أطلق شباب مصريون مبادرة عبر تطبيق واتس أب للتخلص من غلاء الوقود الذي بات يثقل كاهل المواطن أكثر وأكثر.
وتقوم المبادرة على توصيل زملاء العمل والجيران بعضهم بعضاً على أن يتشارك الجميع في تكاليف الرحلة.
صاحب المبادرة، عبد القادر محمد، الذي يعمل موظفا بمطار القاهرة، يقول إنه يقطع بسيارته يوميا حوالي 70 كيلو مترًا ما بين سكنه بمنطقة "مدينتي" (شرق القاهرة) وعمله (في غربها) (ذهاب وعودة)، وهو ما كان يكلفه حوالي 200 جنيه (12 دولاراً أمريكيا) أسبوعيا بمتوسط 7 لترات "بنزين" يوميا.
كانت الأمور تسير بشكلها الطبيعي مع محمد حتى الخميس 29 يونيو/ حزيران الماضي، ليجد نفسه مطالباً بتحمل ما يقرب من 300 جنيه (17 دولاراً) أسبوعياً لكي يستطيع التحرك بسيارته من العمل وإليه، نتيجة لرفع أسعار الوقود ما بين 42 و100% موزعة على المشتقات البترولية، مما ولد لديه فكرة المبادرة.
محمد، 34 عامًا، يقول إن الهدف من الفكرة مساعدة أبناء منطقته وتخفيف الأعباء الاقتصادية خاصة مع موجة الغلاء التي اجتاحت كافة السلع والخدمات.
ما إن أنشأ محمد مجموعته على الواتس أب حتى استقبل أكثر من 500 طلب من سكان "مدينتي"، شرقي القاهرة، وبعض الأحياء المجاورة لها يرغبون في تطبيق الفكرة.
ويضيف: بعد دخول الناس للمجموعة بدأ كل منهم ينسق مع زميله، الذي تتناسب ظروفه معه، يبدأ الأمر بأن ينشر أحدهم مواعيد خروجه من منزله ومكان عمله ثم عودته، ليبادر من يناسبه ذلك في التنسيق معه ويتبادلون أرقام الهواتف.
العمل داخل مجموعة "وصلني" قائم على المشاركة، فمن يمتلكون سيارات كل منهم يستخدم عربته يوماً واحداً في الأسبوع، وإذا وجد في المجموعة من لا يمتلك سيارة يقتسم مع صاحبها تكاليف الوقود المستخدم.
الفكرة ليست مقتصرة على مواعيد العمل الصباحية أو المسائية، فيمكن أيضا، بحسب منسق المبادرة، التوافق فيما بين أعضاء المجموعة، للخروج للنزهة أو شراء مستلزمات المنزل.
"بعد تجربة الناس للفكرة بدأ كل منهم يعلن خط سيره قبل خروجه من منزله ويبحث عن شريك رحلته"، يوضح محمد ما آلت إليه الأمور بعد أيام من تطبيق الفكرة.
وعن التكاليف يقول إن الرحلة العادية تكلف أي فرد من المجموعة نحو 70 جنيها (4 دولارات تقريبا) لو أراد الانتقال من مصر الجديدة (شرقي القاهرة) للدقي (غرب) بسيارة أجرة ويحتاج إلى نفس المبلغ في العودة، لكن لو تشارك مع أحد أفراد المبادرة فسيدفع حوالي 30 جنيها فقط (أقل من دولارين).
ويشير إلى أن غالبية المشاركين في المبادرة من سكان شرق القاهرة وآخرون بدؤوا مؤخراً تطبيق نفس الفكرة بمناطق أخرى كالمعادي (جنوبي العاصمة).
شروط خدمة "وصلني":
من شروط الخدمة عدم التدخين أو تشغيل موسيقى مزعجة، وبعض الركاب يكون لهم شروط أيضا بأن يطلبوا تشغيل مكيف الهواء.
للدخول في مجموعة "وصلني" هناك شروط أيضا يجب اتباعها؛ أولها أن يرسل الراغب في الاشتراك صورة من بطاقة الرقم القومي الخاصة به، وصورة لرخصة القيادة، حسبما قرر القائمون على المبادرة.
محمد يقول إن مبادراتهم ليس لها أي طموح ربحي فالهدف الأساسي منها هو مساعدة بعضهم بعضا.
وتعيش مصر أزمة اقتصادية طبقت على إثرها برنامجاً إصلاحياً، بالاتفاق مع صندوق النقد الدولي، يشمل رفع الدعم تدريجيا، ما تسبب في موجة غلاء، تضررت منها الطبقة المتوسطة ومحدودي الدخل.
الناحية الاقتصادية لا تغيب عن أشكال التعاون بين المصريين، فيشيد أبو بكر الديب، الخبير الاقتصادي المصري، بالمبادرة، مؤكدا أن لها فائدتين كبيرتين هما الادخار وتقليل مشكلة الزحام التي يعانيها المصريون.
ويقول إن المصريين يخسرون قرابة 15 مليار جنيه (882 مليون دولار تقريبا) سنويا نتيجة الزحام المروري، يتمثل في تأخيرات عن العمل وتعطيل للمصالح، بسبب تأخر الموظفين والعمال عن مواعيد أعمالهم.
ويطالب الديب مراكز الأبحاث ومجلس النواب (البرلمان) بضرورة تكريس جهودهم في البحث عن فرص قانونية وتشريعية لتقنين مثل هذه المبادرات التي تقلل من واردات مصر البترولية، التي تقترب من 10 مليارات دولار.
هذا والمبادرة وإن كانت جديدة على عالمنا العربي، لكنها موجودة في الغرب منذ سنوات وتساهم في تخفيض تكاليف السفر والتعرف على رفاق طريق جدد في كل مرة.