجا منه ومن تبعاته، رغم بقائه في المشفى قرابة 3 أشهر ليعالج على عدة مراحل مختلفة.
وأخيرا، نجا وأبناؤه وأحفاده من الزلزال قفزا من الطابق الثاني، حيث تضرر المبنى بالزلزال الأول، وانهار كاملا بعدها بالزلزال الثاني، ليصبح وأفراد العائلة كلها من المتضررين.
رحلة الإصابة بكورونا
قره كوش روى قصته إذ يقول: "أصيبت زوجتي بداية بفيروس كورونا ونقلت للمستشفى في كانون الثاني/ ديسمبر 2020، وبعدها بيوم نقلت أيضا إلى المستشفى، زوجتي توفت ولكنني بعد رحلة علاج خرجت من المشفى لكني عدت مجددا للعلاج".
وأضاف: "أدت فترة العلاج من كورونا إلى تأثيرات في المعدة ومضاعفات جعلتني أتنقل بين مشافي غازي عنتاب، ونقلت بعدها إلى قسم العناية المركزة بمستشفى خاص، وهناك حصل حريق وانفجار بقسم الطوارئ (توفي 11 مريضا في ذلك الانفجار)".
وتابع قره كوش قصته: "صحوت بأصوات تحذيرات من وجود حريق بالقسم فنزعت الأنابيب الموصولة بجسدي وهرعت للباب ودعوت ربي أن ينقذني من الحريق كما أنقذ النبي إبراهيم عليه السلام، وحصل بعدها الانفجار".
وواصل الحديث: "انفتح الباب لاحقا بعد عدة محاولات، خرجت من هناك ولكن لأن لدي حساسية من الدخان غبت عن الوعي بعد خروجي من المكان".
الحاج قره كوش قال إنه أفاق لاحقا ليرى نفسه في مستشفى آخر، وأبلغته الممرضة بما حصل في المستشفى السابق، وهناك أكمل رحلة علاجه من كورونا التي امتدت لثلاثة أشهر، قبيل أن يخرج من المستشفى معافى.
وحول تجاوزه كارثة الزلازل، قال قره كوش: "كنت نويت الصيام في يوم الزلزال، وأعتاد على الذهاب يوميا لصلاة الفجر، فاستفقت من أجل ذلك مبكرا لتناول السحور، وعندها حصل الزلزال المخيف نويت إكمال الصيام مع إحساسي بالكارثة واهتزاز المكان".
وأردف: "المبنى الذي كنا فيه مكون من 3 طوابق وأسفله محلات ومستودعات، توجهنا باتجاه الدرج ولكن ثمة ما جعلنا نتوجه للطابق الثاني منزل ابني، وبالفعل انهار الجزء المتعلق بالأدراج ولو كنا هناك لقتلنا جميعا".
وأضاف قره كوش: "بعد توقف الزلزال رمى ابني الصغير فرش الأسرّة على الأرض، وقفز ابني الكبير فوقها ومن ثم جعلها مناسبة ليقفز الجميع، كنا هناك 18 شخصا في المبنى أطفالا ونساء ورضع، وقفزنا واحدا تلو الآخر".
"رمينا الأطفال كما ترمى كرات الثلج في ذلك اليوم البارد"، تابع قره كوش: "قفزتي جاءت في الأرض وتعرضت لخلع بسيط في الضلع، لكننا نجونا جميعا من الزلزال الأول، ليأتي الزلزال الثاني ويقضي على البناء كله".
الحاج التركي تابع رواية ما حصل معه بعد نجاتهم من الزلزال بالقول: "نمنا في السيارات 4 أيام، وبعدها حصلنا على خيمة بتنا فيها قرابة أسبوع، ومن ثم انتقلنا لمخيم البيوت مسبقة الصنع، والآن أمورنا مستقرة مع أبنائي وأحفادي الذين يذهبون للمدرسة حاليا".
وأضاف: "طلبت غرفة مسبقة الصنع فيها دورات مياه وحمام لأني مداوم على الصلاة، وحصلت على ما أريد وحاليا الأمور جيدة، وأشكر الله في كل وقت على ما نحن فيه من صحة وعافية، ونجاة جميع أفراد العائلة".
وختم الحاج حديثه بالقول: "أشكر الله دوما، وأحمد الله أن شهر رمضان المبارك قريب، فأنا أصوم منذ عمر 7 سنوات وحتى الآن لم أترك يوما واحدا دون صيام، ونتمنى أن نمضي رمضان بالحمد والشكر".
يمضي الحاج قره كوش وقته مع أبنائه وأحفاده في مخيم المتضررين من الزلزال، ما بين تسبيح وصلاة وصيام، صابرا محتسبا، ومؤملا في أن يكون المستقبل مشرقا لأبنائه وأحفاده، رغم فقدانهم 4 منازل و5 دكاكين.