تحتفظ عائلة البيطار في خزنة حديدية بمسجد الحنبلي في البلدة القديمة لمدينة نابلس الفلسطينية، بثلاث شعرات لرسول الإسلام محمد (صلى الله عليه وسلم)، أهداها للمدينة السلطان العثماني محمد رشاد الخامس في العام 1911.
ومنذ ذلك التاريخ تحافظ العائلة الفلسطينية على تلك الشعرات في نابلس (شمال الضفة الغربية)، وتقول إنها تحظى بشرف كبير وأثر عظيم للنبي عليه الصلاة والسلام.
أثر عظيم
عصام البيطار، أحد أبناء العائلة المسؤول عن الشعرات، قال: "إنه لشيء عظيم للغاية أن نتوارث هذا الأثر العظيم المبارك، أشعر كشخص وكعائلة بشرف صيانة تلك الأمانة".
ولفت البيطار، في حديث لوكالة الأناضول، إلى أنه ورث الرعاية والمحافظة على الشعرات الشريفات من ابن عمه، الذي "ورثها عن والده وجده الشيخ رشيد البيطار، قاضي نابلس في زمن الدولة العثمانية".
ويحتفظ عصام بمفاتيح خاصة للخزنة الحديدية التي تحفظ بها الشعرات داخل حُجرة مخصصة لها في المسجد الحنبلي، أحد أقدم مساجد نابلس القديمة، والذي يمتاز ببنائه العمراني القديم، وأعمدته الرخامية.
كما يحتفظ المسجد الحنبلي، بحجة عثمانية (شهادة) تؤكد أن الشعرات الثلاث هدية من السلطان العثماني.
وفي نقش على منبر المسجد كتب: "تجدد بناء هذا المسجد وتشرف بالشعرات المحمدية من الخليفة السلطان محمد رشاد الخامس ـ نصره الله- سنة 1330 هـ".
كيف وصلت لنابلس؟
يقول البيطار إنه "في عام 1330 للهجرة، الموافق عام 1911 للميلاد، قرر السلطان محمد رشاد الخامس (حكم بين 1909 و1918) إهداء نابلس الشعرات الثلاث تكريماً لعلمائها، وسلمت لجدي رشيد البيطار، بصفته قاضي المدينة".
ولفت إلى أن "التكريم العثماني جاء لدور علماء نابلس في دراسة الشريعة الإسلامية، حيث كانت تتسابق العائلات على إرسال أبنائها لدراسة القرآن والسنة في دور العلم حينها".
وأشار البيطار إلى أن "الوثيقة العثمانية تقضي بتكليف جدي وعائلته وذريته من بعده بالرعاية والحفاظ على الشعرات"، ومنذ ذلك الحين والعائلة تتوارث الشعرات.
التبارك بالأثر
تُحفظ الشعرات المثبتات داخل عبوة زجاجية شفافة في الخزنة الحديدية، إلى جانب مناديل قماشية ومسابح، ويتم التبرك بها يوم 27 رمضان من كل عام فقط.
يقول البيطار: "عقب صلاتي الظهر والعصر من يوم 27 رمضان من كل عام، يتم إخراج الشعرات للجمهور، حيث يتم التبارك بها بالتقبيل والضم".
وأضاف أن "المسجد الحنبلي عادة ما يمتلئ بالمصلين والزوار الذين يأتون من كل محافظات الضفة الغربية، ومن دول عربية مجاور في بعض الأحيان".
ولفت البيطار إلى أن عائلته تتعاون في تنظيم المصلين للتبارك بالأثر.
وعن سبب عدم خروجها إلا في 27 رمضان يوضح: "هكذا توارثنا عن العائلة، وبات تقليداً سنوياً يعرفه أهل المدينة".
بدوره، قالعمر صنوبر، إمام المسجد الحنبلي: "الناس يلتمسون الخير والبركة من أثر الرسول عليه السلام".
واستدرك إمام المسجد الحنبلي بقوله : إن شعرة الرسول عليه السلام "لا تضر ولا تنفع، ولكن كان صحابة رسول الله يتلمسون من عرقه وشعره، وأثوابه يأخذونها ويحتفظون بها".
وأشار إلى أنه "عادة ما توضع مناديل ومسابح بجوار الأثر في الخزنة، وفي العام القادم يتم توزيعها على المصلين للتبارك بها".
ولفت "صنوبر" إلى أن المسجد الحنبلي الذي يعود بناؤه إلى مئات الأعوام "بات قِبلة للناس منذ وصول الأثر إليه بحسب ما يروى".