تظهر قوة المرأة التركية جليةً منذ فجر التاريخ المبكر وحتى اللحظات الحالية من عمر الحداثة والتطور، ومن حرب الاستقلال في جناق قلعة إلى الإنجازات في الأوساط الأكاديمية والعلوم، مروراً بتأثيرها المنقطع النظير في المناطق التي مزقتها الزلازل، وصولاً إلى دورها الحيوي في كل جانب من جوانب الحياة.
والمرأة هي مثال للحب والرحمة وحضورها في كل جانب من جوانب حياتنا يعكس الهمة العالية والتضحية والتفاني والإخلاص المنقطع النظير في سبيل سعادة الفرد والأسرة، وبالتالي عموم المجتمع.
كما أنها تمنح الدعم من خلال أدوارها المتعددة كأم وزوجة وابنة وأخت وصديقة. والمرأة هي حجر الزاوية في المجتمع والأسرة، ومصدر تضحية وقوة وتضامن ومحبة دائم.
وقد أثبتت النساء العاملات في المؤسسات المختلفة أنهن لسن أقل من الرجال في أي من المجالات، وخصوصاً في تركيا التي شهدت مؤخراً أسوأ كارثة في تاريخها، بعد أن هزت الزلازل التي ضربت جنوب تركيا في 6 فبراير/شباط، قلوب 85 مليون مواطن معاً.
وعندما اتحد العالم كله لمساعدة ضحايا الزلزال في ساعة العسرة، كانت النساء في كافة أرجاء البلاد يتجمعن للمساعدة في منطقة الزلزال منذ اليوم الأول، وأثبتن للناجين أنهم ليسوا بمفردهم.
وفي مقابلة مع الإعلام المحلي قالت بريهان كايا الفنية ومشغلة آلات البناء في المديرية الإقليمية السادسة للأشغال الهيدروليكية الحكومية، إنها تعمل في هطاي منذ الساعات الأولى للزلزال وبقيت هناك طواعية.
وشرحت والدموع في عينيها: "واجهت بعض اللحظات الحزينة عندما كنت أساعد في أعمال إزالة الحطام، ووجدت ألعاب أطفال تحت الأنقاض".
كما شاركت كايا أيضاً مشاعرها في اليوم العالمي للمرأة: "يجب ألا تبكي الأمهات والأطفال بعد الآن. أتمنى ألا يحدث مثل هذا مرة أخرى. سنداوي جميعاً جراحنا معاً. وبالنيابة عن وزارتي ومؤسستي أضع نفسي تحت تصرف أعمال الإغاثة فنحن أمة بقلب واحد، وسنواصل العمل حتى يتم بناء المنطقة من جديد".
ويحتفل العالم بتاريخ الثامن من مارس/آذار باليوم العالمي للمرأة، والذي بدأ عام 1977 في الجمعية العامة للأمم المتحدة لدعم حقوق المرأة والسلام العالمي. أما في تركيا، فقد عُقد الاجتماع الأول بشأن هذه المسألة في أنقرة عام 1921 بقيادة مؤسس الجمهورية مصطفى كمال أتاتورك في السنوات العشر الأولى التي أعقبت قيام الجمهورية أي قبل 54 عاماً من إحياء الأمم المتحدة لأول يوم للمرأة عام 1975.
ومنذ ذلك الحين، يتم الاحتفال يوم 8 مارس/آذار بيوم المرأة في جميع أنحاء العالم من خلال تحديد موضوع مختلف في كل عام، وموضوع هذا العام هو "تبني الإنصاف والعدالة بين الجنسين".
وحول هذه المناسبة قال آدم أكتورك رئيس نقابة المحامين في إرزينجان: "تحتاج المرأة إلى الحماية من التعرض للعنف والتحرش الجنسي والاستغلال الجنسي، وهو أحد واجبات دولتنا الأساسية. ونحن ندعو الحكومة إلى الوفاء بالواجبات التي تعهدت بها. بالإضافة إلى ذلك، يجب على جميع الدول ألا تتسامح مطلقاً مع العنف ضد المرأة".
وقال أكتورك: "نحن نعتقد أنه لا يجب على النساء المطالبة بحقوقهن بالفعل، لأنه لا ينبغي لأحد أن يدعم وضعاً تكون فيه المرأة في حاجة إلى المطالبة بحقوقها. ففي حرب الاستقلال وقفت النساء جنباً إلى جنب مع الرجال لحماية وإطعام بقية البلاد. ولهن الحق في أن يكون لهن رأي في كل موضوع وشأن من شؤون البلاد".
ويسلط يوم 8 مارس/آذار الضوء على أهمية معالجة المشكلات الحيوية التي تواجهها المرأة في جميع أنحاء العالم، إلا أن الكثير من القضايا لم يتم حلها بالرغم من الاتفاقيات والسياسات الدولية المتبعة على الصعيدين الوطني والدولي.
ولا تزال النساء يواجهن العنف والتمييز في جميع أنحاء العالم، مع بقائهن في موقع ثانوي بالنسبة للرجال في السياسة وصنع القرار والاقتصاد والتعليم، كما تتم إساءة معاملتهن كأغراض جنسية في وسائل الإعلام والإعلانات التجارية، وقال أكتورك: "إنهن يتعرضن للتمييز والاستبعاد لأسباب ثقافية أو سياسية أو أيديولوجية أو دينية".
وأضاف:"اليوم، تتعرض امرأة من بين كل ثلاث نساء في العالم لأشكال مختلفة من العنف، ويصدمنا نبأ مقتل امرأة وأخبار التحرش والاغتصاب التي تواجهنا كل يوم تقريباً. ونطالب باتخاذ الإجراءات اللازمة في أقرب وقت لمنع العنف ضد المرأة وتنفيذ خطوات قانونية لمنع تخفيف العقوبات في جرائم قتل النساء".
وختم بالقول: "إن المجتمع الذي به نساء متعلمات وواثقات من أنفسهن سيظل دائماً قوياً. ويجب ألا ننسى أنه لا يمكننا إنشاء تركيا قوية إلا بنساءٍ قويات. وفي السنوات الأخيرة، عملت دولتنا جاهدة من أجل ضمان مشاركة المرأة في المجالات السياسية والاجتماعية والثقافية والاقتصادية، ونحن نعتبر العنف ضد المرأة خيانة للإنسانية ولا يمكن تبريره بأي سبب. لذلك لن نسكت على العنف ضدكن ونطلب منكن التحلي بالشجاعة وستلقين منا كل الدعم. نهنئ بصدق كل نساء أمتنا والعالم في يوم المرأة العالمي في 8 مارس/آذار ونقدم احترامنا".