زار الرئيس رجب طيب أردوغان يرافقه وفد كبير، الدوحة في 25 نوفمبر لحضور الاجتماع الخامس للجنة الإستراتيجية العليا التركية القطرية. والتقى أردوغان خلال الزيارة أمير دولة قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثاني، لمناقشة العلاقات الثنائية والقضايا الإقليمية. وقد تمخضت العديد من النتائج عن هذه الزيارة التي استمرت ليوم واحد.
بدايةً، وقّعت تركيا وقطر سبعة اتفاقيات ومذكرات تفاهم بهدف إضفاء الطابع المؤسسي على العلاقات الثنائية وتعزيز الأساس القانوني لها. كذلك وقعت البلَدان اتفاقيات في المجالات الفنية والاقتصادية، تضمنت عدداً من القطاعات منها: قطاع المال والخزانة، والمدن والتخطيط العمراني، والتجارة الثنائية، وحماية المستهلك، والتعاون الصناعي والتكنولوجي، وتنسيق التوحيد والاستثمارات.
ونتيجة لسعي الجانبين لزيادة التجارة الثنائية بينهما وتعزيز العلاقات الاقتصادية، ازداد حجم التجارة بين البلدين بسرعة منذ اندلاع أزمة الخليج عام 2017. فارتفعت صادرات تركيا إلى قطر من 650 مليون دولار إلى 1.1 مليار دولار بين عامي 2017-2018. كما بلغت قيمة الاستثمارات التركية في قطر 17 مليار دولار، ولا تزال تتنامى مع تقدم الاستعدادات لاستضافة مباريات كأس العالم لكرة القدم عام 2022. كذلك تعتزم دولة قطر شراء 100 دبابة تركية حسب وسائل إعلام محلية. من ناحية أخرى، بلغت الاستثمارات القطرية في تركيا 22 مليار دولار.
وحول تعزيز العلاقات العسكرية والأمنية بين البلدين، وسعت تركيا مؤخراً قاعدتها العسكرية في قطر التي أنشأتها عام 2015. وقام الرئيس أردوغان بزيارة موقع القاعدة العسكرية المكتمل حديثاً، التي أُطلق عليها اسم القائد المسلم الشهير خالد بن الوليد. ويتمركز في هذه القاعدة حوالي 5000 جندي، منذ بدء الحصار الذي لا تزال تفرضه المملكة العربية السعودية وبعض دول المنطقة. وتخضع القاعدة لقيادة مشتركة تركية قطرية. وقد أشار أردوغان إلى أن القاعدة العسكرية ستوفر الاستقرار والسلام ليس لقطر فحسب بل لمنطقة الخليج أيضاً. ووصفها بأنها "رمز الأخوة والصداقة والتضامن والإخلاص".
كما عززت تركيا وقطر شراكتهما الاستراتيجية والإقليمية، حيث تحاول بعض دول المنطقة مثل المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة ومصر، عزل الدولتين بسبب سياستهما الخارجية المتزايدة الاستقلال. الأمر الذي أجبرهما على تحسين العلاقات الثنائية وتعزيز التعاون بينهما. وكانت تركيا قد سارعت على الفور بإرسال طائرات مليئة بالمنتجات الحيوية إلى شقيقتها قطر لتجنب أي نقص محتمل في الغذاء، عندما فرضت الدول الخليجية الأربع حصارها الجائر عليها وأوقفت التبادل التجاري معها وحظرت على طائراتها استخدام مجالها الجوي في يونيو 2017. وخلال زيارته الأخيرة أكد الرئيس أردوغان موقف تركيا بقوله: "لم تترك تركيا صديقتها تواجه التهديدات والمخاطر وحدها".
كذلك ناقش زعيما البلدين خلال اجتماعهما سعي كل من تركيا وقطر إلى تطبيع علاقاتهما مع الجهات الفاعلة الإقليمية الأخرى لأن الجو الإقليمي بات مضطرباً وغير مستقر. وشدد البلدان في بيان مشترك بعد الاجتماع على "أهمية وحدة مجلس التعاون الخليجي". كما أعلنا أن الحوار البناء هو السبيل الوحيد لإنهاء الأزمة الخليجية الحالية.
وأخيراً، أكدت تركيا وقطر تصميمهما على مواصلة السعي للحصول على الاستقلالية التامة في سياستهما الخارجية. ونفت كلتا الدولتين اتهامات موجهة من جهات فاعلة إقليمية مثل الدول المحاصرة. وفي الوقت الذي تصمم فيه تركيا على اتباع سياسة خارجية مستقلة في الشرق الأوسط ، تصمم قطر على اتباع سياسة خارجية مستقلة في الخليج. ومهما يكن، ستواصل أنقرة والدوحة التأكيد على "الاحترام المتبادل والسيادة الكاملة لكليهما وعدم التدخل في شؤونهما الداخلية". أي أنهما لن تقبلا الشروط التي اقترحها دول الخليج الأخرى.