قام الرئيس رجب طيب أردوغان الأسبوع الماضي برحلة إلى البلقان استمرت 3 أيام، شملت البوسنة والهرسك وصربيا وكرواتيا. وهدفت زيارة أردوغان إلى تخفيف حدة الصراع والتوسط بين صربيا وكوسوفو. والتقى خلال الزيارة بنظيره الصربي ألكسندر فوتشيتش وأكد على أهمية عملية السلام في كوسوفو وسلامة البوسنة والهرسك بالنسبة لتركيا.
ويعرف الجميع أن ماضي البلقان كان مشبعاً بالألم والدموية ولا يمكن لأحد نسيان الكارثة الإنسانية في البوسنة والهرسك. كما يسود التوتر والمشاكل في دول المنطقة الأخرى أيضاً. وتشعر تركيا بحساسية كبيرة تجاه المآسي التي حدثت هناك خلال الحرب ولذلك قال أردوغان في خطابه في صربيا: "عندما يتعلق الأمر بكوسوفو وصربيا، ذكرنا أننا مستعدون لتقديم الدعم بكل الطرق. لقد شهدنا تطورات إيجابية وآمل أن يكون هناك تسارع مستدام لأن البلقان لا يمكنها تحمل هذا النوع من المشاكل بعد الآن".
وأشار فوتشيتش إلى سلامة البوسنة والهرسك متجنباً الإشارة إلى كوسوفو، ما جعل إمكانية حل المشاكل الحالية بين الدول أمراً غير واضح.
ومن ناحية أخرى، لا يمكن لصربيا أن تتجاهل وساطة تركيا وإصرارها على حل المشاكل، لأن أنقرة داعم وممول كبير للبنية التحتية للبلاد إذ قامت أنقرة بتمويل والاشتراك ببناء طريق سريع يربط بلغراد ببريشتينا على سبيل المثال، وهو طريق هام جداً للحيوية الاقتصادية والنشاط بين العاصمتين.
ومنذ اندلاع الحرب في أوكرانيا، أصبحت الحاجة إلى مزيد من الاستقرار في البلقان أمراً بالغ الأهمية، حيث يُنظر إلى تركيا وعلى وجه الخصوص الرئيس أردوغان، على أنهما ضامنان موثوق بهما.
وفي هذا السياق قال وزير الخارجية الصربي نيكولا سيلاكوفيتش بعد الاجتماع مع نظيره التركي مولود تشاوش أوغلو، إن الحوار بين البلدين سيؤدي إلى حل وسط ومقبول للطرفين وسيسهم في الحفاظ على السلام والاستقرار الإقليميين.
ومع أن كوسوفو أعلنت استقلالها عن صربيا عام 2008 إلا أن صربيا لا تعترف بهذا القرار. وتريد كوسوفو أن يُنظر إليها على أنها دولة مستقلة حيث تخطط لإلزام كل فرد فيها بالحصول على بطاقات هوية وطنية. وتعترف تركيا والولايات المتحدة ومعظم دول الأمم المتحدة باستقلالها ولكن التوتر لا يزال قائماً بسبب رفض صربيا الاعتراف بها.
ولا توجد بادرة واضحة ولا حتى بارقة أمل أن تغير بلغراد قرارها بين اليوم وغداً، لكن موقف أردوغان الواضح بشأن هذه القضية وبحثه عن حلول بديلة لتخفيف التوتر، قد يشكل خطوة حاسمة للحفاظ على الاستقرار والسلام في المنطقة.