تضم منطقة ميلاس في ولاية موغلا التركية، بعضاً من أهم المواقع الأثرية في المنطقة الجنوبية الغربية للبلاد، ما يجعل الوصول إليها أمراً مشوقاً وممتعاً عند قضاء العطلة في بودروم والمناطق المجاورة
ومؤخراً خفتت الأضواء قليلاً عن ميلاس/موغلا بالرغم من وجود مطار بودروم الدولي القريب، وتحولت إلى منطقة أقل شهرةً مما كانت عليه من قبل، لذلك يهدف هذا المقال إلى التعريف بالمواقع الأثرية الرائعة التي تدعوك لزيارتها قبل انقضاء الصيف.
مع تراث يمتد إلى الحضارة الكارية القديمة والعصور الوسطى، تضم ميلاس 27 موقعاً أثرياً تستحق الزيارة، بما في ذلك ضريح هيكاتومنوس القريب، والذي تم تصنيفه كموقع مؤقت للتراث العالمي لليونسكو.
ومن المثير للاهتمام أن هذا الموقع الذي يعود تاريخه إلى أوائل القرن الرابع قبل الميلاد، يستضيف جدار تيمينوس ومنصة وعموداً وتابوتاً، وحتى زمن قريب لم يكن ضمن قائمة أفضل 5 مواقع يمكن رؤيتها في ميلاس، لكن مدى ثراء هذه المنطقة من تركيا بالآثار والتاريخ شجع عشاق الآثار للقيام بزيارات متكررة لهذه الأماكن الهامة وتسليط الضوء عليها من جديد.
وفي الوقت نفسه، تفتخر بودروم أيضاً بضريح هاليكارناسوس الذي غالباً ما يتم تجاهله، وهو يعد أحد عجائب الدنيا السبع في العالم القديم. وبالرغم من أن هذا الموقع يستحق الزيارة، إلا أن جذبه راح يتضاءل مقارنةً ببعض البلدات والمجمعات القديمة التي يمكن أن تفتح الباب للخيال لتصور كيف كانت الحياة في العصور القديمة. وبدمج هذه الأحاسيس مع درجات الحرارة الباردة قليلاً، يمكن للزائر الانغماس بسهولةٍ في التاريخ والمتعة معاً. لذلك، سواء كنت تزور بودروم أو مارماريس أو ديديم أو حتى داتشا، فإن القيام برحلةٍ أثريةٍ إلى ميلاس هو شيء يستحق التخطيط له.
وهذه مجموعة مختارة من أفضل 5 مواقع قديمة تستحق الزيارة في ميلاس:
أسوس Iassos
أسوس هي مدينة يونانية ورومانية قديمة تقع في شبه جزيرة بودروم، بجوار مطار بودروم مباشرةً وليست بعيدةً عن ميلاس. وتتميز المدينة بأسوارٍ قديمة وأغوارٍ محفوظةٍ جيداً وحماماتٍ رومانية ومسرحٍ هلينستي. وتشتهر بموقعها الخلاب على طول الساحل، وهي مدينة هادئة يشار إليها أيضاً باسم Kıyıkışlacık وبها مطاعم أسماك محلية.
ونظراً لقربها من مركز بودروم بحوالي ساعة قيادة تقريباً بالسيارة، أوصي بالتخطيط للمغامرة من خلال رحلة إلى وادي أويوكو وكهوف إنجيرلين، التي تضم عشرات الكهوف الموجودة في الغابة العميقة، ما يجعلها مكاناً ممتازاً لقضاء استراحة في الطبيعة، كما يضم وادي أويوكو أيضاً مطعماً يمكنه أن يكون نقطة التوقف المثالية في رحلتك.
ستراتونيكيا Stratonikeia
تُعرف ستراتونيكيا أيضاً باسم "مدينة الحب الأبدي"، وهي مدينة كاريّة قديمة تقع على بعد 30 كيلومتراً من ميلاس باتجاه موغلا. وتشتهر مدينة ستراتونيكيا بأهميتها التاريخية وهندستها المعمارية الرائعة، وتفتخر بمبانيها المحفوظة جيداً، بما في ذلك المسرح والحمامات الرومانية والمقبرة. كما يُشار إليها على أنها مدينة أثرية حية لاحتوائها على العديد من الأقسام المحفوظة جيداً، وهي تضم أيضاً بقايا واحدة من أكبر صالات الألعاب الرياضية في العالم.
