بعد قضاء عدة أشهر في الحجر المنزلي، يسعى الكثير من الناس للخروج إلى الطبيعة والتنزه والمشي لمسافات طويلة. ويأتي قرار تركيا إنشاء 19 متنزها طبيعياً كواحد من الأخبار المبشرة نظراً لحاجة الناس إلى مساحات خضراء يستلقون فيها بأحضان الطبيعة بعد تراجع حدة الوباء.
ليس بمقدور أحد منا أن ينكر مدى التغيير الذي سببه الفيروس المستجد للعادات وطرق الحياة القديمة في جميع أنحاء العالم. ومن المجالات التي تأثرت بشدة صناعة السياحة والسفر وكذلك البيئة والمناخ. كما جاء الابتعاد عن الطبيعة والمتنزهات كأحد أكبر الجوانب السلبية لهذا الوباء مقابل اختيار العزل الذاتي في المنزل من أجل الصحة العامة.
ومع بداية التخفيف التدريجي للتدابير في تركيا، راح المواطنون يفكرون ببطء في وضع خطط للسفر والعطلات. ووفقاً للمدير العام للغابات "بكر قارجه بيه"، فإن الأنشطة التي تعتمد على الطبيعة ستجذب بالتأكيد اهتماماً أكثر من ذي قبل، بسبب طول عمليات الإغلاق وحظر التجول وامتدادها لفترات طويلة.
وقال "قارجه بيه": "إن فترة الحجر الصحي التي مررنا بها بسبب الوباء ستزيد من اهتمام الناس بالسياحة البيئية في الموسم المقبل" مشيراً إلى أنهم يعملون على إنشاء 19 متنزهاً طبيعياً في جميع أنحاء تركيا تضم مسارات للمشي وركوب الدراجات بطول إجمالي يبلغ 350 كيلومتراً، بالإضافة إلى الحدائق ومناطق الاستجمام.
وقد اكتسبت السياحة البيئية في السنوات الأخيرة المزيد من الاهتمام في جميع أنحاء العالم بسبب أزمة المناخ وزيادة الوعي بها، نظراً لأن هذا النوع من السياحة يحمي البيئة ويعزز موارد الشركات السياحية المحلية معاً. وتعمل مديرية الغابات في تركيا على توسيع هذا الفرع السياحي الهام منذ عام 2011 كونه يساعد على استيعاب شريحة كبيرة من الناس الذين تتراوح أعمارهم بين 7 و 77 عاماً وتشجيعهم على قضاء المزيد من الوقت في الطبيعة، بالإضافة إلى استكشاف الميزات الجغرافية الفريدة للبلاد.
وقال "قارجه بيه" إن المديرية وضعت خطة عمل "السياحة البيئية" لزيادة الوعي حول الغابات والطبيعة ومساهمتها في حياة القرويين والسكان المحليين وسبل عيشهم. وتتضمن الخطة إنجاز 110 مشروعاً على مساحة تقدر بـ 2500 كيلومتر مربع في جميع محافظات تركيا الـ81، بحلول نهاية عام 2024.
وأضاف: "لقد بقي المواطنون في منازلهم لأكثر من شهرين حتى الآن، مما يعكس مثابرتهم الكبيرة وحسن التزامهم"، مشدداً على صعوبة العزلة المنزلية بشكل خاص بالنسبة لمحبي الطبيعة وهم كثر. ووصف "قارجه بيه" مشاريع المناطق الخضراء
بأنها طريقة "لتجديد روح الإنسان".
ومن المقرر أن تنتشر المناطق الخضراء الـ19 في جميع أنحاء البلاد، من صقاريا وبورصة وإسطنبول إلى أضنة وزونغولداك وإسكي شهير، وغيرها.
وفي ولاية إزمير خُصص متنزه "نظر كوي" كمساحة خضراء تضم طرقاً ومسارات ومناطق سياحية في أحضان الطبيعة بطول 25 كيلومتراً في منطقة "كمال باشا". ويمكن لزوار المتنزه مشاهدة الآثار الحثية التي ترجع إلى 3000 عام والتعمق في الغابة الخضراء الرائعة.
كما تعد منطقة "كافاكاراسي" للسياحة البيئية في ولاية "موغلا" في تركيا واحدة من المتنزهات المخطط لها، وستتضمن مسارات للمشي وركوب الدراجات بطول 16 كيلومتراً. وتضم المنطقة أيضاً الغابة الأولى والوحيدة في العالم لأشجار الصمغ التي اشتهرت بنموها في هذه المنطقة منذ أكثر من 65 مليون سنة، وهي تحيط ببحيرة "كويجيغيز" الهادئة.
كذلك سيستمتع الزوار بمتنزه "ميدان يايلاسي" للسياحة البيئية في منطقة "ألاداغ" في ولاية أضنة، من خلال التنزه في الغابة بمسارات يبلغ طولها 19 كيلومتراً.
ومن المنتزهات الطبيعية الأخرى التي سيتم فتحها قريباً متنزه في شمال شرق ولاية "آرتفين"، ويضم واحداً من أطول المسارات في تركيا، وآخر في أكبر جزر الأميرات "بيوك أدا" في إسطنبول، وآخر في ولاية كوتاهية ودنيزلي وترمال يالاوا وأنطاليا وكهرمان مرعش وأماسيا.