فمع اقتراب نهاية عام 2022، أود تحليل الأشهر الـ 12 الماضية من حيث علاقات تركيا مع البلدان الأخرى. ويمكنني بالبداية القول إن هذا العام قد تحول إلى عام من تحسين العلاقات مع البلدان التي واجهت تركيا مشاكل معها.
وبالفعل رأينا تخفيف حدة التوترات مع دول مختلفة مثل مصر وإسرائيل والمملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة، وهو ما أعتقد أنه في مصلحة تركيا. كما تم اتخاذ خطوات إيجابية بين تركيا وأرمينيا، ومن المتوقع أيضاً تحرك في العلاقات بين سوريا وتركيا.
لذلك يمكننا القول إنه تم تخفيف 6 مناطق ذات توتر شديد هذا العام، ما يجلب المزيد من الحوار والفرص لجميع الأطراف. وبالطبع، لا تزال هناك مشاكل واختلافات متبقية فيما يتعلق بالمشكلات الحيوية، لكن تحسن العلاقات من شأنه أن يساهم في إيجاد أرضية مشتركة.
وكانت العلاقات بين تركيا والمملكة العربية السعودية تدهورت عام 2011 عندما بدأ الربيع العربي في مختلف البلدان العربية. وكانت سياسات تركيا في ليبيا وشرق البحر المتوسط تتعارض مع سياسات الرياض ما أدى إلى توسع الخلافات.
أما مع مصر، فكان الانقلاب الذي حدث عام 2013 حيث أدانت أنقرة الحملة العسكرية ضد الحكومة المنتخبة والفترة الوحشية التي أعقبت الانقلاب. وفي عام 2018 بلغت الأزمة مع السعودية ذروتها عندما قُتل الصحفي جمال خاشقجي في القنصلية السعودية في إسطنبول.
ولكن العلاقات الاقتصادية بين تركيا ومصر لم تتوقف أبداً. وبالإضافة إلى ذلك، وافقت مصر على اتفاق تركيا مع الحكومة الليبية، وكان هناك انسجام بين البلدين. ومع ذلك، انسحبت القاهرة من محادثات التطبيع بسبب اتفاق 2022 بين تركيا وليبيا. لكن المصافحة بين الرئيس رجب طيب أردوغان والرئيس المصري عبد الفتاح السيسي في افتتاح كأس العالم لكرة القدم في العاصمة القطرية الدوحة، كانت إيذاناً بنهاية حقبة ماضية وبداية حقبة جديدة. وما من شك أن إصلاح العلاقات هو وضع مربح للجانبين.
العلاقات مع الإمارات العربية المتحدة وإسرائيل
وكانت الإمارات العربية دولة إضافية لديها مشاكل مع تركيا. ففي عام 2013، دعمت الإمارات الانقلاب في مصر الذي عارضته أنقرة بشدة. وبعد ذلك، أهان وزير الخارجية الإماراتي عبد الله بن زايد آل نهيان القائد العثماني فخر الدين تركان المعروف باسم "المدافع عن المدينة المنورة" لنجاحه في الحرب العالمية الأولى، ما زاد من تدهور العلاقات بين البلدين. وفي عام 2017، دعمت الإمارات اليونان في صراع البحر المتوسط. ومع ذلك ومع تغير الظروف، قررت الإمارات في وقت لاحق تخفيف حدة التوتر وطلبت زيارة الرئيس أردوغان.
وبسبب حرب غزة تصاعد التوتر عام 2009 مع إسرائيل، ثم وقعت حادثة مافي مرمرة حيث قتلت القوات الإسرائيلية مواطنين أتراك على متن سفينة كانت تنقل المساعدات الإنسانية إلى غزة، وكانت العلاقات عند أدنى مستوى لها حتى عام 2022. ومع ذلك، قال كل من رئيس الوزراء الإسرائيلي يائير لابيد والرئيس إسحاق هرتسوغ هذا العام أن هناك جهود لتطبيع العلاقات، وبعد محادثات هاتفية بين أردوغان ولبيد، تقرر عودة سفيري البلدين.
وعلينا ألا ننسَ أيضاً تهدئة التوتر مع أرمينيا وسوريا لكنني سأذكرها في مقالي التالي.
باختصار، تكيف تركيا نفسها مع الظروف المتغيرة وتدخل في عهد من الحوار مرة أخرى، وهو بكل تأكيد أمر إيجابي للغاية بالنسبة لمصلحة البلاد.