وبالفعل كان عام 2022 طويلاً ومكثفاً ولكنه فعالاً ومنتجاً وناجحاً للسياسة الخارجية التركية، وخصوصاً باتخاذ تركيا العديد من الخطوات الهامة والفعالة في السياسة الدولية تحت قيادة الرئيس رجب طيب أردوغان.
وقد لعبت تركيا دوراً فعالاً طوال الحرب الروسية الأوكرانية التي بدأت في فبراير/شباط 2022. ونجحت البلاد بجلب الطرفين المتحاربين إلى طاولة المفاوضات في أنطاليا وإسطنبول. وتوسطت أنقرة وسهلت توقيع اتفاقية الحبوب في إسطنبول تحت رعاية الأمم المتحدة وحازت بذلك على إعجاب جميع الدول. ومن خلال دورها الفعال في الحد من التأثير السلبي لأهم نتيجتين عالميتين مهمتين وحيويتين للحرب، تمكنت البلاد من حل أزمة الغذاء العالمية وقدمت حلولاً بديلة لتوصيل الطاقة إلى الدول الأوروبية. وتوسطت أنقرة بين الأطراف المتحاربة لفتح ممر الحبوب وأدت إلى تصدير 16 مليون طن من الحبوب إلى البلدان المحتاجة. بالإضافة إلى ذلك، توسطت لتبادل أسرى الحرب كذلك تستمر جهود الوساطة النشطة التركية والرئيس أردوغان لإيجاد حل سياسي للحرب الأوكرانية الروسية.
الدور البناء لتركيا
استمر الرئيس أردوغان وتركيا طوال عام 2022 بالاهتمام في السياسة الدولية من خلال لعب أدوارٍ بناءة في المنابر الدولية متعددة الأطراف. وحضر الرئيس اجتماعي قمة هامين في سبتمبر/أيلول إذ قام أولاً بزيارة رسمية إلى سمرقند في أوزبكستان، لحضور الدورة الثامنة والعشرين لمنظمة شنغهاي للتعاون. واجتمع مع قادة الدول الأعضاء بما في ذلك الرئيس الروسي فلاديمير بوتين والرئيس الصيني شي جين بينغ.
بعد ذلك، زار الرئيس أردوغان نيويورك لإلقاء كلمة أمام الدورة السابعة والسبعين للجمعية العامة للأمم المتحدة. وعلى مدى السنوات العديدة الماضية، ظل المجتمع الدولي يراقب عن كثب الخطب التي يلقيها الرئيس في الجمعية. ومن خلال هذه الخطب، شارك الرئيس أردوغان في إيضاح تصور تركيا للعالم، وبالتالي وضع أجندة السياسة الدولية. وخلال إقامته التي استمرت خمسة أيام في نيويورك، التقى الرئيس أردوغان الذي كان مركز الاهتمام، برؤساء العديد من الدول والمنظمات الدولية.
كما حضر أردوغان منتدى آخر متعدد الأطراف هو التجمع السياسي الأوروبي في أكتوبر/تشرين الأول في براغ عاصمة جمهورية التشيك. حيث جمعت لجنة الشراكة الأوروبية قادة 44 دولة معاً لمناقشة المستقبل السياسي والاستراتيجي للقارة. والتقى الرئيس أردوغان برئيس الوزراء الأرميني والرئيس الأذربيجاني إلهام علييف في براغ لتطبيع العلاقات بين الدول الثلاث وإحلال السلام والاستقرار جنوب القوقاز.
أخيراً، نظمت تركيا منتدى أنطاليا الثاني الذي أصبح مهرجاناً سياسياً دولياً حقيقياً، بحضور ممثلين من أكثر من 75 دولة. وحضر المنتدى حوالي 17 رئيس دولة وحكومة و 80 وزيراً و 39 ممثلاً عن المنظمات الدولية، وكان شعارها "نفكر معا، نعمل معا".
التوترات بين تركيا والغرب
بالرغم من كل هذه السياسات البناءة، لم يحدث تغيير كبير في العلاقات التركية المتوترة مع الدول الغربية. ومع الحفاظ على مستوى منخفض من العلاقات المؤسسية مع الاتحاد الأوروبي، حاولت تركيا تحسين علاقاتها مع الدول الأوروبية الفردية. وبالمثل، تستمر التوترات في علاقات تركيا مع الولايات المتحدة كما واصلت الولايات المتحدة والدول الأوروبية الكبيرة دعم واي بي جي/بي كي كي الإرهابي وتوفير المأوى لأعضاء غولن الدمويين.
وكان التوتر التركي اليوناني في منطقة شرق البحر المتوسط أحد الأسباب الرئيسية للتوتر في العلاقات مع كل من الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة. وواصلت اليونان التي تفسر جميع أنواع مبادرات السياسة الداخلية والخارجية على أنها موجهة ضدها، بإصرار إثارة تصورات مناهضة لتركيا في العالم الغربي. وبالنظر إلى التحول النموذجي في سياسة الولايات المتحدة تجاه المنطقة ودعم الاتحاد الأوروبي غير المشروط لليونان، يبدو أن أثينا قد نجحت في تعزيز موقف مناهض لتركيا في الغرب على الأقل على المدى القصير، واستمرت في لعب دور المبلغ عن المخالفات في العلاقات التركية الغربية.
بشكل عام، نرى أن الدور المتوازن والمستقل الذي لعبه الرئيس التركي خلال هذه الاجتماعات المذكورة أعلاه وحده يظهر فعالية تركيا المتزايدة في السياسة الدولية. لقد تركت تركيا وراءها سنة أخرى فعالة في السياسة الخارجية وقامت بالعديد من الأنشطة الدبلوماسية على مدار العام وحاولت الوصول إلى جميع دول العالم تقريباً بغض النظر عن حجمها، سواء كانت صغيرة أو كبيرة، وواصلت زيادة عدد مكاتبها التمثيلية الأجنبية. كما أظهر أداء تركيا في المنصات متعددة الأطراف المؤثرة أنه بالرغم من محاولات الدول الغربية، فإن تركيا وزعيمها ليسا معزولين بل على العكس من ذلك، تحاول العديد من الدول تحسين علاقاتها مع تركيا، اللاعب الفعال في النظام الدولي.