نبدأ بالمعارضة التي لن تتوقف عن المطالبة بإجراء انتخابات مبكرة في هذا العام، بينما تريد الحكومة الحالية الانتظار حتى يبدأ النموذج الاقتصادي الجديد للبلاد في تحقيق نتائجه المرجوة. وفي نفس السياق، ستسعى إدارة الرئيس رجب طيب أردوغان جاهدة لمعالجة المشاكل الاقتصادية اليومية للعاملين في الحد الأدنى للأجور، والمتقاعدين وموظفي الخدمة المدنية من خلال منحهم زيادات مجزية، كما ستخصص موارد إضافية للقطاع الزراعي. وستعتمد البلاد على عائدات السياحة، حيث من المتوقع أن يتباطأ الوباء اعتباراً من أبريل/نيسان. وستعمل الحكومة على كبح التضخم وتعزيز الصادرات وخلق فرص عمل إضافية.
ومن المتوقع أن يؤدي التخفيف من هذه المشاكل إلى دفع حزب العدالة والتنمية الحاكم إلى إيصال إنجازاته بشكل فعال إلى أكبر شريحة ممكنة من الناخبين. كما يتوقع أن تستخدم الحكومة تطورات هامة على الصعيد العام مثل نشر لقاح تركوفاك ضد الفيروس المستجد والسيارة الكهربائية Togg وتفعيل الوحدة الأولى لمحطة Akkuyu النووية والاستفادة من الغاز الطبيعي المكتشف حديثاً من البحر الأسود، إلى جانب مشاريع أخرى كثيرة، لتعزيز المنجزات الإيجابية.
مناقشة الترشيحات الرئاسية
من المنتظر أن يحفل هذا العام أيضاً بالعديد من المناقشات حول مرشحي الرئاسة والدستور التركي الجديد والنظام البرلماني "المعزز" ومقترحات الانتقال. وتتضمن خطط السياسيين استخدام خطاب معتدل لكسب بعض الناخبين، حيث بدأ الجمهور يشهد ارتفاعاً طفيفاً في التصريحات والاتهامات شديدة اللهجة. فحزب الشعب الجمهوري المعارض الرئيسي تعهد علناً بـ "إجراء تعديلات"، بعد أن وصف دورات القرآن على أنها انعكاس لـ "عقلية القرون الوسطى" التي تتبادر إلى الذهن بمجرد ذكرها. وفي هذا الإطار يتعين على مراقبي الشأن التركي توقع أن يقوم رئيس حزب الشعب الجمهوري كمال قليجدار أوغلو بتنويع محاولاته ليكون استباقياً، مثل الحضور في معهد الإحصاء التركي ووزارة التربية الوطنية.
وخلال الأشهر المقبلة، ستشتد المنافسة على أجزاء رئيسية من تركيبة الناخبين الذين يمثل الأكراد والشباب والمحافظون الدينيون شرائح مستهدفة بشكل كبير منهم. وستواجه الأحزاب الهامشية مثل حزب السعادة وحزب المستقبل وحزب الديمقراطية والتقدم، تباينات وتناقضات متزايدة. كما سيواجهون انتقادات بسبب هيمنة حزب الشعب الجمهوري عليهم من خلال قبولهم في تحالف الأمة المؤيد للمعارضة. وقد تستغل قيادة حزب الشعب الجمهوري معارضتها لأردوغان في محاولة لطمأنة الناخبين المتدينين المحافظين، لكن دورهم الهامشي في خطط المعارضة المستقبلية، المقرون بمظاهر مفاجئة لـ "الغضب العلماني"، من شأنه أن يلغي هذه المحاولات بالتأكيد.
تحالفات تثير المزيد من القلق
عبّر حزب الشعب الجمهوري عن التقارب بينه وبين حزب الشعوب الديمقراطي، الذي يواجه إغلاقاً بسبب صلاته بتنظيم بي كا كا الإرهابي، بمقاومة ورفض العمليات العسكرية في العراق وسوريا. ومن المتوقع أن يجذب تعزيز التعاون بين تلك الحركات مزيداً من تسليط الضوء من عدة جوانب، كما يوحي الجدل الأخير حول توظيف بلدية إسطنبول الكبرى، للأشخاص المنتسبين إلى بي كا كا. وبينما تقرر المحكمة الدستورية مصير حزب الشعوب الديمقراطي، فإن مشاركة المعارضة مع هذا الحزب ستستمر في تأجيج التكهنات.
جبهة السياسة الخارجية
في مجال السياسة الخارجية، قد يكتسب التطبيع مع أرمينيا وإسرائيل ومصر والمملكة العربية السعودية زخماً كبيراً في عام 2022. ومن المرجح أن تنتقد المعارضة هذه الخطوات، لكن أجندة التطبيع هذه ستخدم في النهاية مصالح الحكومة.
علاوة على ذلك، فإن التوترات المتصاعدة في البحر الأسود وأوكرانيا تتطلب من تركيا أن تلعب دوراً نشطاً في الدبلوماسية، إذ يمكن للدبلوماسيين الأتراك تحت قيادة أردوغان، حل الأزمة بطريقة تعزز التوازن مع الولايات المتحدة وروسيا في وقت واحد.
وفي الوقت نفسه، يستمر نجاح الطائرات التركية المسلحة بدون طيار، التي غيرت قواعد اللعبة في مناطق الصراع مثل سوريا وليبيا وقره باغ وإثيوبيا، في احتلال عناوين الأخبار على المستوى الدولي.
أما بالنسبة لتركيا، فستشمل المصادر الرئيسية للتوتر، مطالب اليونان القصوى والتنقيب حول قبرص وشرق البحر الأبيض المتوسط. وغني عن القول، إن موقف الاتحاد الأوروبي غير العادل بشأن تلك النزاعات المحتملة يهدد بإحداث تأثير سلبي على علاقات تركيا مع الغرب.
لكن الحكومة تتمتع إجمالاً بالقدرة والقيادة القوية للاستفادة من جميع أنواع الخيارات لتوسيع مجالها السياسي والخطابي.