أعلن الرئيس رجب طيب أردوغان يوم الاثنين أن العملية الرسمية للانتخابات الرئاسية في تركيا ستبدأ في 10 مارس/آذار.
وشدد أردوغان بعد اجتماع لمجلس الوزراء، على أن تركيا "لا يسعها تضييع الوقت والطاقة أو تشتيت الانتباه في هذه الأوقات الحرجة"، وقال إن الأولوية هي "التركيز على عملية التعافي دون التورط في المناقشات السياسية"، مؤكداً إن تركيا بحاجة إلى حكومة قوية وإرادة سياسية قوية للتعافي من الكوارث الأخيرة وتأثيراتها المباشرة وغير المباشرة.
وشدد أردوغان على أهمية الانتهاء من العملية الانتخابية في أقرب وقت ممكن لتجنب أي انحراف عن أجندة التعافي التي تحتاجها البلاد، مشدداً أن التركيز سيبقى على الزلازل الأخيرة وجهود التعافي.
وقال الرئيس: "ما تحتاجه تركيا هو التركيز الكامل على مداواة الجروح في مناطق الزلزال وتعويض الخسائر على الفور"، مضيفًا أنه من الضروري ترك التوترات السياسية والانتخابية جانبًا.
وأضاف: "لا يمكننا قبول حملة انتخابية تسودها المشاجرات والنزاعات السياسية فيما جزء من بلدنا مدمر وحوالي 10 ملايين شخص فقدوا منازلهم ووظائفهم وسلامهم".
وقال الرئيس أيضًا إنهم سينشرون قريبًا مرسومًا رئاسيًا لضمان قدرة الذين اضطروا إلى تغيير مدنهم وعناوينهم بسبب الزلزال، على الإدلاء بأصواتهم.
والأربعاء الماضي، بدد أردوغان الشائعات التي تحدثت عن احتمال تأجيل الانتخابات في أعقاب الزلازل الكارثية في البلاد الشهر الماضي، قائلاً إن قوة إرادة الجمهور ستسود يوم 14 مايو/أيار، مؤكداً الموعد النهائي للتصويت.
من المتوقع أن تكون الانتخابات سباقًا صعبًا وفقًا لتحالف المعارضة، بينما تظهر بعض استطلاعات الرأي تقدم أردوغان الواضح ضد التحالف السداسي، الذي يطلق عليه اسم "طاولة الستة". أعلن التحالف أن رئيس حزب الشعب الجمهوري المعارض، كمال قلتشدار أوغلو، مرشحهم بعد مناقشات وخلافات ساخنة.
تحالف الأمة يختار قلتشدار أوغلو:
أنهى تحالف الأمة أشهراً من الجدل الشائك ووافق على تسمية رئيس حزب الشعب الجمهوري كمال قلتشدار أوغلو مرشحاً مشتركاً ضد أردوغان في انتخابات مايو/أيار التي باتت على الأبواب.
وأعلن تمل قره ملا أوغلو رئيس حزب السعادة بعد استضافته اجتماعاً مع قادة الأحزاب الستة، اسم مرشح المعارضة قائلاً: "نتيجة لاجتماعاتنا، قررنا أن يترشح كمال كليتشدار أوغلو لمنصب الرئيس".
ويضم تحالف الأمة المعارض كلاً من حزب الشعب الجمهوري وحزب جيد والحزب الاشتراكي وحزب المستقبل والحزب الديمقراطي وحزب الديمقراطية والتقدم، والذين يشار إليهم عادةً باسم "طاولة الستة".
وفي خطوة من المحتمل أن تضر بثقة الناخبين، عانى التحالف المعارض من انقسامٍ صادمٍ يوم الجمعة الماضي بعد أن استقالت رئيسة حزب جيد ميرال أكشنر من الطاولة السداسية بسبب عدم استعدادها لتأييد ترشح قلتشدار أوغلو، ورشحت بدلاً عنه رئيس بلدية إسطنبول أكرم إمام أوغلو أو رئيس بلدية أنقرة منصور يافاش، كمرشحَين للرئاسة.
وبعد لقاء رئيسي البلديتين المذكورين في وقت مبكر من يوم الاثنين بأكشنر، تراجعت رئيسة حزب جيد، وعادت للانضمام إلى شركائها وحضرت اجتماع التحالف. لكن عودتها كانت مشروطةً بقبول التحالف اقتراحها بترشيح إمام أوغلو ويافاش، لمنصب نائب الرئيس إذا ما فازت المعارضة في الانتخابات.
وألقى زعيم حزب الشعب الجمهوري يوم أمس الثلاثاء، كلمة أمام المجموعة البرلمانية لحزبه حول ما أسماه "المرة الأخيرة" وقال إن التحالف "سيحقق أهدافنا معاً".
وجاء في كلمته أن "أكشنر تعرف جيداً كيف تعبر عن موقفها. وقد تكون مثالية في بعض الأحيان" فيما بدا أنه إعلان بالصفح عن أحداث الأسبوع الماضي.
في غضون ذلك قرر الحزب المعارض الرئيسي في البلاد، ألا يعقد اجتماعاً عاماً حتى الانتخابات.
