بعد مرور عام على وصول طالبان إلى السلطة في أفغانستان، تم تقييد النساء والفتيات بشكل كبير ومُنِعن من المشاركة في معظم فعاليات الحياة اليومية خارج البيوت، ولا يوجد حتى الآن ما يشير إلى أن طالبان ستسمح للفتيات بالعودة إلى المدرسة.
ذهبتُ إلى العاصمة الأفغانية كابول منذ 3 أسابيع ومكثت هناك لمدة أسبوع تقريباً، حيث التقيت بمهنيين محليين في المجتمع المدني وسياسيين ومسؤولين في الأمم المتحدة، بهدف إجراء مقابلات وإلقاء نظرة على الوضع الحالي في ظل نظام طالبان الجديد.
وكنت في وقت سابق، كتبت عن المقابلة مع الرئيس الأفغاني السابق حامد كرزاي ونائب المبعوث الخاص للأمم المتحدة إلى أفغانستان رامز أكبروف والمتحدث باسم حكومة طالبان ذبيح الله مجاهد والمتحدث باسم وزير الخارجية عبد القهار بلقي الذي حاول وصف الوضع في أفغانستان وحال البلد بشكل عام.
واليوم، أهدف إلى الكتابة عن تدهور أوضاع النساء والفتيات الأفغانيات.
فمنذ عودة طالبان إلى السلطة في البلاد العام الماضي، لم يعد بإمكان الفتيات مواصلة تعليمهن بعد الصف السادس، ما يعني أنه يُسمح لهن بالذهاب إلى المدرسة الابتدائية فقط، ويمكن للملتحقات بالجامعة بالفعل مواصلة دراستهم في فصول دراسية منفصلة عن الطلبة الذكور، ولكن قريباً لن يكون هناك أي فتيات في الحرم الجامعي حيث لم يعد مسموحاً بالتعليم الثانوي، وهذا هو السبب الأكبر لعدم اعتراف المجتمع الدولي بحكومة طالبان، لذلك سألت عن خططهم والتوقعات المستقبلية بشأن هذا الحظر.
وملخص ما حصلت عليه من إجابات يوضح أنه لا توجد كلمة جديدة حول هذه القضية.
ولسوء الحظ، لم يقدم مجاهد ولا بلقي إجابة محددة على هذا السؤال، بل قالوا لي أنهم يناقشون الموضوع ويعملون على إيجاد حل ولكن هل هذا الحل يرفع الحظر عن النساء؟ لا، لم يقولوا ذلك.
وفي الوقت ذاته، فإن كرزاي متأكد من أنهم سيرفعون الحظر، كونه أحد أقوى الأصوات المدافعة عن حقوق الفتيات ويقول إن حظر تعليم الفتيات يتعارض مع تقاليد وثقافة أفغانستان.
آمل أن يكون كرزاي على حق. لكن، هناك تضارب في وجهات النظر بين طالبان فيما يتعلق بهذه القضية، حيث ينادي أحد فروع الحركة ممن هم أكثر تحفظاً بحظر تعليم الفتيات بينما توجد بين أعضاء الحركة أيضاً شريحة أكثر ليبرالية.
والسؤال المهم هنا هو من سيفوز؟
لا نعرف حتى الآن ولكن يمكنني القول أنهم أبدوا ردود أفعال متحفظة أكثر من العام الماضي، ففي عام 2021، عندما ذهبت بعد سقوط النظام القديم، أجريت مقابلة مع مجاهد والتقطنا الصور معاً وصوّرنا المقابلة وظهرنا معاً. لكنه رفض هذه المرة أن يكون يظهر معي في نفس الصورة لأنني امرأة، ورفض أيضاً أن يتم تصويره معي في نفس اللقطة.
مقابلات مع أفغانيات
وخلال زيارتي هذا العام تحدثت مع نساء أفغانيات أيضاً. وكنت في العام الماضي، أجريت مقابلة مع مسؤولة حكومية رفيعة المستوى بشرط عدم الكشف عن هويتها لأنها كانت خائفة على حياتها. والتقينا في هذه الزيارة مرة أخرى وقبلت إجراء مقابلة ثانية، بشرط عدم الكشف عن هويتها، قائلةً إن النساء مثلها ما زلن غير قادرات على العمل، وطالبان لم تعد تتابعهن كما في العام الماضي لكنها لا تزال تخشى أن يتم القبض عليها. وكانت تستعد للهروب إلى باكستان لأنها كانت متأكدة من أن الأمور ستزداد سوءاً بالنسبة للنساء والفتيات.
ومن ناحية أخرى، أجريت مقابلة مع خبيرة المجتمع المدني نديمة نور وهي مواطنة كندية أفغانية تبلغ من العمر 38 عاماً، وهي ناشطة في مجال حقوق المرأة وتتحدث نيابة عن النساء الأفغانيات كونها صوت معروف في البلاد، وتسمح لها طالبان بالسفر دولياً وإلقاء الخطب. وهي تجمع الأموال للنساء وتخلق بيئة ملائمةً لعملهن. وخلال المقابلة صرحت نديمة أن التعليم مهم ولكن يجب أولاً إطعام الناس وتضميد الجراح.
والحقيقة أنني شعرت بعد هذه المقابلة بالتناقض والارتباك، إذ أن حركة طالبان التي تمنع النساء من السير مع الرجال في الشارع إذا لم يكونوا من أفراد الأسرة، وتحظر تعليم الفتيات هي ذاتها التي تسمح لنديمة بالعيش بمفردها والسفر بمفردها والعمل من أجل النساء.
وبرأيي أن طالبان أصبحت أكثر براغماتية وراحت تمنح الناس مساحة أكبر وتجلب لهم المزايا والمال، لكنها مستمرة في تقييد حقوق الإنسان الأساسية.