تركيا تسعى لإعادة استخدام مياه الصرف الصحي بنسبة 15% وسط الأزمة العالمية

ديلي صباح ووكالات
اسطنبول
نشر في 18.09.2023 19:04
مبادرات لمعالجة ندرة المياه من خلال إعادة استخدام مياه الصرف الصحي، إسطنبول، تركيا، 14 سبتمبر 2023. Shutterstock مبادرات لمعالجة ندرة المياه من خلال إعادة استخدام مياه الصرف الصحي، إسطنبول، تركيا، 14 سبتمبر 2023. (Shutterstock)

في مواجهة أزمة المياه العالمية التي يغذيها التحضر وانبعاثات الغازات الدفيئة وتغير المناخ والتصنيع، تقود وزارة البيئة والعمران وتغير المناخ في تركيا مبادراتٍ لمعالجة ندرة المياه من خلال إعادة استخدام مياه الصرف الصحي. وقد أسفرت هذه الجهود بالفعل عن نتائج مهمة، حيث تجاوزت البلاد هدفها البالغ 5% لإعادة استخدام مياه الصرف الصحي المعالجة لعام 2023 في النصف الأول من العام، لتصل إلى نسبة مذهلة بلغت 5.2%. وتهدف الوزارة الآن إلى رفع هذا المعدل إلى 15% بحلول عام 2030.

ومع تضاؤل الموارد المائية على مستوى العالم، يزداد اختلال التوازن بين العرض والطلب، ما يشكل تهديداً متزايداً لندرة المياه. وتلعب معالجة مياه الصرف الصحي دوراً محورياً في التخفيف من الأثر البيئي للمياه المستخدمة وضمان الاستخدام المستدام للموارد المائية.

وبحسب إحصاءات المياه والصرف الصحي التي نشرها معهد الإحصاء التركي عام 2020، تم تصريف ما يقرب من 15.3 مليار متر مكعب من مياه الصرف الصحي، بما في ذلك 9.5 مليار متر مكعب من مياه التبريد، مباشرة في البيئة، من قبل البلديات والقرى وأماكن عمل الصناعات التحويلية والطاقة الحرارية كالمصانع والمناطق الصناعية المنظمة ومؤسسات التعدين.

ولتشجيع إعادة استخدام مياه الصرف الصحي، تقدم الوزارة حوافز مالية، بما في ذلك استرداد ما يصل إلى 50% من فواتير الكهرباء، إلى مرافق المعالجة. وبعد تعديلات قانون البيئة رقم 2872، تمت زيادة معدل الاسترداد تدريجياً إلى 100% للمؤسسات التي تستخدم تقنيات معالجة متقدمة، وتحقق معدلات إعادة استخدام محددة.

وأكد البروفيسور سنان أويانيك المحاضر في كلية الهندسة والعلوم الطبيعية بجامعة بورصة التقنية، على أهمية إعادة استخدام مياه الصرف الصحي في حماية الموارد المائية والحفاظ على المياه ومنع التلوث الساحلي. وأشار أيضاً إلى أن إعادة الاستخدام يمكن أن توفر موارد إضافية، خاصة في المناطق التي تعاني من انخفاض هطول الأمطار ونقص المياه.

وفي حين تعتبر تحلية مياه البحر طريقةً بديلة، فإنها تتطلب مدخلات كبيرة من الطاقة، ما يجعل تنقية مياه الصرف الصحي حلاً أكثر ملاءمة للبيئة. وتعتبر سنغافورة وهي دولة تعاني من شح المياه، مثالاً عالميا لتنقية مياه الصرف الصحي وإعادة استخدامها من خلال برنامجها المبتكر "NEWater" حيث تقوم البلاد بجمع وتنقية مياه الصرف الصحي، وتوفيرها للسكان للاستهلاك، وإعادة تدوير 40% من إمدادات المياه في المدينة بشكل فعال.

هذا وقد بدأت الحكومة الإسبانية محاولات شبيهة، حيث تقوم مرافق معالجة مياه الصرف الصحي، مثل منشأة معالجة مياه الصرف الصحي في لوبريغات في برشلونة، بتحويل مياه الصرف الصحي إلى مياه نقية تستخدم للأغراض البيئية والزراعة والصناعة.

وفي تركيا، تكتسب إعادة استخدام مياه الصرف الصحي اهتماماً كبيراً أيضاً. ومن الجدير بالذكر أن محطة كولار لمعالجة مياه الصرف الصحي في كوجالي تعمل على تنقية المياه لاستخدامها من قبل مصفاة النفط توبراش، بعد معالجة متقدمة. وبالإضافة إلى ذلك، تتم في المنطقة الصناعية المنظمة في غبزة، معالجة وإعادة استخدام مياه الصرف الصحي الناتجة عن صناعة السيارات، ما يضمن مصدراً موثوقاً للمياه عالية الجودة للعمليات الصناعية.

وبينما تواجه تركيا ضغوطاً مائية، أكد أويانيك على أهمية إعادة استخدام مياه الصرف الصحي في مناطق مثل قونية وبوردور، حيث ينتشر الجفاف. كما دعا إلى فرض ضوابط أكثر صرامة على استخراج المياه الجوفية، مسلطاً الضوء على ضرورة حماية هذه الموارد المائية الاستراتيجية.

وتؤكد رحلة تركيا نحو تعزيز إعادة استخدام مياه الصرف الصحي، على الدور الحاسم الذي تلعبه الإدارة المسؤولة للمياه في معالجة أزمة المياه العالمية. ومن خلال سعي تركيا لتحقيق أهدافها الطموحة لعام 2030، فإنها تتحول إلى مثالٍ ملهمٍ للإدارة البيئية الاستباقية.