يقف آخر آثار المعماري التركي الشهير سنان، جامع قورشونلي بمدينة قيصري التركية، متحديًا الزمن ومحافظًا حتى اليوم على ألقه وبهائه.
بُني جامع قورشونلي في مدينة قيصري، مسقط رأس المعماري التركي الشهير سنان (1489 - 1588)، وعاش في أوج العصر الذهبي للعمارة العثمانية.
قدم المعماري سنان مساهمات جليلة لفن العمارة الإنسانية، إبّان عمله كرئيس للمعماريين في الدولة العثمانية خلال حكم السلاطين سليم الأول (ياوُز) وسليمان الأول (القانوني) وسليم الثاني ومراد الثالث.
ولا يزال آخر أعمال المعماري سنان، جامع قورشونلي شامخا وسط مدينة قيصري، رغم مرور نحو أربعة قرون ونصف على بنائه.
وقال ممثل وقف حماية البيئة والقيم الثقافية في قيصري، البروفيسور الدكتور عثمان أوزصوي، إن المعماري سنان كان بالفعل شخصًا مميزًا ومهندسًا معماريًا فريدًا تجاوزت شهرته حدود الدولة العثمانية.
وأضاف أوزصوي أن عبقرية سنان المعمارية تتجلى بشكل واضح في أسلوب بناء جامعي السليمية (أدرنة) والسليمانية (إسطنبول)، اللذين بناهما عندما كان رئيسا للمعماريين في الدولة العثمانية.
وتابع: "لقد شيَّد المعماري سنان صروحًا مهمة في مختلف مناطق الدولة العثمانية، لا سيما في ولاية قيصري، حيث بنى في قرية "آغيرناس" التي ولد فيها بولاية قيصري سبيلين لا تزال المياه تتدفق فيهما حتى يومنا هذا".
ولفت إلى أن المعماري بنى بمدينة قيصري حمامًا باسم حسين بك، وجامع الحاج عثمان باشا، وجامع قورشونلي، ومسجدًا بين برج الساعة ودار الحكومة وسط قيصري.
وأضاف أن جامع قورشونلي بالنسبة لسكان مدينة قيصري هو بمثابة جامعي السليمية بالنسبة لسكان أدرنة والسليمانية لسكان إسطنبول، لا سيما أن الجامع الذي تم بناؤه ما بين عامي 1585 و1586 ميلادية، يخطف الألباب بجماله ومتانة صنعه ومقاومته للزلازل وظروف الطقس القاسية.
وأوضح أوزصوي، أن جامع قورشونلي بني وفقًا لفن العمارة الكلاسيكية بأبوابٍ واسعة تعلوها مقرنصات، وقال: "بوابة الجامع مصنوعة من قطعة رخامية واحدة، كما أن المنبر والمحراب أيضًا مصنوعان من الرخام، فيما تعلو الجامع قبة كبيرة واحدة تحيط بها القباب الصغيرة".
وتابع أوزصوي: "عندما ننظر إلى الأعمدة المبنية على الطراز العثماني الكلاسيكي والتي تحمل الجامع، نجد أنها لا تزال محافظة على قوتها ومتانتها، فيما لا تزال تيجانها محافظة على روعة مقرنصاتها".
وحول أصل تسمية الجامع بالجامع الرصاصي (وهو معنى كلمة قورشونلي التركية) قال أوزصوي: أحد أهم الأسباب التي دفعت الناس لتسمية هذا الجامع بالجامع الرصاصي (قورشونلي) هو تغليف قباب هذا الجامع بالرصاص المتكون من قطع واحدة.
واستطرد قائلًا: "إضافة إلى ذلك؛ فإن الرصاص الذي يغلف قباب الجامع يصدر عنه بريق رصاصي دفع الناس لتسمية الجامع بالجامع الرصاصي (قورشونلي)".
وأضاف أوزصوي أن جامع قورشونلي ليس عبارة عن جامع وحسب، بل يمتلك مرافق أخرى تتبع له، مثل التكية ودار ضيافة للفقراء تحتوي على مطبخ للطعام يتكون من 14 موقدًا، ومدرسة، فهو في الواقع كلية متكاملة تقدم خدمات تعليمية واجتماعية وخيرية.