عُقد في بروكسل، الاثنين، على هامش قمة الناتو واحد من أهم اجتماعات القمة بين تركيا والولايات المتحدة حيث التقى الرئيس رجب طيب أردوغان بالرئيس الأمريكي جو بايدن للمرة الأولى منذ انتخابه رئيساً للولايات المتحدة.
ونظراً للعلاقات الأمريكية التركية الراهنة والصعوبات بين الإدارتين، فقد طُرحت الكثير من الأسئلة والتكهنات قبل الاجتماع الذي اعتبر مؤشراً رئيسياً للسياسة الخارجية للولايات المتحدة وعلاقات حلفاء واشنطن المستقبلية مع البلاد.
فما هي العقبات القائمة في وجه العلاقات الثنائية؟
من المهم قبل النظر في أي أزمة قائمة في العلاقات أن نتذكر أن بايدن هو رابع رئيس للولايات المتحدة يتعامل معه أردوغان الذي بالرغم من مواقفه المتسقة فقد واجه التحدي الكبير المتمثل في التعامل مع السياسة الخارجية الأمريكية المتغيرة باستمرار والتي لا يمكن التنبؤ بها بشكل واضح.
وعلى مدار لقاء أردوغان بأربعة رؤساء أمريكيين، كانت بنود جداول الأعمال مختلفة إذ لم يكن لدى الرؤساء الثلاثة الأوائل خبرة سابقة أو اهتمام قوي بالسياسة الخارجية، ولم يكن لديهم الكثير من المعلومات حول حالة العلاقات الأمريكية التركية. لكن بايدن يختلف من حيث اهتمامه الشديد بالسياسة الخارجية وانخراطه السابق مع تركيا كنائب لرئيس الولايات المتحدة، الأمر الذي لم يتضح بعد إن كان تأثيره على العلاقات الثنائية إيجابياً أم لا خصوصاً بعد موقفه تجاه الحكومة التركية الذي عبر عنه أثناء حملته الانتخابية.
وبعد مرور ما يقرب من خمسة أشهر على توليه منصب الرئيس، آن لدبلوماسية بايدن أن تظهر من خلال التنفيذ وهو الذي أعرب عن أسفه لعدم زيارته لتركيا من قبل وإظهار دعم أمريكا لها إبان زيارته البلاد عام 2016 في أعقاب محاولة الانقلاب الفاشلة في 15 يوليو/تموز.
فهل سيندم على عدم التعامل مع تركيا على المستوى الرئاسي في وقت سابق؟
تعرضت السياسة الخارجية للولايات المتحدة لانتقاد العديد من المراقبين لعدم اهتمامها بالحل الدبلوماسي للنزاعات والخلافات حيث فضل رؤسائها على مدار العشرين عاماً الماضية اختيار الردود العسكرية أو العقوبات الاقتصادية، ما أدى إلى فشلها في تحقيق نتائج في أزمات مختلفة في جميع أنحاء العالم.
وكان أحد الوعود المبكرة لإدارة بايدن، إحياء الدبلوماسية كقوة فاعلة، فضلاً عن القوة العسكرية. فهل آن أوان اختبار مصداقيته؟
لقد دأب صانعو السياسة الخارجية الأمريكيون على مدار العقد الماضي تقريباً على استخدام التهديد بفرض عقوبات من أجل الضغط على تركيا للقيام بما تريده واشنطن.
لكن هذا الإجراء لم يجد نفعاً مع بعض القضايا مثل قضية إس-400 حتى بعد اعتماد العقوبات. ومنذ يومه الأول توجهت الأنظار إلى إدارة بايدن وأجندتها الطموحة لإحياء الدبلوماسية، ومراقبة ما إذا كان بإمكانها العمل مع تركيا لحل مأزق الصواريخ الروسية.
وتأتي أهمية الاجتماع الرئاسي من ارتباطه بمفهوم إحياء الدبلوماسية وبكونه يوضح ما إذا كان بايدن يحاول حقاً إقامة علاقات أفضل مع حلفاء الولايات المتحدة، لأنه على مدى السنوات العشرين الماضية تسببت أشكال مختلفة من الأحادية في السياسة الخارجية للولايات المتحدة بتوليد أزمة ثقة بين الولايات المتحدة وحلفائها.
ولم تتجاهل الحكومة الأمريكية في كثير من الحالات، اعتراضات ومخاوف حلفائها فحسب، بل انخرطت في أفعال يعتبرها المتحالفون معها غير مقبولة، بما في ذلك التنصت على المحادثات الهاتفية لقادة الدول الأعضاء في الناتو.
والآن يحاول بايدن طمأنة حلفاء الولايات المتحدة بأن "أمريكا عادت"، متعهداً إصلاح علاقاتها وترميم أزمة الثقة. لذلك راقبت الدول الحليفة لواشنطن لقاء بايدن وأردوغان باهتمام بالغ في محاولة لمعرفة ما إذا كانت الولايات المتحدة ملتزمة حقاً بمعالجة القضية.