عادة ما يزن رؤساء الولايات المتحدة قراراتهم في اتخاذ هجوم عسكري ويحسبون مدى الأضرار التي سيخلفها ومدى تناسبها مع الحدث الذي يسعون الثأر له أو الرسالة التي يريدون إيصالها.
وفي العقود الأخيرة، نادرا ما تدخلت الولايات المتحدة بهجمات مباشرة خارج إطار حرب نظامية معلنة بموافقة الحكومة.
فكيف قرر ترامب ضرب أهداف في سوريا مقارنة بمن سبقه من الرؤساء. ولماذا لم ينتظر موافقة الكونغرس أو سواه من المؤسسات الأمريكية؟
إليكم نظرة على أهم التدخلات "الاستثنائية" للرؤساء الأمريكيين:
* دونالد ترامب، سوريا، 2017:
لم يرسل أي تحذير وجاء رده بعد مرور يومين من تصريحه أن لا بد من حدوث شيء.
وقد اقتصر رد الرئيس دونالد ترامب على هجوم صاروخي مفاجئ على هدف عسكري محدد. وجاء بعد يومين من اتهام أمريكا للنظام السوري باستعمال السلاح الكيماوي. وقد صرحت الولايات المتحدة أن القاعدة الجوية المختارة هي التي انطلقت منها الغارة بالأسلحة الكيماوية.
* باراك أوباما، سوريا 2012-2013:
أما الرئيس أوباما، فقد ظل يحذر النظام السوري مدة عام كامل، منذ 2012. واستمر بوضع الخطوط الحمراء مهددا رئيس النظام السوري أنه إن تجاوزها فسيكون ذلك سبباً لرد عسكري أمريكي.
سنة 2013، لم يتوان رئيس النظام السوري عن قصف المدن السورية بالسلاح الكيماوي ما خلف أكثر من 1500 ضحية. لكن أوباما اختار ألا يضرب الأسد. وبدلاً عن ذلك، ذهب إلى الكونغرس باحثاً عن الموافقة أو "المماطلة".
وبالطبع، الموافقة لم تأت أبداً، وعوضاً عن ذلك تدخلت روسيا عارضة ضمانتها بأن الأسد سيسلم الـ1.300 طن أسلحة كيماوية التي يملكها للغرب.
* رونالد ريغان، ليبيا، 1986:
عاصر الرئيس رونالد ريغان الزعيم الليبي الشهير، معمر القذافي. وكانت فترة الثمانينيات حافلة بالتوتر في المنطقة و"الأخ القائد" يهدد ويتوعد الغرب بأسره.
قام الرئيس رونالد ريغان بتحذير القذافي لأسابيع أن يتراجع عن دعم إرهاب الدولة والكف عن رعاية عمليات إرهابية ضد الرعايا الأمريكيين.
طبعاً القذافي لم يأبه بهذا الكلام، ثم في 5 نيسان/أبريل 1986، قُتل مواطن أمريكي في انفجار قنبلة.
بعدها بتسعة أيام، أعلن الرئيس رونالد ريغان في خطاب أنه قد "أطلق سلسلة من الهجمات الجوية ضد مقار ومراكز ومعسكرات للجيش التي تدعم نشاط معمر القذافي". وقال: "كانت الهجمات محددة ومركزة بدقة للتقليل من الضحايا المدنيين من الشعب الليبي الذي لا نضمر له أي شر".
وقد قتل في الهجوم طياران أمريكيان سقطت طائرتهما بعد أن أصابتها الدفاعات الجوية الليبية.
في المحصلة، يتضح أن ردة فعل دونالد ترامب كانت سريعة ومحددة ضد سلاح الجو للنظام السوري، دون السعي إلى موافقة من الكونغرس. ومن ثم فإن الآليات البيروقراطية والديمقراطية التي يتحجج بها البعض، مثلما فعل أوباما، ليست سوى مسوغات لعدم الإتيان بأي فعل.
ومؤكد أن مستشاري ترامب قالوا له إن ذلك سيزيد من شعبيته في الداخل خلافاً لما حدث مع أوباما. هذا وقد بدأت بعض الأصوات تتساءل إن كان ما قام به ترامب صباح أمس الجمعة "شرعي" ويتوافق مع القوانين الأمريكية.