مع إنهاء الحرب السورية عامها الثاني عشر، تدعو الحكومة السورية المؤقتة إلى حلٍ يقوم على أساس الانتقال السياسي، وتتوقع من الدول الإقليمية الضغط على نظام بشار الأسد لإجباره على الامتثال لقرار دولي ذي صلة، بحسب رئيس الحكومة عبد الرحمن مصطفى.
وعشية الذكرى الثانية عشرة للحرب في سوريا، صرح مصطفى للإعلام التركي قائلاً: "نحن ندرك أن نظام الأسد لا يريد حلاً سياسياً، وبصفتنا معارضة سورية انضممنا إلى هذه المفاوضات لنظهر للمجتمع الدولي أن النظام لن يؤيد أبداً مثل هذه الفكرة".
وشدد مصطفى على أن محادثات اللجنة الدستورية السورية التي تيسرها الأمم المتحدة في جنيف، فشلت في تحقيق التقدم المنشود.
وأوضح: "الجميع يعلم أن وفد نظام الأسد لم يعد يحضر محادثات اللجنة بسبب موقف روسيا التي تبحث عن ذريعة لتخريب أي حل سياسي عند كل منعطف".
وحول اعتراض روسيا سابقاً على إجراء المحادثات في جنيف بحجة أنها ليست "محايدة"، واعتبارها للحالة السورية كورقة مساومة في حربها في أوكرانيا، قال مصطفى: "إيران أيضاً تعتبرنا وسيلة ضغط في مفاوضاتها النووية".
كيف أصبح الوضع السوري بعد الزلزال
ومضى مصطفى يقول إن زلازل 6 فبراير/شباط التي أودت بحياة أكثر من 54 ألف شخص جنوب شرق تركيا وشمال غرب سوريا، قد عمقت معاناة سكان المنطقة.
وفي معرض حديثه عن تأخر الأمم المتحدة في إيصال المساعدات لضحايا الكارثة في سوريا وخاصة المناطق التي تسيطر عليها المعارضة التي تحملت الجانب الأكبر من الضرر، قال مصطفى إنه من "المحزن" تعرض المساعدات الإنسانية الدولية لـ "الابتزاز السياسي".
وأشار إلى أن "شعبنا الذي خُذل منذ فترة طويلة قبل الزلازل، عاش نفس المصير خلال الكارثة".
وفي تنديدٍ بالرد المتأخر لنائب الأمين العام للأمم المتحدة، شدد مصطفى على أن المنظمة الدولية "يجب أن تفي بمسؤوليتها وتوفر المأوى والمساعدات للشعب السوري". وأشاد باستجابة بعض الدول شاكراً تركيا والمملكة العربية السعودية وقطر على دعمهم للمنكوبين بالكارثة.
حصار النظام
وخلال حديثه قال مصطفى إن نظام الأسد الذي عمل على استغلال الزلازل لدوافع سياسية كي يتفادى العقوبات "استولى على المساعدات الإنسانية المرسلة للضحايا في المناطق التي تسيطر عليها المعارضة".
واصفاً الألم الذي يسببه النظام للشعب السوري بأنه أكبر بكثير من الدمار الذي سببته الزلازل. وقال مصطفى: "لا يمكن للعالم أن ينسى الجرائم والانتهاكات الحقوقية التي ارتكبها نظام الأسد بحق الشعب السوري، فهذا النظام هو الذي يقصف ويذبح السوريين ويخرجهم من منازلهم ويحتجزهم في المعتقلات".
هذا وخلفت زلازل 6 فبراير/شباط ما لا يقل عن 3.688 قتيلاً و 14.749 جريحاً في سوريا، بما في ذلك المناطق التي تسيطر عليها المعارضة.
عودة جماعية للنازحين
وبخصوص العودة البطيئة للاجئين السوريين الذين هُجّروا من البلاد بسبب الحرب، قال مصطفى إنهم قد "نفد صبرهم بانتظار حلٍ شاملٍ يضمن عودة جميع النازحين السوريين وينهي معاناتهم".
وأشار "نريد أن نرى حلم شعبنا يتحقق. لكن استمرار جرائم نظام الأسد يمنع عودتهم الطوعية والآمنة".
وأوضح مصطفى أن الجرائم التي ارتكبتها قوات الأسد من قتلٍ واحتجازٍ واغتصاب العائدين، وثقتها منظمات دولية مثل منظمة العفو الدولية وغيرها. "لذلك، فإن العودة الطوعية للمدنيين إلى المناطق التي يسيطر عليها النظام مستحيلة طالما لا يوجد حل سياسي لضمان سلامتهم".
وبحسب مصطفى، فإن تنظيم واي بي جي/بي كي كي الإرهابي يجعل العودة الآمنة مستحيلة في المناطق التي يحتلها، إذ يقوم التنظيم الدموي بتجنيد الشباب بالقوة واعتقال من يعترض عليه. وبذلك فإن سكان المنطقة الذين نزحوا منها لا يستطيعون العودة إلى مناطقهم وهم ينتظرون ظروفاً مناسبةً للعودة الجماعية.
وأوضح مصطفى أن شمال البلاد الذي تم تحويله إلى مناطق آمنة بعد القضاء على العناصر الإرهابية، يمكن أن يستضيف المزيد من السوريين. وأشار إلى أنه "بسبب الزيادة السكانية، فإن المنطقة بحاجة إلى المزيد من المشاريع التنموية والمساعدات التي توفر للسكان حياةً كريمة".
مضيفاً أن ميليشيات واي بي جي/بي كي كي تواصل زعزعة السلام في المنطقة بهجمات إرهابية متتالية.
وبمرور 12 عاماً على الحرب السورية في 15 مارس/آذار، لا تزال النهاية تبدو بعيدةً.
يذكر أن العقد الماضي شهد مقتل ما يقرب من نصف مليون سوري وفرار أكثر من 12 مليوناً آخرين من منازلهم بحثاً عن ملاذٍ آمن في أماكن أخرى. وبينما تراجعت حدة القتال مؤخراً، ومع سيطرة قوات المعارضة على حوالي 40% من البلاد، لا يزال نظام الأسد يصر على تجاهل احتياجات الشعب السوري في سعيه لتحقيق المزيد من المكاسب الإقليمية، ويستمر في سحق المعارضة.