"ألطون" يبشر بتركيا أكثر ديمقراطية وازدهاراً بفضل الإصلاحات الجديدة

ديلي صباح
إسطنبول
نشر في 24.11.2020 21:40
آخر تحديث في 24.11.2020 23:38
ألطون يبشر بتركيا أكثر ديمقراطية وازدهاراً بفضل الإصلاحات الجديدة

قال مدير دائرة الاتصال بالرئاسة التركية "فخر الدين ألطون" إن إصلاحات النظام القانوني والديمقراطية والحريات والاقتصاد تهدف إلى تركيا أكثر ازدهاراً وانفتاحاً وقوةً.

وفي معرض حديث خاص لصحيفة ديلي صباح، تحدث "ألطون" بالتفصيل عن مجموعة الإصلاحات الجديدة في تركيا مع تأكيد أن الفترة الجديدة هي في الواقع استمرار لنهضة البلاد في جميع المجالات على مدار الـ 18 عاماً الماضية.

وقال إن تركيا تدخل مرحلة جديدة في مجالات الاقتصاد والقضاء والخدمات الاجتماعية، حيث أعطى الرئيس رجب طيب أردوغان الإشارات الأولى لذلك في 11 نوفمبر الجاري خلال خطابه أمام البرلمان. وأكد أن هذه الإصلاحات واللوائح تتعلق بمناخ الاستثمار في تركيا والتشريعات المتعلقة به والمدعومة بنظام قضائي فعال. وأشار إلى أن هذه الاستراتيجية ستستند إلى الاستقرار وخفض التضخم والاستثمار الدولي. كما ستتناول الفترة الجديدة للإصلاحات، المجالات الهامة لحقوق الإنسان والنظام القضائي. واستشهد "ألطون" برؤية الرئيس حول توازن البلاد الذي تتكامل فيه الحريات والأمن جنباً إلى جنب. مشيراً إلى أن تركيا ستقوم خلال هذه الفترة أيضاً بوضع اللمسات الأخيرة على خطة عمل حقوق الإنسان مع تعزيز أساس السلطة العامة التي تحمي الحريات.

وقال:"لقد مرّت بلادنا بفترة ذهبية دامت 18 عاماً، حققت فيها الحركة السياسية لرئيسنا وكوادره نجاحاً كبيراً. واتُّخذت في هذه الفترة خطوات هامة جعلت تركيا أكثر نشاطاً على الساحة الإقليمية والدولية، وعلى صعيد تعزيز رفاهية الشعب أيضاً. كذلك رفعت هذه الإنجازات المعايير والتوقعات في تركيا. ويعمل رئيسنا باستمرار على وضع معايير أعلى للديمقراطية والرفاهية والأمن القومي".

وأوضح "ألطون" الانتصارات الحيوية التي حققتها تركيا في خطواتها نحو التحول الديمقراطي وإصلاحات الاتحاد الأوروبي والتعديلات الدستورية في الوقت الذي بقيت فيه محافظة على هدفها الأساسي في الانتقال إلى مستقبل من الازدهار والحرية والأمن.

وقال ملخّصاً مرحلة الاصلاح الجديدة: "نحن نرى الديمقراطية عملية مستمرةً لا تنتهي أبداً. فعندما تشكل التطورات الجديدة تهديدات لحرياتنا، نحاول إجراء إصلاحات جديدة وبناء نظام يحميها".

لا تناقض بين الحريات والأمن

وحول حقيقة أن مفهومي الحرية والأمن ليسا متناقضين بالنسبة إلى تركيا، قال "ألطون": "نحن لا ننظر إلى هذه المفاهيم على أنها متضاربة أبداً، ولكنها في نظرنا مبادئ تكمل بعضها بعضا. لأن الإرهاب لا يستهدف حياتنا فحسب، بل حرياتنا أيضاً".

ومضى يقول: "إن حرمان الناس من حرياتهم من أجل أمن الدولة لا يوفر الأمان ولا يمكن أن يكون حلاً مستداماً" مشيراً إلى أن تركيا لهذا السبب بالذات تركز بشكل كبير على الإصلاح القضائي.

وأضاف:"إن حرية الشعب وسيادة القانون هما جزء من أمن الأمة".

وأشار "ألطون" إلى أنه "في السنوات القليلة الماضية، حاربت تركيا ثلاثة تنظيمات إرهابية خطيرة ووحشية وماكرة" مضيفاً أنها نفذت في هذا الصدد عمليات عسكرية لتأمين حدودها البرية، كما اتخذت إجراءات حاسمة للحفاظ على حدودها البحرية. في إشارة إلى استراتيجية "الوطن الأزرق".

