في تركيا.. زراعة الطماطم على أنغام الموسيقى

ديلي صباح
إسطنبول
نشر في 24.12.2019 13:33
في تركيا.. زراعة الطماطم على أنغام الموسيقى

بالقرب من ولاية "تيكرداغ" الواقعة شمال غرب تركيا، تعمل مؤسسة عائلية منذ أكثر من 30 عاماً على ابتكار طريقة مستدامة لإنتاج الطماطم الخالية من الهرمونات، والمزروعة بشكل طبيعي بالكامل، ابتداءاً من استخدام ألياف جوز الهند بدل التربة، إلى بث أنغام الموسيقى العذبة التي تحاكي ذبذبات التواصل مع النبات لجعله يشعر بالمحبة والرضا.

صحيفة ديلي صباح أجرت لقاء مطولاً مع " محمود جان" صاحب المؤسسة، وتحدث معه عن بدايات فكرة الزراعة البيولوجية وتطورها، إضافة إلى تنوع المجالات التي تضمها المؤسسة.

ترجع قصة منشأة "أغروجان" العائلية، التي تجمع بين مجالات الطاقة والمنسوجات والمنتجات العضوية الطازجة، إلى ثمانينيات القرن الماضي، عندما أقامت العائلة مصنعاً للنسيج راح ينمو باطراد متسارع مما جعل الطلب على الطاقة يزداد مع الوقت. لذلك قامت الشركة ببناء وحدة توليد مشترك بقوة 5.5 ميغاواط، ساعدت في تخفيف العبء عن الشبكة الوطنية بتوفير نوعين من الطاقة هما طاقة الكهرباء وطاقة البخار، التي تحولت فيما بعد إلى مصدر لتسخين البيوت الزجاجية عبر أنابيب خاصة بغرض الاستفادة من الحرارة المهدورة في إنتاج المزروعات.

وفي حديثه عن إنشاء أول بيت زجاجي للمزروعات قال "جان": "بعد إجراء أبحاث الجدوى مع المهندسين والخبراء، رأينا أن ذلك ممكن، مما جعلنا متحمسين للغاية".

وأضاف أن السنة الأولى من تنفيذ المشروع، شهدت بناء أول بيت زجاجي بمساحة 50.000 متر مربع، وفي العام التالي، تم بناء بيت زجاجي ثاني بنفس المساحة. لكن الأمور تطورت وسارت بشكل ممتاز، لذا قرر "جان" وشركاؤه إضافة بيت زجاجي ثالث لإنبات البذور والشتلات، بمساحة 11.000 متر مربع.

وأوضح "جان" أن أكثر من 150 عاملأ يقومون بالعناية بالنباتات وتوفير جميع احتياجاتها، بينما يعمل 10 مهندسين تم اختيارهم بعناية وتلقوا أفضل تدريب، للتأكد من أن جميع العمليات تتم بطريقة صحيحة. كما أشار إلى أن التدريبات التي تلقاها المهندسون والعمال كانت شاملة وعلى درجة كبيرة من الاحترافية بدءاً من التعرف على أنواع الحساسية التي قد تتعرض لها النباتات، إلى كيفية استخدام مقصات الحصاد، وحتى كيفية التحدث إلى نباتات الطماطم، حيث أثبتت الأبحاث أن أي صوت، بما في ذلك الموسيقى، يمكن أن يساعد في تعزيز نمو النبات.

في معرض تعليقه على موضوع تأثير الأصوات على النباتات، قال "جان": "نحن نتعامل مع كائنات حية. وإذا تمكنا من إدراك الذبذبات الصادرة منها، يمكننا عندئذٍ التحدث إليها والتواصل معها. النباتات تتواصل من خلال أوراقها وسيقانها وألوانها. إنها تستجيب للإنسان. لكننا أولاً وقبل كل شيء علينا أن نتعلم لغتها".

وقال "لهذا السبب نجعل مزروعاتنا تستمع إلى الموسيقى"، مضيفاً أن هذه النصيحة القيمة قدمها لهم أستاذ هولندي متخصص.

يذكر أن بيوت الشركة الزجاجية مصنوعة بالكامل من الزجاج وهي مجهزة بأحدث التقنيات المتاحة في تركيا وعموم أوروبا. ويتلقى القائمون عليها باستمرار، بيانات حول الطقس من جميع محطات الأرصاد الجوية، مدعومةً ببرامج يديرها الحاسوب، حتى يتمكن المهندسون من إجراء التغييرات اللازمة على البيئة الداخلية لهذه البيوت لتحقيق النمو الأمثل.

وتنتج الشركة حوالي 5000 إلى 6000 طن من الطماطم في السنة. وبفضل النظام الآلي المحوسب بالكامل، يمكن للمهندسين تتبع أصول كل حبة طماطم على حدة، وصولاً إلى الشتلات الرئيسية التي جاءت منها، وكذلك يمكن للعملاء أن يفعلوا ذلك بفضل الرموز التعريفية الموضوعة على صناديق تعبئة الطماطم.

يشار إلى أن البيوت الزجاجية "أغروجان"، هي أيضاً أول بيوت زراعية مضاءة بشكل اصطناعي في تركيا، كما تعتمد على ألياف مستخرجة من قشرة جوز الهند الداخلية لزراعة النباتات داخلها بدل التربة ما من شأنه إنتاج نباتات عضوية خالية تماماً من المبيدات أو بقايا المواد الكيميائية.

كذلك تولي المؤسسة أهمية خاصة لمراقبة الجودة، حيث تمر الطماطم بعمليات تدقيق متعددة الخطوات، تُقسم الثمار بعدها إلى جودة من الدرجة الأولى والثانية. وتنهج المؤسسة نهج "النفايات الصفرية" الذي خطته السيدة الأولى، بما في ذلك أقسام التعبئة والتغليف التي تستخدم مواد طبيعية كالورق المقوى المصنوع من السيليلوز. بالإضافة إلى تحويل بقايا النباتات إلى سماد عضوى غني بالمعادن الضرورية للتربة.