مخاوف كبيرة تساور التركمان والعرب من سكان مدينة كركوك شمالي العراق بسبب اعتزام الإقليم الكردي إجراء استفتاء في المدينة المتنازع عليها بين حكومة بغداد وحكومة الإقليم المتمتع بحكم ذاتي منذ عام 1991.
وفي ظل رفض محلي وإقليمي ودولي، ينص الاستفتاء، وهو خطوة أحادية الجانب مقررة في الخامس والعشرين من سبتمبر/أيلول الجاري، على انفصال المدينة الغنية بالنفط عن العراق أو استمرار تبعيتها له.
وفعليا، سيطرت "البيشمركة" (قوات الإقليم المسلحة) على كركوك أثناء الاحتلال الأمريكي للعراق عام 2003، وانتقلت أعداد كبيرة من الأكراد إلى المدينة؛ ما أثر على التكوين الديموغرافي للمدينة الغنية بالنفط.
ويبدي مواطنو كركوك من القوميتين التركمانية والعربية معارضة شديدة للاستفتاء، وسط تحذيرات محلية وخارجية من احتمال تفجير صراع جديد، في وقت ما يزال العراق يقاتل فيه تنظيم "داعش" الإرهابي.
عمر حسين، وهو تركماني يمتلك أحد المتاجر في المدينة، قال للأناضول إن "التركمان يعارضون الاستفتاء، ويعيشون من اليوم رهبة من احتمال اندلاع اقتتال في المدينة".
وأضاف أن "المنطقة لم تشهد استقرارا بسبب الصراع الطائفي، ومن بعده ظهور تنظيم داعش الإرهابي".
وتابع "قلقون من احتمال اندلاع صراع بين الأخوة التركمان والأكراد بسبب الاستفتاء"، الذي تصر عليه حكومة أربيل.
وشدد على أن "التركمان هم الطرف الوحيد الذي ليس لديه أي قوة تحميه في حال اندلاع اقتتال داخلي.. ونرحب بتصريحات الرئيس التركي، رجب طيب أردوغان، المتعلقة بالاستفتاء".
وتعارض الجارة تركيا هذا الاستفتاء، وتشدد على أن "الحفاظ على وحدة الأراضي العراقية مرتبط بإرساء الأمن والسلام والرخاء في المنطقة".
حركة التجارة في كركوك، بدورها لم تسلم من تداعيات الاستفتاء، الذي يرفض التركمان والعرب أن يشمل المدينة وغيرها من المناطق المتنازع عليها.
وبهذا الخصوص، قال المواطن التركماني، ياشار قازانجي، إن "التوترات التي شهدتها المدينة بسبب الاستفتاء أثرت بشكل سلبي على حركة الأسواق، من حيث مستوى البيع والشراء، خاصة خلال الأسبوعين الأخيرين".
وأضاف قازانجي "الاستفتاء يهدف إلى تقسيم العراق، والجدالات حوله كانت كافية للتأثير سلباً على الأسواق".
بدوره، قال سعيد نظام الدين، وهو من القومية العربية في كركوك "نعارض الاستفتاء، على غرار أشقائنا التركمان".
ومستنكرا تساءل نظام الدين "لماذا على كركوك، ذات الاقتصاد الجيد والواقعة تحت سيطرة الحكومة المركزية، أن تنضم إلى منطقة ذات اقتصاد سيء (إقليم الإدارة الكردية)، لا يحق لأحد أن يهدم الاستقرار الاقتصادي والاجتماعي".
وأردف قائلا "لا أريد أن أصدق أن هذا الاستفتاء، الذي يعارضه التركمان والعرب، سيجرى في كركوك، ولن تنجح هذه الخطوة دون رضا كافة الأطراف".
وإضافة إلى كركوك، يشمل الاستفتاء المزمع إجراؤه بقرار من جانب واحد، كلا من أربيل والسليمانية ودهوك ضمن الإقليم، وقضاء سنجار في محافظة نينوى (شمال)، وبلدة بعشيقة وقضاء طوزخورماتو في محافظة صلاح الدين (شمال)، وقضاء خانقي وبلدات مندلي وجلولاء وقره تبه في محافظة ديالي (شرق).
وترفض الحكومة العراقية الاستفتاء، وتقول إنه لا يتوافق مع دستور البلاد المعتمد عام 2005، و"لا يصب في مصلحة الأكراد سياسيا ولا اقتصاديا ولا قوميا".
ووفق المادة 140 من الدستور العراقي فإنه ينبغي تطبيع الأوضاع في كركوك، بإعادة جميع المرحلين إبان فترة نظام الرئيس العراقي الراحل، صدام حسين (1979-2003) إلى كركوك، ثم إجراء إحصاء سكاني، وبعدها إجراء استفتاء حول تقرير مصير المدينة.
ولم يتم تطبيق المادة 140 من الدستور العراقي حتى الآن، لأسباب مختلفة وخلافات بين القوى السياسية.