بعد مرور أكثر من 100 يوم على بدء الاجتياح الروسي أصبح العالم مع الأسف معتاداً على أخبار العنف والاقتتال في أوكرانيا، ولا تزال الحرب مستمرة هناك، وقد غزت روسيا بالفعل خُمس البلاد وفقاً للرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي، بينما فر الملايين وقتل الآلاف.
وحرصاً مني على الحصول على أحدث المعلومات حول هذه الحرب الرهيبة، تواصلت مع كبير المفاوضين الأوكرانيين السيد رستم أميروف، وهو أحد أعضاء الوفد الذي يقود المحادثات الروسية الأوكرانية والذي كثيراً ما يتردد على تركيا.
وخلال المقابلة معه أجابني بشكل مفصل على الأسئلة التي وجهتها له، والتي كان أولها حول مساحة الأراضي الأوكرانية الواقعة تحت الاحتلال الروسي، حيث قال أن الوضع يتغير يومياً لأن الجيش الأوكراني يستعيد السيطرة على المزيد من البلدات، وقد قاموا بالفعل بتحرير أكثر من 1.015 بلدة في جميع أنحاء أوكرانيا، وبدأوا عملية الانتعاش وإعادة بناء أراضيهم.
وأضاف أنهم قاموا مع الحكومة البولندية بافتتاح 3 مخيمات نموذجية للنازحين داخلياً، وأنهم في هذا الصدد يتوقعون دعماً كبيراً من تركيا ومن الشعب التركي الصديق.ولفت إلى أن حكومة أوكرانيا تعمل بالفعل على خطة لإعادة إعمار البلاد، وأن عشرات الدول ومن ضمنها تركيا، عرضت مساعدتها في إعادة إعمار المدن الأوكرانية.
ووفقاً لأميروف فإن "الفارق بين روسيا وأوكرانيا هو أننا حتى أثناء الحرب، نفكر في كيفية إعادة بناء بلدنا. أما الروس الذين يعيشون في بلد مسالم، فيفكرون في كيفية تدمير المدن المجاورة لهم".وسألته فيما بعد عدداً من الأسئلة أعرضها في هذا المقال مع إجاباته كاملة.
هل كان هناك تحسن في المفاوضات؟ وما هي أصعب قضية مطروحة على الطاولة؟
وأجاب بأن عملية التفاوض متوقفة حالياً، والتفاوض مع الروس صعب لأنهم يحرفون قصصهم باستمرار ويفسدون الاتفاقات، وهم يجلسون على طاولة المفاوضات مع أجندتهم، مدعين أن هناك نازيين في أوكرانيا. والواقع أن ادعاءاتهم فارغة ولا تستند إلى أية حقائق أو أدلة.
وأوضح أن بلاده رئيسها يهودي، ورئيس أكبر فصيل في البرلمان جورجي، وعضو تتار القرم مسلم ويشارك في الوفد الرسمي مع الروس. فهل يمكن ذلك لو كانت أوكرانيا دولةً نازية؟
وتابع بالقول:"الحقيقة أنه لا توجد نازية في أوكرانيا كي يأتي الروس وينقذونا منها، وكانت مهمة وفدنا في محادثات السلام أن يواجهوا الروس بالواقع، ولكن بعد ما شهدناه في مدن بوكا وبورودينكا وهوستوميل وماريوبول ومدن أخرى، أصبح التفاوض معهم أكثر صعوبة".
وأردف:"ومع ذلك، ركزنا لاحقاً على التفاوض بشأن القضايا الإنسانية وإطلاق سراح السجناء السياسيين وإجلاء المدنيين من أبناء شعبنا وإطلاق سراح جنودنا من آزوفستال وماريوبول. وتمكنا بفضل جهود المفاوضات من إنشاء ممرات إنسانية وإنقاذ أكثر من 300.000 أوكراني".
وسألته ماذا تتوقع من أنقرة؟ وكيف ترى موقف تركيا؟
فأجاب أنهم ممتنون جداً لتركيا على دورها الرائد في التوسط لبلادهم في محادثات السلام ويتوقعون أن تصبح تركيا الضامن لأمن دولتهم.
وقال أن تركيا على مدى السنوات الثماني الماضية، كانت واحدةً من أبرز أصدقاء وشركاء وداعمي أوكرانيا في الساحة العالمية، ويؤكد الرئيس رجب طيب أردوغان بشكل دائم على دعم وحدة أراضي أوكرانيا وهو نشط في وضع حلول لإيجاد حل لهذه الحرب.
وأضاف أن موقف تركيا بعد الإجتياح الروسي، يتوافق مع سياسة البلاد على مدى السنوات الثماني الماضية، موضحاً أنهم اتصلوا في 24 فبراير/شباط بالرئيس التركي، ووافق على إجراء محادثات في تركيا، وظل الرئيس نفسه وفريقه بأكمله على اتصال دائم وقاموا بالعديد من الخطوات للتوسط في العملية، بما في ذلك جهودهم الهائلة لتنظيم اجتماعات بين الرئيسين، كما شاركت تركيا بفعالية مع دول أخرى في عملية تحرير الجنود الأوكرانيين من آزوفستال في ماريوبول، واليوم يعمل الأتراك مع الأوكرانيين بشكل مشترك على إيجاد حلول لكيفية إلغاء حظر الموانئ الأوكرانية.
وقال: "إذا لم يجد العالم حلاً لكيفية تصدير الحبوب الأوكرانية، فسوف يواجه الملايين الجوع في غضون شهرين".
وحول مدى احتمالية لقاء الرئيسين أوضح أميروف أن الرئيس الأوكراني أعلن منذ اليوم الأول أنه مستعد للقاء الزعيم الروسي. "ليس لدينا ما نخفيه، نحن ندافع عن أنفسنا"، وأضاف:"أعتقد أنه عندما يكون هناك المزيد من الأسباب الجوهرية للمناقشة بين الرئيسين، سيعقد الاجتماع. ونحن ممتنون لزملائنا الأتراك على استعدادهم لاستضافة هذا اللقاء".
وختمت أسئلتي بطلب رأيه في استعداد السويد وفنلندا للانضمام إلى الناتو وهل تستفز البلدان روسيا بهذا القرار؟فقال:"أنا مقتنع بأن لكل بلد حق سيادي أن يقرر إلى أي منظمة ينضم، وإذا اعتبر البلدان أن الانضمام إلى الناتو هو الخيار الأفضل لهما، وإذا كانت جميع الدول الأعضاء الأخرى تدعم مساعيهما لذلك، فمن حق السويد وفنلندا أن تقررا الإنضمام من عدمه".