أظهرت النتائج غير النهائية للاستفتاء على عضوية بريطانيا في الاتحاد الأوروبي، تصويت نحو 52% من الناخبين لصالح الخروج من الاتحاد، إلا أن هذا لا يعني خروج بريطانيا الفوري، بل سيترتب عليه بدء عملية تفاوض طويلة مع الاتحاد لتنفيذ الانفصال.
ومن المتوقع أن يستغرق خروج بريطانيا بشكل كامل من الاتحاد الأوروبي من عامين إلى 10 أعوام، وتستمر بريطانيا خلال تلك الفترة في تطبيق أنظمة الاتحاد الأوروبي.
ومن الناحية القانونية، فإن نتيجة الاستفتاء غير ملزمة لحكومة لندن إلا أنه من المتوقع أن لا يتجاهل رئيس الوزراء ديفيد كاميرون قرار شعبه، والبدء في أسرع وقت ممكن بتنفيذ إجراءات الخروج.
وتبدأ الإجراءات بإعلام المفوضية الأوروبية بقرار خروج بريطانيا من الاتحاد، وفقاً للمادة 50 من معاهدة لشبونة، وبعدها يبدأ الطرفان مفاوضات من أجل التوصل لاتفاق ينظم إجراءات عملية الخروج.
وبعد التوصل للاتفاق أو بعد عامين على الأكثر من القرار، لا تعود معاهدات الاتحاد الأوروبي سارية في بريطانيا. ويمكن مد هذه الفترة بالاتفاق بين لندن والاتحاد الأوروبي.
وستحدد الاتفاقات التي ستتوصل إليها بريطانيا ما إذا كان مواطنوها سيحتاجون للحصول على تأشيرة دخول إلى دول الاتحاد.
وفي حال البقاء في السوق الأوروبية المشتركة، سيكون بإمكان المواطنين البريطانيين الاستمرار في العمل داخل دول الاتحاد الأوروبي، لكن في حال وضعت لندن قيودًا على منح أُذون عمل لمواطني الاتحاد الأوروبي، فسيكون على البريطانيين الراغبين في العمل ضمن دول الاتحاد الأوروبي الحصول على إذن عمل أيضًا.
منصب كاميرون مهدد
وعد رئيس الوزراء البريطاني خلال حملته الانتخابية، العام الماضي، بإجراء استفتاء على عضوية بريطانيا في الاتحاد الأوروبي. وقد بدأ بعد توليه رئاسة الوزراء مفاوضات جديدة مع الاتحاد لتغيير شروط عضوية بلاده.
واعتبر كاميرون أن بلاده حصلت في تلك المفاوضات على تنازلات كافية من الاتحاد فيما يتعلق بموضوعات السيادة والهجرة، والبقاء خارج الاتحاد السياسي، وبناء عليه بدأ منذ فبراير/ شباط الماضي حملة تدعو للتصويت في الاستفتاء لصالح الاستمرار في الاتحاد الأوروبي.
وترك كاميرون لأعضاء حزبه وحكومته حرية التعبير عن أرائهم فيما يخص الاستفتاء، وانضم وزير العدل مايكل غوف، وعمدة لندن السابق، عضو حزب المحافظين، بوريس جانسون، للحملة الداعية للانفصال عن الاتحاد.
ويعد جانسون أحد المرشحين المحتملين الأقوياء لخلافة كاميرون في رئاسة حزب المحافظين، ومن المحتمل أن تؤدي نتيجة الاستفتاء إلى ضغط جانسون في اتجاه استقالة كاميرون أو ذهاب البلاد لانتخابات عامة مبكرة.
تأثير الدومينو في أوروبا
من المحتمل أن يؤدي قرار الخروج من الاتحاد إلى إحداث تأثير تساقط أحجار الدومينو في دول الاتحاد الأوروبي.
وقد يدفع، بشكل خاص، في اتجاه إجراء استفتاء مماثل في فرنسا التي يحظى فيها اليمين المتطرف بشعبية كبيرة. كما يتوقع أن يؤثر خروج بريطانيا من الاتحاد بشكل سلبي على اقتصاديات بعض دول الاتحاد.
يمكن أن تتبنى بريطانيا بعد الخروج نموذج آيسلندا والنرويج، حيث تبقى في السوق الأوروبية المشتركة إلا أنها لا تشارك في القرارات الأوروبية. أو أن تفعل مثل تركيا وتوقع اتفاقية اتحاد جمركي مع الاتحاد الأوروبي.
ويتوقع أن تدفع نتيجة الاستفتاء في اتجاه إجراء اسكتلندا، المعارضة للخروج من الاتحاد الأوروبي، استفتاء ثانياً حول استقلالها عن المملكة المتحدة، كما ينتظر أن تزيد قوة التيارات الداعية لانفصال إيرلندا الشمالية عن المملكة المتحدة.