تركت "آن أورورك" وراءها أبناءها الثلاثة وزوجها في أيرلندا، لتسافر مسافة 4000 كيلومتر، وتصل إلى تركيا، للمساعدة في تخفيف معاناة الأطفال اللاجئين.
وقالت "أورورك: "على الرغم من أنني غير قادرة على محو التجربة المروعة من عقولهم بالكامل، إلا أنني أبذل جهداً لمساعدتهم على التغلب على هذه الصدمة والمضي قدماً في حياتهم".
بعد تأثرها الشديد بمآسي اللاجئين السوريين الذين فروا من ويلات الحرب الأهلية الوحشية، ذهبت "أورورك" أولاً إلى اليونان. ومع ذلك، شعرت بالذهول عندما رأت أن اللاجئين الذين وصلوا هناك، مرحب بهم بالرصاص المطاطي والغاز المسيل للدموع. أدى فزعها من مشاهدة الإجراءات التي اتخذتها قوات الأمن اليونانية ضد اللاجئين، إلى تغيير مسارها إلى ولاية إزمير/غرب تركيا .
بميزانية محدودة، استأجرت "أورورك" مصنع أحذية سابقا، وحولته إلى مركز اجتماعي، يقدم خدمات اجتماعية متنوعة، ويُطلق عليه اسم " فريق المساعدة الدولية للتكامل". انضم العشرات من المتطوعين المتأثرين بما فعلته "أورورك" إليها، من بلدان مختلفة. وراحوا يعملون لتمكين اللاجئين السوريين ومساعدتهم على إيجاد طريقهم في المجتمع التركي.
يمكن للاجئين من الأطفال، الاستمتاع بملعب الأطفال، والمراكز الرياضية، وورش العمل للخياطة، والأعمال اليدوية، والفنية، ومراكز إعادة التأهيل، والخدمات بعد المدرسة، في هذا المركز الاجتماعي. وبفضله أيضاً، صار بإمكان 160 لاجئا، تناول الطعام يومياً، بينما يستطيع 49 طفلاً أصيبوا بالشلل بسبب المصادمات، تلقي العلاج الطبيعي، وإعادة التأهيل، من الخبراء الذين يتطوعون هناك. كما أتاح المركز فرصة الوصول إلى اللاجئين السوريين، الذين أصيبوا بالصدمة جراء الحرب، من خلال خدمات استشارات وسائل التواصل الاجتماعي التي يقدمها. كذلك يقدم المركز مساعدته للاجئين في حياتهم اليومية، بدءاً من العثور على وظائف، وحتى تسجيل الأطفال في المدارس.
وحول الخدمات المقدمة للأطفال اللاجئين، قالت "أورورك" إن المعلمين الأتراك يقومون بتقديم دورات إضافية في مادة اللغة التركية، للاجئين السوريين، الذين قد يجدون صعوبة في فهم اللغة.
وقالت "أورورك": "إننا ندعو الطلاب الأتراك لقضاء وقتهم هنا. يتعلم الأطفال اللغة التركية بشكل أسرع بهذه الطريقة. لا يوجد تمييز بين الأطفال الأتراك والأطفال السوريين".
وأكدت على وجود دورات موجهة نحو تعليم المهارات للاجئين لاسيما النساء منهم، وذكرت أن النساء المشاركات في هذه الدورات يمكن أن يجدن وظائف بسهولة ويكسبن.
وقالت "أورورك" إنها نظراً إلى توسع مركزها يوماً بعد يوم، فهي بحاجة إلى مزيد من الدعم والمتطوعين.
وفيما يتعلق بهذه المسألة، قالت "بيرفين آيدار"، إحدى المتطوعات في المركز: "إننا نشهد قدراً هائلاً من المعاناة. ومع ذلك، ورغم كل هذا الحزن، نرى أيضاً لاجئين يجدون طريقاً للبسمة والفرح. هم بذلك يعلموننا أن نبقى أقوياء".
وأوضحت "آيدار" أن المركز ليس له أي انتماء ديني أو سياسي. وقالت: "لدينا متطوعون من العديد من البلدان المختلفة. هذا المركز مفتوح لجميع المحتاجين. الباب مفتوح أيضاً لجميع الذين يرغبون في الدعم".
أثقلت الحرب في سوريا المجاورة، تركيا، التي واجهت التحديات الناجمة عن الأزمة المستمرة، باتباع سياسة الباب المفتوح. حيث استقبلت تركيا تدفقاً مستمراً من السوريين النازحين الذين فرّوا من النزاع، مع زيادة أعداد اللاجئين من مجرد آلاف إلى أكثر من 3.5 مليون، وهي بذلك العدد تصدرت قائمة الدول المضيفة للاجئين.
ما يقرب من 1.6 مليون من اللاجئين السوريين هم من الأطفال في تركيا، وقد ولد نحو 300 ألف طفل سوري في تركيا منذ عام 2011. وبهدف تلبية احتياجات اللاجئين، أنفقت البلاد أكثر من 32 مليار دولار من مواردها الوطنية. إلى جانب تلبية احتياجاتهم الأساسية، تركز أنقرة على توفير التعليم للأطفال اللاجئين، كي لا يتحولوا إلى "جيل ضائع"، وتجهيزهم لإعادة بناء بلادهم في المستقبل.
ونظراً إلى عدم وجود نهاية تلوح في الأفق لهذه الحرب، الأمر الذي دفع اللاجئين إلى التفكير في إقامة أطول مما خططوا، تبذل تركيا جهوداً من أجل الاندماج الاجتماعي والاقتصادي للاجئين، داخل البلاد.