وقال:"لقد رأينا نموذجاً عن النظام الشمولي الذي حاول تنظيم بي كا كا الإرهابي ترسيخه في سوريا، وهو بالطبع يمثل القوى الإمبريالية ويحمل الطابع الماركسي اللينيني. وبالمثل، فإن النموذج الوحشي والدموي الذي حاول تنظيم داعش الإرهابي إنشاءه معروف لدى الجميع. كذلك فإن تنظيم غولن الإرهابي كان سيقود تركيا إلى نظام حكم استبدادي لو نجحت محاولة الانقلاب الفاشلة في 15 يوليو/ تموز".

وأشار "ألطون" إلى أن تركيا احتلت منصب الريادة في مجال المساعدات الإنسانية وهي إلى الآن تستضيف ملايين اللاجئين.

وقال:"برزت تركيا كرائدة في مجال المساعدات الإنسانية الدولية في العقد الماضي. حيث أظهرت أحدث الأرقام الصادرة عن إحدى منظمات التنمية الدولية المستقلة في يوليو/ تموز، أن أنقرة شكلت في العام الماضي أكثر من 25% من إجمالي المساعدات الإنسانية العالمية. وأصبحت الدولة الأكثر إنفاقاً على المساعدات الإنسانية منذ ثلاث سنوات أي منذ عام 2017، وفقاً لتقرير المساعدة الإنسانية العالمية من أجل التنمية".

مشدداً على أن البلاد تستضيف أكبر عدد من اللاجئين في العالم بنحو 4 ملايين لاجئ، منهم حوالي 3.6 ملايين لاجئ سوري يعيش في تركيا.

وقال "ألطون" إن تركيا "حاولت بدقة الحفاظ على سلامة الناس من خلال إرساء مبادئ العدالة والديمقراطية" بعد محاولة الانقلاب في 15 يوليو 2016 ، وأن أنقرة قاتلت في الوقت ذاته تنظيمي بي كا كا وداعش الإرهابيين.

الاقتصاد في حقبة ما بعد كوفيد-19

وفي حديثه عن الإصلاحات الحالية للاقتصاد، قال "ألطون" إن تركيا حريصة على النظر في الفرص المتاحة في حقبة ما بعد كوفيد-19. وإن الاقتصاد التركي لم يمر بأزمة كبيرة خلال الجائحة، لأن القرارات والخطوات الصحيحة اتُّخذت في فترة كان العالم يعاني فيها صعوبات أثناء الوباء. وأضاف أن البلاد تستعد في الفترة المقبلة للاستفادة من الفرص الاقتصادية العالمية الجديدة بعد انقضاء الوباء، من خلال اتخاذ التدابير اللازمة. وقال:"نحن نستعد لتنفيذ إصلاحات هيكلية، مع مراعاة التنقل الجغرافي الاقتصادي في العالم".

وأوضح "ألطون" أن تركيا تقع في قلب العديد من التيارات الاقتصادية النشطة مثل طرق التجارة وخطوط الطاقة وغيرها، في وقت اكتسب فيه الاقتصاد الجغرافي أهمية كبيرة.

وأكد مدير الاتصالات أن تركيا تهدف إلى رفع مستويات المعيشة والازدهار لشعبها في هذه الفترة، بالرغم من القرارات الصعبة التي يتعين اتخاذها.

وقال:"ستكون مكافحة التضخم ضرورة قصوى في عملية الإصلاح. إلى جانب ذلك، تعتبر زيادة صادرات التجارة الخارجية من بين أهم أهدافنا" مشيراً إلى أن البلاد اتخذت الخطوات اللازمة للقيام باستثمارات جذابة في الوقت الذي يعاد فيه تشكيل سلاسل التوريد العالمية. وتابع أنه نتيجة لذلك، من المتوقع أن ترتفع أرقام الصادرات في الفترة المقبلة، وهو أمر مهم أيضاً للتوظيف، مذكّراً أن غالبية سكان تركيا من فئة الشباب الحيوية.

وحول المزيد من الإصلاحات الهيكلية، قال "ألطون" إن البنك المركزي سيستمر في منح الثقة اللازمة لسوق المال في هذه الفترة بينما من المتوقع اتباع سياسة نقدية أكثر توازناً وأماناً للمستثمرين.

وذكر أيضاً أن الخطوات المتخذة في مجال الطاقة، وخاصة استكشاف الطاقة في البحر الأسود، ستعزز الميزانية وستزيد من حجم التجارة الخارجية.