وتظهر القائمة المؤقتة لمواقع التراث العالمي لليونسكو، أنه لا يزال يتم حالياً اكتشاف مئات القطع الأثرية من الموقع في الحفريات المستمرة في ستراتونيكيا، والتي يمكن أن تكون محطة التوقف المريحة والمسلية فيها هي زيارة مطعم "بينار باشي" Pınarbasi، الذي يبعد بضعة كيلومترات فقط باتجاه Yatağan، ولكنه يقع في منطقة غابات بها ينابيع جبلية وطاولات منتشرة لخدمة الزوار الذين يأتون بوجباتهم الخاصة. والمكان رائع لتبليل القدمين والتبرد والاسترخاء على أنغام المياه المتدفقة أثناء تناول العشاء مع العروض التركية الكلاسيكية
لابروندا Labraunda
على الرغم من أنها بالتأكيد بعيدة جداً عن الطرق المكتظة، إلا أن لابراوندا تعد أيضاً واحدةً من أهم المواقع الأثرية في منطقة ميلاس. وقد كانت ملاذاً قديماً مخصصاً للإله الكاري زيوس لابراوندوس، ويحتوي الموقع على معبدٍ وأغوارٍ ومدرج والعديد من الآثار الأخرى. ويعود تاريخها إلى عام 600 قبل الميلاد، وتشتهر لابراوندا بهندستها المعمارية القديمة المحفوظة جيداً ومعبد زيوس الخاص بها، كما تتمتع بإطلالاتٍ خلابةٍ لغروب الشمس من قمة التل .
ويمكن أيضاً أن تكون الزائر الوحيد لهذا الموقع الذي يقع مدخله عبر طريق ناءٍ، على بعد ما يزيد قليلاً عن ساعة بالسيارة من بودروم.
وتسمى محطة التوقف الأكثر شعبية على الطريق باسم Durmuş'un Yeri وتقع في حديقةٍ عشبيةٍ وتقدم المأكولات التركية التقليدية. وتعد لابروندا مكاناً شهيراً للنزهة لسكان ميلاس، وهي تضم منطقة لعب صاخبة للأطفال وقد ينتهي الأمر بزيارة المنشدين المتجولين إلى طاولتك.
هيراكليا/لاتموس Heraclea by Latmus
وتقع في قرية Kapıkırı الحالية قبالة شاطئ بحيرة Bafa، وهي موقع أثري مذهل حقاً في منطقة تتميز بتنوع النباتات والحيوانات.
ويحتوي الموقع على أطلال مدينة قديمة، بما في ذلك المسرح والأغوار وبقايا المعبد، وتحتوي التكوينات الصخرية الفريدة على لوحات صخرية. ويمكن إقران النزهة إلى هذا الموقع بيومٍ مخصصٍ للاستمتاع بالبحيرة والمدينة معاً، وهي وجهة سياحية شهيرة، بالإضافة للاستمتاع بتناول وجبة شهية من فطائر الصاج المسماة "غوزلمة"، في اثنين من المطاعم التي تقع على طول البحيرة مباشرة.
بتشين Beçin
وتشتهر هذه المدينة الكارية القديمة، التي تقع خارج ميلاس مباشرةً، بقلعتها الرائعة وحصنها المحفوظ جيداً وأسوار المدينة التي تعرض الهندسة المعمارية لمستوطنات البايل التركية المبكرة. وتشمل الآثار مسجداً وكنيسةً وحماماتٍ وبقايا مباني سكنية.
وقد زارها كل من الرحالتين ابن بطوطة وأولياء جلبي، كما أن المدينة التي تعود للقرون الوسطى مدرجة أيضاً في القائمة المؤقتة لليونسكو للتراث العالمي الثقافي. ويحتوي الموقع أيضاً على بقايا من العصر الهلنستي، بما في ذلك معبد من القرن الرابع.
ويمكن الجمع بين زيارة هذا الموقع ورحلةٍ إلى متحف ميلاس القريب لعلم الآثار والإثنوغرافيا، والذي يعد مصدراً قيماً للمهتمين بتاريخ المنطقة وآثارها. ويضم المتحف مجموعة من القطع الأثرية، من منحوتاتٍ ونقوشٍ وفخارياتٍ وعناصر من مواقع أثرية مختلفة.
وتقدم هذه المواقع الأثرية في ميلاس وما حولها لمحةً عن التاريخ الغني للمنطقة، والذي يمتد من الفترات اليونانية والرومانية القديمة إلى الحضارات اللاحقة، ويوفر استكشاف هذه المواقع فرصةً فريدةً للتعرف على التراث الثقافي والتاريخي لجنوب غرب تركيا.