تستمر الحرب الروسية الأوكرانية كمعركة بالوكالة بين الولايات المتحدة وروسيا التي تهدد العالم بقطع تمديدات الطاقة، في خطوة تقرب البشرية أكثر من فترة مماثلة لحقبة الحرب الباردة ثنائية القطب.
وتحاول تركيا السير على خط دبلوماسي رفيع للغاية في الأزمة الروسية الأوكرانية، إلى درجة باتت معها كل تحركات البلاد مصممة ومحسوبة بشكل متوازن بين الأطراف المتحاربة من أجل إحلال السلام في أسرع وقت ممكن.
وقد شاهد العالم كله الخطاب المخيف للرئيس الروسي فلاديمير بوتين يوم الجمعة الماضي، وقد اعتمد فيه على نتائج الاستفتاءات الأخيرة بإعلانه 4 مناطق انفصالية في أوكرانيا هي دونيتسك ولوغانسك وزابوروجيا وخيرسون، أراضي روسية. ووفقاً لهذا المنطق صار بإمكان أية قوة غاشمة أن تطالب بالسيادة على أي جزء من العالم، ما يعرض جميع الدول ذات السيادة الشرعية للخطر.
ومن ناحية أخرى، شددت أنقرة على القضايا التي يطرحها مثل هذا الاستفتاء مظهرةً تضامنها مع أوكرانيا، لكنها ظلت تحافظ على علاقات جيدة مع موسكو كي تظل على اتصال بإدارة بوتين.
كما استقبلت السيدة الأولى أمينة أردوغان يوم الأحد ضيفةً خاصةً إذ حضرت أولينا زيلينسكا سيدة أوكرانيا الأولى إلى تركيا وناقشت السيدتان مشروعات جديدة. ودعت زيلينسكا الشركات التركية إلى التعاون وشجعت كل من يريد المساهمة في دعم استعادة القطاعين الطبي والتعليمي وكذلك المساعدات الإنسانية في أوكرانيا.
مواضيع حاسمة
وخلال الزيارة ناقشت السيدتان الأوليتان موضوعاً مهماً آخر، هو التخطيط للعمل المشترك على إجلاء الأيتام الأوكرانيين إلى تركيا التي باتت تمثل الأمل الأكبر لأوكرانيا منذ أن وجد الكثير من الفارين من الحرب ملاذًا آمناً فيها.
ومن المميّز للغاية أن تجتمع سيدتا البلدين لتوفير المأوى الآمن وإنقاذ أرواح الأطفال وكبار السن والمدنيين، ما جعلني أشعر بالفخر كمواطنة تركية بأن بلادي تفتح ذراعيها دائماً وكجزء لا يتجزأ من سياستها، تجاه كل من تتعرض حياتهم للخطر بسبب الحروب.
كذلك تحدثت السيدة أردوغان في الاجتماع عن "مبادرة النفايات الصفرية" وهو مشروع أطلقته لتغيير نهج استخدام الموارد المحدودة والتخلص منها من أجل تقليل حجم النفايات عن طريق تخفيض كمياتها وإعادة التدوير وإعادة الاستخدام. وأعربت السيدة الأولى التركية عن تأثرها بالإصلاحات المنفذة في مجال التغذية المدرسية الأوكرانية في الأول من يناير/كانون الثاني، ما دفعها إلى إدخال تغييرات مماثلة في المدارس المحلية.
رسالة خفية
وجاء لقاء السيدة الأولى التركية والأوكرانية أيضاً رسالة خفية للرد على الاستفتاء الروسي، بعد أن تحدث الرئيس رجب طيب أردوغان عن قائمة المشاكل المحتملة التي قد تنتج عن مثل هذا التصويت، في برنامج تلفزيوني الأسبوع الماضي.
ومن التفاصيل البارزة الأخرى في مسار رحلة زيلينسكا، اجتماعها مع البطريرك برثلماوس رئيس بطريركية الروم الأرثوذكس في إسطنبول، بعد أن أعلنت أوكرانيا استقلالها عن بطريركية موسكو عام 2018 وضمتها إلى بطريركية إسطنبول في تركيا. وأقيم الحفل في فندق كونراد في إسطنبول في خطوة فصلت بوضوح أوكرانيا عن روسيا لأنها انحازت إلى الغرب. واعتبر بوتين هذه الخطوة تهديدية وعدائية ومن الأمور التي مهدت الطريق للاحتلال والحرب.
وهكذا نجد أن الحرب الروسية الأوكرانية مستمرة كمعركة بالوكالة بين الولايات المتحدة وروسيا، التي تهدد العالم بقطع الطاقة في خطوة تقرب البشرية أكثر من فترة مماثلة لحقبة الحرب الباردة ثنائية القطب.
وختاماً نقول إن تركيا وحدها هي القادرة على بناء الجسور ولعب دور بناء في العمل ضد هذا الوضع المرعب.