بعد الزلزال المدمر.. متجر للتحف يتحدى الصعاب ويبعث الأمل في أنطاكيا المنكوبة

ديلي صباح ووكالات
هطاي
نشر في 09.03.2023 23:49
سيركان سنجان 51 عاماً، يجلس أمام متجره مع مصحف عثر عليه بين أنقاض مبنى منهار في الجزء التاريخي من مدينة أنطاكيا، هطاي، تركيا، 7 مارس/ آذار 2023 AFP سيركان سنجان (51 عاماً)، يجلس أمام متجره مع مصحف عثر عليه بين أنقاض مبنى منهار في الجزء التاريخي من مدينة أنطاكيا، هطاي، تركيا، 7 مارس/ آذار 2023 (AFP)

تتدلى الأعلام التركية بتحدٍ كبير أمام متجر للتحف والكتب في مدينة أنطاكيا التاريخية بولاية هطاي جنوبي تركيا، حيث تنبعث أصوات الموسيقى الكلاسيكية والإيقاعية وحتى الحديثة والشعبية من المتجر ويتردد صداها في الشوارع، ما يبث الأمل في المدينة الحزينة بعد الزلازل المدمرة.

وتقع مساجد المدينة وكنائسها في أجزاء متفرقة عبر شوارع شبه خاوية، في المدينة التي تمتد على أحد أكثر خطوط الصدع نشاطاً في العالم، والتي بدت كطائر الفينيق الخارج من كوارث مماثلة على مر القرون.

وإذا ما تعافت المدينة المنكوبة مرة أخرى، فسيكون ذلك بفضل سكانها الشجعان المثابرين من أمثال "سيركان سنجان" البالغ 51 عاماً والذي يقضي يومه جالساً على كرسيه على الرصيف بجوار طاولة القهوة، مجسداً روح التحدي التركية في مواجهة أسوأ كارثة طبيعية تشهدها البلاد في العصر الحديث.

وعندما بدأت الأرض تهتز في الساعة 4:17 فجر 6 فبراير/ شباط، تمكن سنجان من إخراج والدته ووالده من شقتهما، ونقلهما إلى مدينة قريبة أكثر أماناً ثم ساعد الجيران على الخروج من منازلهم.

وحول تلك اللحظات الرهيبة قال سنجان للصحفيين: "في اليوم الثالث، أتيت إلى هنا ورفعت العلم الكبير أولاً، وكانت السماء تمطر، ورأيت أحد الأصدقاء في الطريق فأخبرني أن متجري قد تدمر، فتوجهت نحوه لأرى ما حل به وفي طريقي شاهدت المسجد الكبير منهاراً وكذلك الكنيسة البروتستانتية سقط فيها كل شيء، ثم رأيت متجري وكان لا يزال قائماً ولكنه يعاني من شقوق قليلة في جدرانه، تحطمت بعض أطباق المتجر وتناثرت بعض الكتب على الأرض ولكن البناء كان لا يزال قائماً وقلت لنفسي: الله أكبر الله أكبر".

وسنجان الذي ترك وظيفته في بلدية المدينة منذ ما يقرب من 5 سنوات، يصف نفسه بأنه "اشتراكي إسلامي"، وهو اليوم منزعج من توقف الأذان وصمت المآذن في المدينة التي أتى عليها الزلزال المدمر، لذلك صار يسير في الشوارع المروَّعة ويطلق صوته بالأذان بأعلى ما يستطيع.

وقال في حديثه لوكالة الأنباء الفرنسية: "توقفت الصلاة في أنطاكيا، وهرب المؤذنون وخرجوا من بيوت الله، فصرت أنام في هذا المبنى وأقوم بالأذان للصلاة حتى بدأ الناس يتهموني بالجنون".

ولحسن الحظ قام العمال في الأسبوع الماضي، بتجهيز خط كهرباء للطوارئ إلى متجره حتى يتمكن من تشغيل موسيقاه بكافة أنواعها من الأوبرا والغناء الشعبي التركي إلى أغاني فرقة "بينك فلويد" الإنكليزية القديمة.

وأضاف: "هكذا كانت حياتي الروتينية من قبل، وكل زبائني كانوا يعرفوني في الماضي لأنني أشغل شرائط كاسيت وأسطوانات بصوت مسموع وهذه هي الطريقة التي يعمل بها متجري".

واليوم، وبعد تنظيف شارعه وإعداد كرسيه الخاص به، يقدم سنجان القهوة للضيوف ويبث الأمل بروح كل من يتوقف عند متجره ومعظمهم من المتطوعين والعاملين في البلدية ومنظمي الأعمال الخيرية الذين توافدوا على أنطاكيا الجريحة بعد الزلزال.

بدورها، قالت أوزجة إيسر، المعلمة التي انهار بيتها، إن منظر متجر سنجان المفتوح أسعدها.

وأضافت: "جئت إلى هنا قبل الزلزال بيوم واحد، اشتريت كتاباً عن تنمية الطفل وكتاباً عن القانون لأخي المحامي. واليوم أنا سعيدة جداً برؤية متجره مفتوحاً. لقد أعطاني الأمل حقاً بعدما فقدته".

ومردداً تعهد الرئيس رجب طيب أردوغان بإعادة بناء منطقة الزلزال بأكملها في غضون عام، بدا سنجان على يقين من أن أنطاكيا ستعود قريباً إلى مجدها السابق.

وقال متفائلاً: "بعد عام أو عام ونصف من الآن، ستكون أنطاكيا القديمة أجمل وأفضل بكثير".