يحتفل الشعب التركي بالذكرى المئوية لتأسيس الجمهورية التركية من خلال فعالياتٍ متنوعة ومبهجة، تعكس مشاعر العزة والفخر باليوم التاريخي في مسيرة البلاد نحو بناء دولةٍ حديثة، وتعبيراً عن الامتنان لمؤسسها الراحل مصطفى كمال أتاتورك.
وزينت الأعلام الشوارع والأزقة وواجهات المباني الحكومية والسكنية إلى جانب الصور العملاقة لمصطفى كمال أتاتورك، احتفالا بالذكرى المئوية لتأسيس الجمهورية التركية. وأعلنت المؤسسات الحكومية عن سلسلة من الأنشطة والفعاليات، بدأ بعضها بالفعل في وقتٍ سابقٍ من هذا الأسبوع، وانتشرت عبارات التحية لمؤسس الجمهورية وأول رئيس لها أتاتورك.
ومن المقرر أن تبلغ الاحتفالات ذروتها يوم 29 أكتوبر/تشرين الأول، وهو اليوم الذي أعلن فيه أتاتورك رسمياً قيام النظام الجديد لتركيا بعد سقوط الإمبراطورية العثمانية وحرب الاستقلال التي قادها الزعيم الراحل.
وتنظم الرئاسة التركية والحكومة منذ أوائل هذا الشهر، فعالياتٍ في الداخل وفي البعثات الدبلوماسية في الخارج، خصوصاً لأن احتفالات هذا العام تحمل معنىً خاص إذ يعتبر الرئيس رجب طيب أردوغان، الزعيم الأطول خدمة في البلاد بما في ذلك فترة ولايته كرئيس للوزراء لمدة 11 عاماً بعد أتاتورك، هذا اليوم تحديداً بداية "قرن تركيا"، المتمثل بسلسلةٍ من الإصلاحات تحمل روح الجمهورية، والتي أحدثت تغييرات كبيرة في الأمة.
ومن الألعاب النارية وعروض الليزر إلى الشاشات العملاقة التي أقيمت في ساحات المدن الكبرى لعرض إنجازات الجمهورية، سيتم الاحتفال بالذكرى المئوية في جميع أنحاء تركيا. كما سيتم إنشاء رصيفٍ عائم مزودٍ بشاشةٍ كبيرة جداً على مضيق البوسفور في إسطنبول، لعرض مقاطع فيديو حول تاريخ تركيا ورؤية "قرن تركيا". إضافةً لفعاليات رياضية ترعاها الحكومة والهيئات الرياضية المحلية للاحتفال بالذكرى المئوية، من سباقات الماراثون إلى مباريات التنس.
وتركز الأحداث على تاريخ الجمهورية ومستقبلها، بدءاً من المعارض واللوحات التي تظهر أبطال حرب الاستقلال التي مهدت الطريق للجمهورية، إلى الإنجازات المستقبلية المخطط لها. وقد أصدرت دار سك العملة أوراقاً نقديةً خاصة، بينما أصدرت هيئة البريد الرئيسية في البلاد طوابع بمناسبة الذكرى المئوية.
كذلك نظمت الوزارات فعالياتٍ ثقافيةٍ للجمهور سيقام معظمها يوم الأحد، من بينها حفلاتٍ وعروض فالس تقدمها فرق وطنية وخاصة، باعتبارها الرقصة الشعبية التي كانت منتشرة بشكل واسعٍ في السنوات الأولى للجمهورية، فضلاً عن أداء رقصة "الزيبك"، وهي رقصة شعبية انتشرت في السنوات الأولى للجمهورية أيضاً وكانت تحظى بإعجاب كبير من قبل مصطفى كمال أتاتورك.
وفي مضيق البوسفور، ستقدم 100 سفينة حربية تركية عرضاً عسكرياً، فيما تقرر أن تقام عروض مماثلة على الأرض.
وتحتفل البلاد بيوم الجمهورية بتاريخ 29 أكتوبر/تشرين الأول عندما قام البرلمان بتعديل الدستور لتغيير نظام الحكم إلى جمهوري، بعد انتهاء حرب الاستقلال التي استمرت 4 سنوات ضد العديد من البلدان، بما في ذلك حلفاء الحرب العالمية الأولى بريطانيا العظمى وفرنسا وإيطاليا واليونان، وكانت بمثابة نهايةٍ رسمية للإمبراطورية العثمانية، ليتم انتخاب أتاتورك كأول رئيس لتركيا ويستمر الاحتفال بيوم الجمهورية منذ عام 1925.
وجاء تأسيس الجمهورية التي أنهكتها الحرب، كنهايةٍ لأكثر من عقدٍ من العنف في البلاد.
وكان أتاتورك هو الزعيم الفعلي لتركيا، أو ما تبقى منها بعد هزيمة الإمبراطورية العثمانية في الحرب العالمية الأولى، وهو الذي قاد حرب الاستقلال ضد القوى الغازية. ومن خلال إنشاء حكومةٍ بديلة في أنقرة، بعيداً عن العاصمة العثمانية التي حاولت القوات الأجنبية احتلالها، سعى أتاتورك إلى إنشاء نظام جديد.
وبعبارة "أيها السادة، سنعلن الجمهورية غداً!" أخبر أتاتورك دائرته المقربة قبل يوم واحد من الإعلان في 29 أكتوبر/تشرين الأول 1923. وأعقب ذلك تصويت في الجمعية الوطنية الكبرى لتركيا، وتم انتخاب أتاتورك أول رئيس للجمهورية عن طريق التصويت بالإجماع. وبالنظر إلى إرث النظام شبه البرلماني في السنوات الأخيرة للإمبراطورية العثمانية، أدخلت الجمهورية الجديدة ديمقراطيةً أوسع إلى البلاد، وتم الترحيب بأتاتورك باعتباره رجل الدولة العظيم الذي يعود إليه الفضل في إعادة بناء بلد مدمر بقيمٍ جديدة.