اختلال المعايير.. استياء واسع من أخلاقيات الإعلام الغربي في تغطية تفجير أنقرة

أثارت تغطية وسائل الإعلام الأوروبية لتفجير أنقرة الإرهابي، الذي وقع الأحد، استياء الكثير من المتابعين خاصة من ممثلي وسائل الإعلام الموجهة للمسلمين في أوروبا، نتيجة نشر بعض الصور واللقطات التي تحتوي على مشاهد مؤلمة في مشهد مكرر من الإعلام الغربي الذي امتنع عن نشر أي صورة من هجمات باريس العام الماضي.
وأعادت تلك التغطية إلى الواجهة النقاش حول المعايير الأخلاقية في وسائل الإعلام الغربية، ومدى التزامها بها أثناء التعامل مع أحداث الشرق الأوسط، ومقارنتها مع الهجمات الإرهابية وأعمال العنف التي تقع في أوروبا.
ويرى الكثير من الإعلاميين أن نشر صور ومشاهد تظهر ضحايا الأعمال الإرهابية أمر يتنافى مع أخلاقيات الإعلام، فيما يرى آخرون أنه لا بد من نشر تلك الصور من أجل إظهار وحشية الإرهاب.
وفي لقاء مع الأناضول، اعتبر عزام التميمي، رئيس تحرير قناة الحوار الفضائية ومقرها لندن، أن وسائل الإعلام الغربية تتعامل بشكل متحيز مع الهجمات الإرهابية التي تقع في تركيا والعالم الإسلامي.
وأعرب التميمي عن رأيه في أن وسائل الإعلام الغربية تدقق كثيراً لدى تعاملها مع الأخبار المحلية لأنها تعلم أنه يمكن مقاضاتها على خلفية طريقة تعاملها مع تلك الأخبار، إلا أنها لا تظهر الاهتمام نفسه لدى تعاملها مع الأخبار الخارجية لأن أحداً لن يقاضيها جراء ذلك.
ويرى التميمي أن الإعلام الغربي يتعامل بمعايير ازدواجية عند تعريفه للمنظمات الإرهابية، إذ يعتبر داعش تهديداً في حين يعتبر منظمة بي كا كا وامتداداتها جهة مشروعة، بل قد يعتبر عناصرها مقاتلون من أجل الحرية.
بدوره اعتبر رئيس تحرير صحيفة "مسلم نيوز"، أحمد فرسي، في حوار مع الأناضول، أن الإعلام الغربي تناول تفجير أنقرة باعتباره حدثاً محلياً، في حين كان سيفرد مساحة أكبر لتغطيته لو كان داعش هو من يقف ورائه.
وقال المدير العام لقناة فرانس 24، مارك صيقلي، في لقاء مع الأناضول، إن "كرامة الإنسان" أهم ما يجب أن تركز عليه وسائل الإعلام، وبالتالي لا تقوم قناته بنشر لقطات تنتهك كرامة الإنسان.
وأعرب صيقلي عن رأيه في أن اللقطات التي تظهر أشخاصاً يبكون بحرقة أو أشخاصاً ملقون على الأرض وهم غارقون في دمائهم ليست ذات فائدة، إذ هدف الإعلام ليس إظهار الدماء المسالة وليس هناك شك في كون الهجمات الإرهابية مميتة.
ورداً على من يقولون إن على وسائل الإعلام أن تظهر كل ما يحدث، تساءل صيقلي "لو كان بين القتلى زوجة أحد هؤلاء أو طفله، هل يرغب في رؤيته غارقاً في دمائه على الشاشة؟".
وبخصوص من يقولون إنه في حال لم تنشر وسائل الإعلام تلك الصور ستنشرها وسائل التواصل الاجتماعي، اعتبر صيقلي أن من يلجأ لوسائل التواصل الاجتماعي لمشاهدة تلك الصور يفعل ذلك بخياره الشخصي، إلا أن على وسائل الإعلام مسؤولية إيصال المعلومة لجمهورها.
وتعبيراً عن وجهة نظر مغايرة، أعرب المدير المسؤول عن وكالة AGI الإيطالية، روبيرتو إياديتشيككو في حوار مع الأناضول، عن اعتقاده بضرورة نشر اللقطات التي تظهر الوضع بعد الهجمات الإرهابية من أجل إظهار بشاعة الإرهاب وتوحيد الناس ضده، مشيرا أن القنوات التلفزيونية تصل إلى أعداد أكبر من الناس مقارنة بمواقع الإنترنت، وبالتالي يكون لها تأثير أكبر.
ولفت إياديتشيككو أن وكالته نشرت لقطات تفجير أنقرة كما وصلتها من مراسليها في تركيا، معتبراً أن على وسائل الإعلام بث الحقيقة كما هي، وضارباً المثل بالتأثير الكبير الذي أحدثته صورة جثة الطفل السوري إيلان الراقدة على الشاطئ التركي حيث غرق خلال محاولة مجموعة من اللاجئين التسلل إلى أوروبا من تركيا عبر بحر إيجة.
ولدى سؤاله عن سبب عدم تعامل وكالته بالمثل مع الهجمات الإرهابية التي شهدتها باريس في نوفمبر/ تشرين ثاني الماضي، قال إياديتشيككو إن الوكالة لم تتمكن من الحصول على صور مشابهة من مواقع هجمات باريس بسبب الحظر الذي فرضه المسؤولون الفرنسيون.
واعتبر إياديتشيككو أن فرض حظر إعلامي في أعقاب الهجمات الإرهابية لا يتعارض مع حرية الصحافة، لذا في حال لم ترغب السلطات التركية في نشر صور ما بعد التفجير الإرهابي، لا يمكن الاعتراض على ذلك بالقول إن تركيا تعيق حرية الصحافة.

Bu web sitesinde çerezler kullanılmaktadır.

İnternet sitemizin düzgün çalışması, kişiselleştirilmiş reklam deneyimi, internet sitemizi optimize edebilmemiz, ziyaret tercihlerinizi hatırlayabilmemiz için veri politikasındaki amaçlarla sınırlı ve mevzuata uygun şekilde çerez konumlandırmaktayız.

"Tamam" ı tıklayarak, çerezlerin yerleştirilmesine izin vermektesiniz.