المطبخ النيبالي في إسطنبول.. نكهات وروائح من الشرق البعيد
- ديلي صباح ووكالات, اسطنبول
- Oct 05, 2023
علاوة على أن مدينة إسطنبول مدينة عالمية يقصدها ملايين الأشخاص من جميع أنحاء العالم، فإنها تعمل كبوتقة تنصهر فيها الثقافات حيث عالم الطهي النابض بالحياة عنصراً قوياً بالتعبير عنها، والذي يمكّن المرء من تذوق الطعام خارج أي حدود صنعها الإنسان على الإطلاق، كما تمثّل إسطنبول تقريباً مائدة العالم.
ومن خلال التنقل في فسيفساءٍ من الأذواق، يمكن للزائر أن يقع في إسطنبول على عالمٍ غير متوقعٍ من النكهات مثل المطعم النيبالي الساحر الذي يقع قرب ساحة تقسيم التي تمثل قلب المدينة النابض.
وتتنوع لائحة الطعام في المطعم النيبالي بشكل واسع حيث تجد "دجاج مومو" بالفلفل الحار، وهو طبق نيبالي تقليدي مقلي بنكهات حلوة وحامضة، وكذلك "القوبي" أو القرنبيط اللذيذ و"دال فراي" وهو العدس بالكاري المفضل في جميع أنحاء المنطقة.
وحول مشروعه الجديد قال راجان يونجون، مالك المطعم الذي بدا مبتهجاً، إن الأمر أكثر بكثير من مجرد الطعام الذي يجذب الناس إلى المكان.
وأضاف الرجل البالغ من العمر 45 عاماً من مدينة داران في نيبال، وهو يتحدث عن رحلته من موظفٍ حكوميٍ إلى صاحب مطعمٍ محبوب: "أنا من الجزء الشمالي الشرقي من نيبال". موضحاً أنه جاء إلى إسطنبول كطالب عام 2010، لكن جمال المدينة ودفء الناس الذين التقى بهم جعلوه يبقى.
وأضاف:"لقد عدت إلى بلدي، ولكنني رجعت إلى إسطنبول مرةً أخرى... فتركيا جميلة جداً والشعب التركي متعاون للغاية. وقال: "نحن في تركيا ونيبال نتقاسم نفس المناخ تقريباً".
"جئت إلى هنا وقررت البقاء هنا، وبالطبع، كان علي أن أفعل شيئًا ما".
وأوضح يونجون أن المطبخ النيبالي تطور على مر القرون، متأثراً بالحضارات التي مرت على البلاد ولكنه يتميز بمزيج خاص به من الأعشاب والتوابل.
"لطالما كان المطبخ النيبالي فريداً عبر التاريخ. وهو متأثر بالطعام الهندي والتبتي، لكننا طورنا ثقافتنا الغذائية الخاصة، مع الحفاظ على تلك التأثيرات".
"الطعام النيبالي والهندي متشابهان تقريباً، ربما بنسبة 80%، لكن الطعام الهندي غني بالتوابل بينما طعامنا يتضمن المزيد من الأعشاب. وهذا هو الفرق".
وأضاف أن هناك أوجه تشابه بين المطبخين التركي والنيبالي أيضاً من حيث المكونات، لكن الفرق يكمن في "التوابل والأعشاب وطريقة التحضير".
وبفضل قاعدة عملائه المتنوعة، يعد مطعم يونجون Yonjonنموذجاً مصغراً للحياة في إسطنبول.
وأكد يونجون: "حوالي 30% من زبائني هم من السكان المحليين من تركيا، وحوالي 20% من الهنود... والبقية من نيبال وأستراليا وكندا والولايات المتحدة، ومن كل مكان".
وأشار إلى أن جزءاً كبيراً من هذه الشعبية يتعلق بكيفية تعامله هو وموظفيه مع رواد المطعم. وقال:
"عندما يدخلون إلى المطعم، أكون هناك لأطمئنهم أنهم في المكان الصحيح. وأقول لهم أنهم سيكونون سعداء مهما تكن الأطباق التي اختاروها من القائمة".
"وعندما يتناولون اللقمة الأولى، أستطيع أن أرى السعادة والبهجة التي يمنحها لهم طعامي".
وهناك شيء آخر يفخر به يونجون بشكل خاص وهو حقيقة أن حوالي 20 أو أكثر من زبائنه الأتراك كانوا مفتونين بالطعام لدرجة أنهم سافروا بالفعل إلى نيبال.
وقال بابتسامة مشرقة: "هذا المطعم هو المكان الذي يجتمع فيه أشخاص من بلدانٍ مختلفة وأديانٍ مختلفة ومجتمعاتٍ ولغاتٍ مختلفة ويصبحون أصدقاء".
وأضاف أن هذا المطعم يسد الفجوات بين الناس والثقافات.
وطن بعيد عن الوطن
مطعم يونجون بالنسبة للمغتربين النيباليين في إسطنبول، المكان الصغير الذي يمكنهم أن يشعروا فيه وكأنهم في وطنهم.
وتوفر رائحة الطعام النيبالي، الراحة لأولئك الذين قد يشعرون ببعض الحنين إلى الوطن، وبعض العزاء والألفة مع نكهات موطنهم الأصلي.
"عندما يأتي النيباليون من الولايات المتحدة أو المملكة المتحدة إلى مطعمي، يشعرون وكأن هذا هو وطنهم. كما لو كانوا في بلدهم ويتناولون طعام أمهاتهم".
رغم أن يونجون يرفض بكل تواضع فكرة أن يكون سفيراً ثقافياً من نوع ما، إلا أنه يريد أن يكون مطعمه نافذة على نيبال وثقافتها.
"أريد أن أُروّج لنيبال في كافة أنحاء العالم وأريد أن يرى الناس ويتذوقوا الطعام النيبالي. كما أريد أن أظهر لهم أن الشعب النيبالي لطيف أيضاً وأن أعرّفهم على الثقافة النيبالية. وبالطبع أريد أن أكون جزءاً من إسطنبول".
وفي مدينة تزدهر فيها جميع أنواع الثقافات، يقف مطعم يونجون كدليل إثباتٍ على كون الطعام يمثل لغةً عالميةً، حيث يجمع الناس من جميع أطراف الحياة حول طاولةٍ من النكهات والقصص المشتركة.
وهو أيضاً يذكّر بحقيقة أن الطعام والمأكولات، يمكن أن تكون شرارةً تدفع المرء إلى رحلةٍ نحو ركنٍ آخر من العالم.