معلوم أن ضحايا الزلزال بحاجة للشعور بأنهم ليسوا وحدهم وأن هناك من يساعدهم، كما أن على فرق الإنقاذ التحلي بأعصاب هادئة لتقليل الأخطاء أثناء جهود الإنقاذ.
في مقابلة مع الأناضول، قال البروفسور التركي في الطب النفسي نوزت تارهان، وهو أيضا رئيس جامعة أوسكودار في إسطنبول، قدم خلالها مجموعة نصائح للتعامل مع العالقين ومَن يخرجون من تحت الأنقاض، إن هذا "الزلزال له تأثير كبير على الجميع، فالناس الذين عايشوا الزلزال مع المباني المنهارة، داهمهم ذلك وسط الشتاء".
وأوضح: "الضحايا العالقون لهم أقرباء ينتظرونهم، وهناك من يحفر لساعات طويلة لإنقاذهم دون انتظار فرق الإنقاذ المحترفة، ومن المهم في هذه الحالات مساهمة فرق المتطوعين في عمليات الإنقاذ".
** الصدمة الأولى
تارهان شدد على ضرورة التعرف على نفسية الشخص الذي يتعرض للزلزال ونفسية وتصرفات أقربائه.
وأوضح أن "الأشخاص العالقين يعانون في البداية من صدمة وحالة خوف، والدماغ ينتقل إلى حالة الدفاع، مثلما يكون هناك كسر في اليد فلا يحرك الجسد اليد كرد فعل من الجسم".
وخلال الصدمة، كما أضاف "يكون الدماغ في حالة ذهول بالنسبة للعاقلين وغيرهم، وهو تصرف من الدماغ وقتها يجعل الجسم عاجزا عن الشعور، ومع تجاوز الصدمة يبدأ الشخص بالشعور بآلامه بعد أيام".
** نصائح نفسية
وللتعامل مع المتضررين من الزلزال قدم تارهان مجموعة نصائح:
- يجب أن يشعر العالقون تحت الأنقاض بأنهم ليسوا وحدهم، يجب أن يشعروا بوجود مَن يساعدهم ويمنحهم الثقة والأمان، وعندها تخف آلامهم.
- على المنقذين أن يتعاملوا بشكل صحيح مع العالقين من خلال محاولة إفهامهم الحادثة التي وقعت.
- التعامل مع المصابين بحسب معتقداتهم وعاداتهم في منطقتهم للتخفيف عنهم.
- عدم مساءلة المصابين في هذه المرحلة بما يشابه محاكمة القدر، فهذا يعمق آلام العالقين والضحايا حتى وإن توافرت النية الحسنة، فكلما سمع المصابون بهذه المحاسبة كلما زادت آلامهم.
- البقاء بجانب المصابين ومسك أيديهم يعطيهم الأمان.
- عدم إجبار المصابين على الحديث، فهذا يؤدي إلى نتائج عكسية.
- عند إنقاذ أطفال لا يجب إبعادهم فورا من المنطقة، فبالنسبة لهم الأهم رابط الأمان وهو الأب والأم. يجب أن يعيشوا الألم معا، فغموض مصير الوالدين يدخل أطفالهما في صدمة.
- فرق الإنقاذ المحترفة يجب أن تتلقى تدريبا نفسيا للتعامل مع الحالات والمفاجآت ويجب أن يكونوا مستعدين، ولكن في النهاية هم بشر يسمعون إستغاثات ويتأثرون.. هذا طبيعي.
- البشر لا يتحكمون في الكوارث الطبيعية، لكن بعد حدوثها يمكن التحكم بالمرحلة التالية، ولذلك يجب أن يعرف المنقذ حدود إمكانيته، وألا يعتقد أن لديه إمكانيات خارقة، فهذا ربما يؤدي إلى انهياره.
ومن لا يمتلك الخبرة عليه ألا يدخل في أمور خطرة، ويجب أن تكون الأعصاب هادئة حتى لا تحدث أخطاء أكثر خلال الأزمات.
وتحتاج إدارة الأزمة إلى مهارة في ضبط الأعصاب حتى يستطيع المنقذ فهم الطرف الآخر ومساعدته، فالتعاطف وحده قد يكون نقطة ضعف.
** تدريب الأطفال على الصدمات
ومشددا على ضرورة إعداد المجتمع منذ الطفولة لمواجهة الأزمات، قال تارهان إنه "يجب عدم إخفاء الحقائق عن الأطفال وجعلهم يطلعون على كل شيء، فالصدمات جزء من الجغرافيا ويجب مواجهة ذلك وإيجاد الحلول، وهي فرصة لتعليم الأطفال".
وأضاف: "منذ قبل المدرسة، يجب تعليم الطفل حقيقة مصاعب الحياة المحتملة، ما يساعده على تعلم كيفية مواجهتها دون أن يكون ضعيفا".
أما مَن هم في سن المراهقة وأكبر فيجب، بحسب تارهان، يجب "تعليمهم مساعدة ومعاونة الوالدين وسبل التعامل في زمن الأزمات".
وختم بالتشديد على أن "الصدمات الاجتماعية تقوي العلاقات الاجتماعية وتساعد على النضوج النفسي الاجتماعي، والمجتمع الذي يستطيع تجاوز أزماته الاجتماعية يكون أكثر قوة، والأمل كفيل بتجاوز الصدمات".