مستقبل العلاقات بين تركيا والاتحاد الأوروبي

أوضح "ألطون" أن تركيا قامت في الأسابيع القليلة الماضية كجزء من المرحلة الجديدة، بإرسال رسائل لإحياء التحالفات.

وقال الرئيس أردوغان يوم السبت إن تركيا "ترى نفسها في أوروبا وتسعى لبناء مستقبلها في القارة".

كما أشار الرئيس خلال خطاب له عبر الإنترنت أمام مؤتمرات حزب العدالة والتنمية في العديد من الولايات، إلى أن تركيا تريد تعزيز تعاونها مع حلفائها، قائلاً إن أنقرة ليس لديها مشاكل عقيمة لا يمكن حلها بالطرق الدبلوماسية والحوار مع أيٍ من الدول.

وقال "ألطون":"يتعين على الاتحاد الأوروبي أن يتغلب على المأزق الذي يواجهه بشأن تركيا في ضوء المصالح المشتركة طويلة الأجل ودون أي تمييز". وأكد أن الخطوة الكبيرة التالية لاقتصاد الاتحاد الأوروبي وسياساته البينية وسياساته الخارجية ستكون العضوية الكاملة لتركيا في هذه المنظمة، مشيراً إلى أن الرئيس ركز على عملية الانضمام إلى الاتحاد الأوروبي منذ البداية.

وأشار إلى أن تطورات مهمة فيما يتعلق بالاتحاد الأوروبي حدثت منذ عام 2002 ، عندما تولى حزب العدالة والتنمية السلطة، في حين تم قبول حزم الإصلاح الأكثر أهمية في هذه الفترة.

وأوضح أن تركيا واحدة من الدول ذات التاريخ الأطول في شراكتها وفي عملية التفاوض مع الاتحاد. وكانت البلاد قد وقعت اتفاقية شراكة مع الاتحاد الأوروبي في عام 1964، والتي تعتبر عادة خطوة أولى لتصبح مرشحاً للعضوية في النهاية. وعندما تقدمت تركيا بالترشيح الرسمي عام 1987، كان عليها أن تنتظر حتى عام 1999 كي تُمنح لقب دولة "مرشحة". وبحسب ما ورد كان على تركيا أن تستكمل اللوائح الخاصة بستة فصول أخرى، بما فيها مكافحة الإرهاب.

ومع ذلك، وبالرغم من جهود تركيا، فقد تحولت عملية انضمامها إلى الاتحاد الأوروبي إلى طريق مسدود، بسبب العديد من الإجراءات المخيبة للآمال من جانب الاتحاد الأوروبي، لا سيما عندما يتعلق الأمر باحترام مخاوف أنقرة المتعلقة بالأمن القومي.

وفي هذا الصدد قال "ألطون": "بعد الانقسامات الداخلية في أوروبا وخروج المملكة المتحدة من الكتلة ومناقشات دستور الاتحاد الأوروبي وزيادة كراهية الأجانب والحركات اليمينية المتطرفة، تعطلت عملية الانضمام، مما خلق خيبة أمل بين شرائح من الشعب التركي" مشيراً إلى أن نفس الفترة التي تلكأ فيها الاتحاد الأوروبي، أظهرت مدى أهمية أنقرة بالنسبة إلى بروكسل في قضايا مثل أزمة الهجرة ومكافحة الإرهاب.

وشدد "ألطون" كذلك على أن دور الاتحاد الأوروبي قد جاء الآن لإظهار حسن النية بعد تصريحات أردوغان الأسبوع الماضي، وأن التهديدات بفرض عقوبات ستكون محفوفة بالمخاطر وستضر بالعلاقات الثنائية.

لافتاً إلى أن القادة الأوروبيين سيناقشون مستقبل العلاقات بين تركيا والاتحاد الأوروبي والخلافات حول شرق البحر المتوسط، في قمتهم الشهر المقبل.

ومن المعروف أن اليونان عارضت بدعم من فرنسا، استكشاف تركيا للطاقة في شرق البحر المتوسط ، في محاولة منها لضم المناطق البحرية التركية بناءً على وجود جزر صغيرة لها بالقرب من الساحل التركي.

وأرسلت أنقرة سفن حفر للتنقيب عن الطاقة ضمن جرفها القاري، لأن لتركيا ولجمهورية شمال قبرص التركية، حقوقا في المنطقة أيضاً.

ولطالما دعت تركيا إلى الحوار للحد من التوترات ولضمان التقاسم العادل لموارد المنطقة.