وعود انتخابية:
بعد حصوله على ثقة الكتلة أخيراً، كرر قلتشدار أوغلو يوم الاثنين تعهد الأطراف الستة بـ "توحيد كل ألوان تركيا على طاولة واحدة".
وقال الموظف المدني السابق البالغ من العمر 74 عاماً للصحفيين بعد الاجتماع: "بصفتنا رؤساء تحالف الأمة، توصلنا إلى توافق في الآراء حول خريطة الطريق الخاصة بنا للانتقال إلى نظام برلماني معزز".
وانتقلت تركيا من النظام البرلماني في استفتاء عام 2017، وتحولت بالكامل إلى نظام حكم رئاسي عام 2018.
وإلى جانب التراجع عن السياسات الاقتصادية الحالية وإدخال تحول كبير في السياسة الخارجية، تجزم المعارضة في حال فوزها بإعادة منصب رئيس الوزراء وأن يكون قادة آخرون في الكتلة نواباً للرئيس، ما يعني فعلياً تولي 8 رؤساء دفة الحكم في البلاد.
وأكد بيان مشترك صادر عن الكتلة بالقول: "خلال العملية الانتقالية، سنحكم تركيا من خلال التشاور والتوافق، بما يتماشى مع مبادئ وأهداف النظام البرلماني المعزز والنصوص المرجعية التي توصلنا إلى الاتفاق عليها، في إطارٍ من الدستور والقانون وفصل السلطات والتوازن ومبادئ الرقابة".
وتهدف الكتلة إلى استكمال وتنفيذ "التعديلات الدستورية المتعلقة بالانتقال إلى النظام البرلماني المعزز في أقرب وقت ممكن بما يتماشى مع هيكل البرلمان الذي سيتم تشكيله بعد الانتخابات".
وأضاف البيان أن "توزيع الوزارات سيحدد بعدد النواب المنتخبين من قبل أحزاب تحالف الأمة في الانتخابات العامة، ويمثل كل حزب على الأقل وزير واحد في مجلس الوزراء".
ووفقاً لخارطة الطريق، سيتم تعيين وإقالة الوزراء من قبل الرئيس، بالاتفاق مع زعيم الحزب السياسي الذي ينتمون إليه. كما سيتعين على الرئيس التشاور مع قادة التحالف لتجديد الانتخابات وإعلان حالة الطوارئ وسياسات الأمن القومي والقرارات الرئاسية والمراسيم والإجراءات التنظيمية العامة والتعيينات العليا.
وستُنشئ خلال عملية الانتقال، آليات لتنسيق تحقيق الأنشطة التشريعية أيضاً.
وفي هذه الفترة، يحق للرئيس استخدام سلطته التنفيذية بموجب مبادئ المشاركة والتشاور والتوافق.
وشدد البيان على أن توزيع الصلاحيات والواجبات على مجلس الوزراء الرئاسي أي نواب الرئيس والوزراء، سيحدد بمرسوم جمهوري يصدر في إطار الدستور والقوانين.
وتطرق البيان في إحدى فقراته إلى الرئيس أردوغان بالقول: "مع استكمال الانتقال إلى النظام البرلماني المعزز، ستنتهي عضوية الحزب السياسي للرئيس الحالي، إن وجدت".
وكشفت خارطة الطريق المشتركة أيضاً أن تعيين إمام أوغلو ويافاش نائبين للرئيس مع واجبات محددة، سيكون في الوقت الذي يراه الرئيس مناسباً، ما يسمح لرؤساء البلديات بالاحتفاظ بمقاعدهم حتى الانتخابات المحلية.
"الشريك الخفي":
في غضون ذلك، يتطلع حزب الشعوب الديمقراطي المستبعد علناً حتى الآن من تحالف الأمة رغم أنه ثالث أكبر حزب في البرلمان، إلى تقديم مرشحه بينما يتصارع مع قضية الإغلاق.
وبعد انقسام المعارضة، كرر مسؤولو حزب الشعوب الديمقراطي التزامهم بتحالف العمل والحرية الخاص بهم، وكشفوا أن الكتلة ستعيد النظر في تحديد مرشحها الرئاسي.
لكن بعد التئام الشمل يوم الاثنين، قال الرئيس المشارك مدحت سنجار إن الحزب "قد يدعم قلتشدار أوغلو بعد محادثات واضحة ومفتوحة".
وفي بث مباشر على محطة خبر تورك الخاصة قال سنجار: "توقعنا الواضح هو الانتقال لديمقراطية قوية. وإذا تمكنا من الاتفاق على مبادئ أساسية، فقد ندعمه في الانتخابات الرئاسية".
كما حث الرئيس المشارك الآخر للحزب صلاح الدين دميرطاش، المسجون حالياً على عدد لا يحصى من التهم المتعلقة بالإرهاب في غالبيتها، حزبه على دعم مرشح تحالف الأمة أيضاً.
هذا ويعتبر الكثيرون أن حزب الشعوب الديمقراطي، وهو حزب معروف على نطاق واسع بعلاقاته الوثيقة مع تنظيم بي كي كي الإرهابي، "شريك خفي" في تحالف الأمة، بسبب محاولات حزب الشعب الجمهوري المتكررة لاستمالة قاعدة الناخبين الأكراد بالحزب.